لماذا لا ترغب إسرائيل وإيران الدخول في حرب؟

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

تتعالى تحذيرات من نشوب صراع بين إسرائيل وإيران، بعد أن شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجومًا صاروخيًا على النظام السوري ردًا على هجوم مزعوم بالأسلحة الكيماوية في مدينة "دوما" السورية، وجاء الهجوم الأمريكي في أعقاب هجوم على منشأة إيرانية في قاعدة جوية سورية، اتهمت إسرائيل بالوقوف خلفه، ما أثار إدانات واسعة من داعمي النظام السوري في موسكو وطهران.

ورغم أن إسرائيل لم تعترف بالمسؤولية عن الهجوم، فإنه يمكن رؤية بصمتها في الحادث، فمنذ عام 2012، يُعتقد أن الإسرائيليين شنوا أكثر من 100 غارة على مواقع يشتبه أنها مرتبطة بالإيرانيين في سوريا، ويقول المسؤولون الإسرائيليون: إن "هذه الإجراءات ضرورية لمنع التهديد الإيراني الدائم على حدودهم، وإعاقة تدفق الأسلحة إلى حزب الله اللبناني".

صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أشارت إلى تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان لإذاعة إسرائيل حينما قال: إنه "بغض النظر عن التكلفة، لن نسمح بأن نكون محاصرين".

وردًا على سؤال حول عما إذا كانت الحرب وشيكة، أفاد ليبرمان "لا أتمنى ذلك، أعتقد أن دورنا الأساسي هو منع الحرب، وهذا يتطلب ردعًا ملموسًا وحقيقيًا بالإضافة إلى الاستعداد للتصرف".

اقرأ المزيد: هل ستهاجم إيران إسرائيل؟

من جانبه، قدَم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تصريحات مماثلة، في مقابلة مع شبكة "سي بي إس نيوز" الأمريكية، الأحد، رغم أنه اتهم الإسرائيليين بتصعيد "التوتر من خلال انتهاك المجال الجوي السوري".

وأضاف "لا أعتقد أننا نتجه نحو حرب إقليمية، لكنني أعتقد أن إسرائيل واصلت انتهاكاتها للقانون الدولي، على أمل أن تكون قادرة على القيام بذلك والإفلات من العقاب بسبب الدعم الأمريكي ومحاولة خلق حجج للتخفي وراءها".

ومع ذلك، حذر ظريف من أن إسرائيل تلعب لعبة خطرة، وقال: "يجب أن يتوقعوا أنهم إذا استمروا في انتهاك سلامة أراضي الدول الأخرى، ستكون هناك عواقب"، مضيفًا أن أسهل إجابة هي وقف هذه الأعمال العدوانية، ووقف هذه الغارات.

لكن الإسرائيليين أوضحوا أن تأسيس وجود إيراني دائم في سوريا يمثل خطًا أحمر، وأشاروا إلى التهديد الجديد الذي تمثله الطائرات بدون طيار الإيرانية التي يحتمل أن تكون ملغمة بالمتفجرات، وتدخل المجال الجوي الإسرائيلي، فضلًا عن التهديد القديم بالصواريخ التي تطلق من جنوب لبنان.

اقرأ المزيد: الجيش الإيراني يعلن موعد نهاية إسرائيل: لن يدخلوا حدودنا

ولفتت الصحيفة إلى عدد من الروايات التي أكدت أن الهجوم الإسرائيلي في الـ9 من أبريل على قاعدة "التيفور" الجوية، أول هجوم مباشر لإسرائيل على معدات وموظفين إيرانيين، وقُتل خلاله أحد كبار القادة في مشروع الطائرات بدون طيار الإيرانية.

ففي الأسبوع الماضي، سرب الجيش الإسرائيلي تفاصيل وصور الأقمار الصناعية التي تشير إلى وجود "سلاح الجو" الإيراني في سوريا، بما في ذلك الطائرات المدنية التي زعموا أنها تنقل شحنات الأسلحة.

ومن وجهة النظر الإيرانية، فإن وجودهم في سوريا هو دفاع شرعي عن حليفهم المحاصر، الرئيس السوري بشار الأسد، وهم يرون أن قدرتهم على تهديد إسرائيل من دولة جارة، يمثل رادعا محتملا ضد عدو إقليمي قديم.

وقال كل من بن هوبارد وديفيد هالبفينجر من صحيفة "نيويورك تايمز": إن "القادة الإسرائيليين كثيرًا ما يهددون بقصف إيران، لذا فإن وجود وكلاء عسكريين أقوياء بالقرب من حدود إسرائيل يمنح إيران بعض الحماية، فإذا هاجمت إسرائيل إيران، فإن تل أبيب تتوقع ردًا مؤلما من حزب الله في لبنان، وربما من ميليشيات أخرى تعمل الآن في سوريا".

تأتي التوترات المتفاقمة في وقت تصاعدت فيه حالة الاستياء داخل الجمهورية الإسلامية، حيث تسبب الاقتصاد المتدهور في انتشار حالة من الإحباط الشعبي من النظام، بل ودفع ذلك الرئيس حسن روحاني، إلى التعبير عن استيائه من المجهود الحربي المكلّف في سوريا.

اقرأ المزيد: إسرائيل تشن حربًا نفسية ضد إيران

لكن احتمال وقوع مواجهة أوسع مع إسرائيل، والأحداث المرتقبة المحتملة بشأن الاتفاق النووي الإيراني، قد تقنع المتشددين في النظام بأن هذا هو الوقت المناسب للتراجع عن مخططاتهم.

وكتب انشل فيفر من صحيفة "التايمز اللندنية": "لقد برزت حرب الظل بعد قرار القيادة الإيرانية بالمضي قدمًا في تنفيذ خطط الحرس الثوري الإيراني لإنشاء قواعد دائمة في سوريا، ولم يكن هذا قرارًا بالإجماع".

وأضاف أن روحاني وتابعيه يؤيدون الاستثمار في الاقتصاد الإيراني المحلي بالأموال الضخمة التي ستنفق على هذه القواعد، لكن الحرس الثوري الإيراني يحظى بقبول الزعيم الأعلى للبلاد، علي خامنئي، وهو حريص على الاستفادة من دعمه لنظام الأسد خلال السنوات السبع الماضية.

إلا أن عاموس القائد السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، أكد أن الطريق مليء بالمخاطر الخفية، قائلًا: إن "إيران مصممة على ترسيخ وجودها في سوريا، وإسرائيل مصممة على منعها".

واقترح يادلين أن تلعب روسيا التي تساعد قواتها في دعم النظام السوري، ويشارك دبلوماسيوها في محادثات مباشرة مع كل من الإيرانيين والإسرائيليين، دورًا حاسمًا، حيث قال: إن "الصراع أمر لا مفر منه ما لم يتدخل بوتين لمنعه، لكن الأحداث الأخيرة تشير إلى أن الروس لديهم تأثير محدود على إيران، وهم أكثر اهتمامًا بتعزيز النظام السوري".

في الوقت نفسه، يبدو أن بعض شخصيات السياسة الخارجية في واشنطن حريصة على السماح لإسرائيل بمواصلة حملتها السرية ضد الإيرانيين، حيث يرون أن الضربات الإسرائيلية ضرورية، في الوقت الذي يريد فيه الرئيس ترامب الانفصال عن الصراع السوري، والاستعانة بمصادر خارجية لدعم استقرار البلاد.

لكن خبراء آخرين يؤكدون أن هذا لا يرقى إلى مستوى استراتيجية حقيقية للتعامل مع هذه القضية، حيث كتبت سوزان مالوني من معهد "بروكينجز" أن هناك مسارا لاحتواء إيران وردعها في سوريا، ولكنه يتطلب أكثر من مجرد رغبة إسرائيل في القيام بالمزيد من الأعمال العدائية في سوريا.

شارك الخبر على