خطأ إمكانية استبدال قوات عربية بقوات أمريكا

ما يقرب من ٦ سنوات فى الموجز

 
المقال - ترجمة: أميرة جبر عن «واشنطن بوست»
هل تريد أمريكا أن يتولى الحلفاء دور الشرطى العالمى بينما تركز هى على المخاوف المحلية؟
فى واشنطن الأفكار السيئة أبدًا لا تموت بل ببساطة يُعاد إحياؤها من قبَل إدارة أخرى ليس لديها أدنى فكرة أنه تم اختبارها فى المقام الأول.فى عام ٢٠٠٣ كان لدى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، فكرة نيرة بأن يطلب من الدول المسلمة تقديم قوات لحماية المواقع المقدسة فى العراق، غافلًا عن حقيقة أن الجنود السُّنة لن يرحب بهم من قبَل شيعة العراق.
وعاد رامسفيلد إلى الفكرة فى عام ٢٠٠٥ فكتب إلى الرئيس جورج بوش الابن، قائلًا: «أعتقد أنه ينبغى علينا السعى جديًّا وراء فكرة وحدة عسكرية مسلمة فى العراق»، حيث يكون الهدف «فى النهاية تقديم العون لقوات الولايات المتحدة وقوات التحالف الأخرى». وزعم رامسفيلد أن السعوديين والقطريين داعمون للفكرة، ولكن مرة أخرى لم ينتج عنها شىء، فالدول العربية لم تكن لديها القدرة أو الإرادة للتورط فى عملية مكافحة تمرد مكلفة.وبالانتقال إلى هذا الأسبوع سنجد أن جريدة «وول ستريت جورنال» أفادت أن إدارة ترامب تطلب من مصر والسعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة المساهمة بالمال والقوات من أجل استقرار شرق سوريا، حتى تتمكن الولايات المتحدة من سحب وحدتها العسكرية البالغ عددها ٢٠٠٠ من القوات. ويتماشى ذلك مع تعليق الرئيس ترامب بـ«إننا سنخرج من سوريا قريبًا جدًّا، ولندع الآخرين يعتنون بها الآن».
وتعكس تلك الكلمات نظرة ترامب إلى العالم بأكمله، فقد زعم لعقود أن الولايات المتحدة حصلت على «صفقة سيئة» من حلفائها وأنه قد حان الوقت لأن يقوموا بالمزيد وأن تقوم الولايات المتحدة بالأقل. على سبيل المثال يرهب الدول الأوروبية لزيادة «مساهماتها» للناتو، ويزعم أن زيادة إنفاقها على الدفاع بفضله مع أنها فى الواقع رد على الخطر الروسى المتنامى.
وسيكون من الرائع أن نعيش فى عالم حيث يتولَّى حلفاء أمريكا دورها الشرطى العالمى، ونستطيع نحن التركيز حصريًّا على المخاوف المحلية. سيكون أيضًا من الرائع أن نعيش فى عالم حيث تستطيع التهام الوجبات السريعة دون ممارسة أية رياضة أبدًا ولا تجنى ١٠٠ كيلوجرام فى وزنك.
ولكن هذا ليس العالم الذى نعيش فيه، ففى العالم الحقيقى لا تزال الولايات المتحدة كما قالت مادلين أولبرايت عام ١٩٩٨ «الدولة التى لا يمكن الاستغناء عنها». وتستطيع الولايات المتحدة «لىّ ذراع» الدول الأخرى للمساعدة فى المهمات العسكرية، لكن فقط كملحق للقوات الأمريكية وليس بديلًا عنها.
ولنتأمل سوريا، فهل هناك أية إشارة على أن دول مثل مصر والسعودية الإمارات مستعدة أو قادرة على تولِّى الدور الذى لعبته القوات الأمريكية فى هزيمة الدولة الإسلامية من خلال العمل مع الميليشيا العربية الكردية المعروفة باسم قوات سوريا الديمقراطية؟ بالكاد. إن السعوديين والإماراتيين يغوصون فى مستنقع اليمن وعليه لا يملكون قوات فعالة، إلى حد أنهم يعتمدون على مرتزقة أجانب للقتال حتى فى الدول المجاورة. إن الجيش المصرى مشغول بمقاتلة تمرد إسلامى متنامٍ فى شبه جزيرة سيناء، ويحاول احتواء الفوضى فى ليبيا المجاورة.
وقد رفض المصريون مطالب السعودية بإرسال قوات إلى اليمن على الرغم من أن الرياض داعم مالى رئيسى لنظام عبد الفتاح السيسى. ولدى المصريين حافز أقل للمساهمة بقوات فى سوريا، نظرًا لتقرُّب السيسى من فلاديمير بوتين وبشار الأسد. وكما يشير أورسن كيسلر، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فإن القاهرة «تنسِّق» سياستها فى سوريا (مع تحالف دمشق- موسكو) لأنها «تدعم نظام بشار الأسد»، وإرسال قوات لاحتلال شرق سوريا بالكاد سيكون خطوة داعمة للأسد، لأنه سيبقى الثلث الشرقى من البلاد -بما فى ذلك احتياطات البلاد من النفط- خارج سيطرته.
إن السعوديين ضد الأسد -فقد دعموا المعارضة بما فى ذلك الجماعات الجهادية حسبما أفادت التقارير- ولكن حتى السعوديين يخلصون الآن إلى أن «بشار باقٍ» كما قال ولى العهد محمد بن سلمان مؤخرًا. كما يقلق السعوديون، الذين يديرون دولة اصطناعية بأقلية شيعية مضطربة فى المحافظات الشرقية، من أية محاولة لإعادة رسم الخريطة الحالية للشرق الأوسط. وعليه من الصعب تخيل إرسالهم قوات حتى إن كانت لديهم قوات فعالة، والتى لا يملكونها.آسف سيدى الرئيس، فلا يوجد بين أولئك الحلفاء العرب مَن يستطيع القيام بما تقوم به القوات الأمريكية. ولا تأتى القوات الأمريكية فحسب بضربات مدمرة ضد العدو -سواء أكان من مقاتلى الدولة الإسلامية أم من المرتزقة الروسيين- بل تساعد أيضًا قوات سوريا الديمقراطية على تأسيس دولة عاملة. وقد نتصور مساهمة العرب ولكن فقط إذا بقيت الولايات المتحدة لتقود، فما من إله سيأتى من السماء لينقذ الموقف: إما تبقى أمريكا على قواتها فى سوريا وإما تخاطر بإعادة إحياء الدولة الإسلامية وبتمدد القوة الإيرانية، فلن يؤدى لنا حلفاؤنا عملنا.

شارك الخبر على