كيف أخطأ ترامب في التعامل مع دعوة «كيم» لعقد قمة مشتركة؟

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

تعامل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع قضية كوريا الشمالية ملئ بالتناقضات، فبعد أن هدد كوريا الشمالية ذات مرة "بالنار والغضب"، وقوله إن وزير خارجيته السابق ريكس تيلرسون "يضيع وقته في محاولة للتفاوض مع رجل الصواريخ الصغير"، منح ترامب، الثلاثاء الماضي، كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية "مباركته" لمناقشة معاهدة السلام بينهم.

كما تفاخر بدخول الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في محادثات "على مستويات عالية جدا"، وبعد ساعات من تصريحاته، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن مدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو، الذي تحدث مرارا عن القضاء على ترسانة كيم من الأسلحة النووية، التقى سرًا مع كيم جونج أون في كوريا الشمالية قبل قمة ترامب المخطط لها مع كيم في وقت لاحق هذا العام.

مجلة "أتلانتيك" الأمريكية، أشارت إلى أن هذه التطورات تبرز كيف تحولت إدارة ترامب من سياسة ركزت بشكل رئيسي على توقيع "أقصى ضغط" على كوريا الشمالية، إلى سياسة تعتمد على تحقيق الحد الأقصى من التفاعل.

اقرأ المزيد: في زيارة سرية.. مدير المخابرات الأمريكية يجتمع مع زعيم كوريا الشمالية

لكنها أظهرت أيضا كيف يبدو أن ترامب يريد أن يحقق أقصى استفادة، أو ينسحب بشكل كامل من المفاوضات حول البرنامج النووي لكوريا الشمالية.

حيث قال الرئيس، يوم الثلاثاء، أثناء اجتماعه مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في منتجع "مارا لاغو" إن "هناك فرصة كبيرة لحل مشكلة عالمية، والتي كان يجب الاهتمام بها منذ سنوات وعقود مضت"، وأضاف إما "سنعقد اجتماعًا جيدًا أو لن نعقد اجتماعًا جيدًا، وربما لن نعقد اجتماعًا على الإطلاق اعتمادًا على ما يجري".

فعندما قبل ترامب، في مارس الماضي، دعوة كيم للاجتماع، تكهن فيكتور تشا الخبير في الشأن الكوري والمرشح السابق لمنصب سفير الولايات المتحدة في كوريا الجنوبية، أن المحادثات يمكن أن تتخذ شكلين.

وقال إن الخيار الأكثر إعتدالًا قد يتضمن رفع الولايات المتحدة العقوبات تدريجيًا عن كوريا الشمالية، وتقديم الوقود والمساعدات الاقتصادية، في المقابل، سيتعين على كوريا الشمالية تجميد تطوير أسلحتها النووية والقذائف بعيدة المدى، وفي النهاية تفكيكها، الأمر الذي يهدد بشكل مباشر الولايات المتحدة.

و لن تضع مثل هذه الصفقة بالضرورة، قيودًا على صواريخ كوريا الشمالية قصيرة المدى، التي يمكن أن تستهدف اليابان وكوريا الجنوبية.

اقرأ المزيد: مستشارو ترامب يحذرون من السقوط في فخ كوريا الشمالية

الخيار الأكثر جرأة، والذي يعتقد "تشا" أنه سوف يروق لترامب، هو الاستغناء عن النهج التدريجي وعملية بناء الثقة في المفاوضات، وبدلا من ذلك "تقديم المزيد من الإغراءات لكوريا الشمالية، بما في ذلك التطبيع الدبلوماسي للعلاقات، وإبرام معاهدة سلام لإنهاء الحرب الكورية"، مقابل تخلي كوريا الشمالية بالكامل عن برنامجها النووي.

وخلال جلسة الاستماع لوزير الخارجية في مجلس الشيوخ، الأسبوع الماضي، أشار بومبيو إلى احتمال اتباع كلا الخيارين، وقال إن أهداف الإدارة في قمة "ترامب وكيم" ستقتصر على القضاء على التهديد النووي لكوريا الشمالية، مشيرًا إلى أن الزعيمين سيسعيان إلى إرساء شروط لاتفاق تتخلى فيه كوريا الشمالية عن ترسانتها النووية.

ومع ذلك، فقد صرح أيضًا بأن الإدارة لن تقدم "مكافآت" إلى كوريا الشمالية حتى تحقق الولايات المتحدة النتيجة المرجوة من المحادثات "بشكل دائم" و "لا رجعة فيه".

في الوقت نفسه، أظهر نفسه اهتماما ضئيلا بالتدابير الصغيرة، قبل الفورة الدبلوماسية الحالية، تخطى ترامب الحدود التي وصل إليها الرؤساء السابقين في فرض العقوبات، وهدد بشن هجوم عسكري ضد كوريا الشمالية.

اقرأ المزيد: هل سيفشل ترامب في تأمين اتفاق نووي جيد مع كوريا الشمالية؟

وعلى الرغم من أنه ليس أول رئيس أمريكي يرسل مسؤولًا حكومي للقاء زعيم كوريا الشمالية، ويتعهد بمعاهدة سلام وقمة رئاسية أمام الكوريين الشماليين، حيث سبقه بيل كلينتون في القيان بكل هذه الأمور في التسعينيات، في محاولة للقضاء على البرنامج النووي لكوريا الشمالية.

إلا أن ترامب يعتبر فريدًا من نوعه في اتخاذ هذه الخطوات المتفائلة في وقت مبكر من المفاوضات، حتى قبل أن تلتزم كوريا الشمالية بتقديم تنازلات في المقابل.

وقال بروس كلينجر، الخبير في الشأن الكوري في مؤسسة "هيريتيج"، إن ترامب "تخلى عن اتباع بعض القواعد الدبلوماسية الأساسية" في تعامله مع قضية كوريا الشمالية.

وتذكر كلينجر المناقشة التي دارت في وكالة المخابرات المركزية، عام 2000، عندما كان يعمل بها، حول كيفية الرد على دعوة مماثلة من كوريا الشمالية لعقد قمة رئاسية.

اقرأ المزيد: بعد إعلان كوريا الشمالية وقف برنامجها النووي.. ماذا ينتظر ترامب في اجتماعه مع كيم؟

وأشار إلى أن بعض المسئولين "ظنوا أن شخصية بيل كانت قوية للغاية لدرجة أننا إذا وضعنا بيل في نفس الغرفة مع كيم جونج ايل سنحصل على كل ما نريده"، وأضاف "لكن الأغلبية رفضت ذلك، على أساس أننا لن نرسل الرئيس للتفاوض، والتقاط الصور، نحن نرسل الرئيس للتوقيع على شيء نعرف عنه كل شئ".

يذكر أن المحادثات حول صواريخ كوريا الشمالية، والتي بلغت ذروتها باجتماع بين وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت وكيم جونج إيل، توقفت في النهاية، ولم يزر كلينتون بيونج يانج.

وأشارت "أتلانتيك" إلى أن ترامب رفض اتباع هذه العملية التقليدية التي تبدأ من القاعدة إلى القمة، واتبع نهج تنازلي، حيث أوضح أحد كبار المسؤولين في الإدارة للصحفيين، أنه عندما تم الإعلان لأول مرة عن قمة ترامب وكيم، "كان من المنطقي قبول دعوة للقاء شخص واحد في كوريا الشمالية، والذي يمكنه بالفعل اتخاذ القرارات بدلًا من السير في نفس الطريق المنهك، الذي سرنا فيه في الماضي".

شارك الخبر على