في ذكرى إبادة الأرمن.. وثائق جديدة توجه ضربة لتركيا

أكثر من ٧ سنوات فى التحرير

103 أعوام مرت على ذكرى إبادة الأرمن التي أسفرت عن مقتل أكثر من مليون شخص، ولا يزال نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ينكرها ويتنصل من مسئولية الدولة العثمانية حيالها، لكن يبدو أن تجاهل الأخير سيتلاشى مع الإعلان عن وثائق جديدة توثق عملية الإبادة.

أمس، أعلنت الهيئة الوطنية الأرمنية تجهيز ملف وثائق توثق عملية الإبادة، عبر نُسخ أصلية حصل عليها المؤرخ التركي الهارب من ملاحقة النظام التركي "تانر أكتشام"، حسب ملحق أزتاك العربي للشؤون الأرمنية.

الوثائق التي يتحدث عنها أكتشام في كتابه "أوامر القتل"، حملت أوامر صريحة من طلعت باشا أحد أكبر قادة عملية الإبادة، بارتكاب عمليات تهجير وقتل بحق الأرمن، إضافة إلى المراسلات التي تمت مع الموظف البيروقراطي في الديوان العثماني، نعيم أفندي.

وحسب مصادر إعلامية، فإن الوثائق التي حصل عليها المؤرخ التركي في أرشيف مكتبات أمريكية، تم نقلها من القدس بطرق ومواقيت غير معلنة من جانب المؤرخ، وتوضح تسلسل عمليات الإبادة الممنهجة عبر خطابات بين طلعت باشا والباب العالي، وأوامر بتحرك قوات نحو قرى أرمنية لتهجير الأهالي وتدمير الكنائس والأديرة، وملاحقة كبار المفكرين والزعماء الرئيسين لسجنهم ومحاكمتهم.

اقرأ أيضًا: «مذبحة الأرمن».. جرح نازف يتجدد سنويًا 

المصادر ذاتها، أكدت أن الوثائق تتفق مع روايات ووثائق أرمنية سابقة، لكن الوثائق الجديدة توضح عمليات الهجوم والملاحقة عبر أوامر أحد أكبر المسؤولين العثمانيين، وتؤكد عملية اتباع منهج موجه في الإبادة.

المؤرخ الأرمني بارت سركسيان، قال إن الوثائق تضر بالاقتصاد التركي، وقبل كل ذلك فإن كل خطوة لتضييق الخناق للاعتراف بالإبادة، ستكون ضربة لمخطط التتريك الذي انتعش بشكل كبير في حكم رجب طيب أردوغان، حسب إرم نيوز.

سركسيان، أشار إلى أن الاعتراف يهدد الهوية التركية في مناطق الأناضول التي كان معظمها مملوكًا للأرمن قبل وخلال حكم الدولة العثمانية، وعند ارتكاب الإبادة تم طرد الأرمن من أراضيهم ومنازلهم وكنائسهم وأديرتهم، وتم الاستيلاء عليها من الحكومة التركية، وهذه حقوق متوارثة تعود عند الاعتراف.

فالوثائق العثمانية توضح ممارسات الإبادة للأديرة والكنائس، والاستيلاء على الأراضي الخاصة، فضلاً عن مصادرة الأوقاف الأرمنية وعمليات الحجز على الأموال في البنوك بالخارج، لا سيما في ظل التحالف بين الأتراك والألمان بالحرب العالمية الأولى.

اقرأ أيضًا: صور نادرة ومروعة في الذكرى المئوية لمذبحة الأرمن 

بدورها، شددت أستاذة التاريخ المتخصصة بالإبادة الأرمنية في جامعة دمشق الدكتورة نورا أرسيان، على أن الوثائق عثمانية وليست أوروبية، ما يوجه ضربة للإنكار التركي حول حمل دوافع الإبادة، وما تم من مجازر عبر المحاكم العسكرية.

وقالت أرسيان: إن "المجتمع التركي مغيب عن هذه الوثائق والحقائق، ونعمل كمؤسسات أرمنية على تفنيدها لتنضم إلى الملفات التي تحاصر الإنكار التركي أمام المجتمع الدولي"، واصفة الوثائق بـ"زلزال سيكون من المستحيل أن تواصل معه الحكومة التركية الإنكار في المحافل الدولية".

خلاصة القول، أن هذه الوثائق جاءت لتثبت عكس ما كان يروج له المؤرخون، بأن أوامر طلعت باشا ومذكرات نعيم أفندي، خرجت في أوراق رسمية عثمانية.

نبذة تاريخية

بالعودة إلى الوراء قليلًا، نجد أن مذابح الأرمن تعرف باسم "المحرقة الأرمنية" و"المذبحة الأرمنية" أو الجريمة الكبرى، وتشير إلى القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قبل الإمبراطورية العثمانية أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى.

فوفقًا لتقييمات بعض المؤرخين، فإن الإبادة المنتظمة للأرمن بدأت في نهاية القرن التاسع عشر، إذ يدور الحديث عن القتل الجماعي الذي وضع أساسه في أعوام 1894-1895 بهدف تقليص عدد الأرمن في تركيا والقضاء عليهم تماما في المستقبل.

اقرأ أيضًا: البابا فرنسيس من أرمينيا: مذابح الأرمن «إبادة جماعية» 

ويعتبر 24 أبريل عام 1915 رسميا بداية لإبادة الأرمن الجماعية، إذ استمر القتل الجماعي في فترة حكم مصطفى كمال أتاتورك، حتى عام 1922، حين دخلت القوات التركية مدينة إزمير في سبتمبر عام 1922.

ورافقت عملية الاستيلاء على المدينة مجزرة بحق السكان من الأرمن واليونانيين، فحرقت الأحياء الأوروبية للمدينة تماما، واستمرت المجزرة 7 أيام، وتسببت في مقتل نحو 100 ألف شخص.

على جانب آخر، يتفق معظم المؤرخين على أن عدد القتلى من الأرمن تجاوز المليون، غير أن الحكومة التركية وبعض المؤرخين الأتراك يشيرون إلى مقتل 300.000 أرمني فقط.

شارك الخبر على