مهمة «ماكرون» المستحيلة لإقناع ترامب بالبقاء في الاتفاق النووي

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

علاقة وطيدة نشأت بين الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، ونظيره الأمريكى دونالد ترامب، منذ توليهما منصبيهما العام الماضى، وبرزت فى العديد من المواقف.

آخرها توجيه ترامب الدعوة إلى ماكرون لزيارة واشنطن فى زيارة رسمية هى الأولى للرئيس الفرنسى، منذ توليه منصبه فى يناير 2017.

مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، قالت إن أجندة الرئيس الفرنسى خلال زيارته للولايات المتحدة تضم عددا من القضايا، أبرزها محاولة إقناع ترامب بإبقاء قواته فى سوريا، وعدم الانسحاب من الاتفاق النووى مع إيران.

وأضافت أن ماكرون يواجه مهمة صعبة فى إقناع الرئيس الأمريكى، الذى أعلن صراحة وفى أكثر من مناسبة، أنه ينوى الانسحاب من سوريا والاتفاقية النووية.

اقرأ المزيد: ماكرون: أقنعنا ترامب بضرورة بقاء القوات الأمريكية فى سوريا

وأشارت إلى أنه من الواضح أن فرنسا لم تكن من محبى الاتفاق النووى مع إيران، والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، على الإطلاق.

حيث اعترف المسؤولون الفرنسيون، خلف الأبواب المغلقة، بعيوب الاتفاق، بسبب تجاهله برنامج الصواريخ الإيرانى، وعمليات التفتيش، بالإضافة إلى "بنود الغروب" التى تنص على سقوط الكثير من القيود التقنية المفروضة على الأنشطة النووية الإيرانية بحلول عام 2025، وكذلك خسارة تأثيرهم الاقتصادى على التوسعات الإقليمية لإيران.

إلا أنهم أصروا فى الوقت نفسه على عدم دعم أى تغيير فى الاتفاقية، وهو ما سيؤدى فى النهاية إلى فشل المفاوضات بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية، للنظر فى مطالب ترامب بتعديل الاتفاقية، ومن المحتمل أن تنتهى المفاوضات بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى.

وعلى الرغم من تمسك ماكرون بالاتفاق النووى، فإنه لا يبدو بهذا اللطف مع إيران وحلفائها، حيث دعا فى فبراير الماضى إلى وضع برنامج إيران للصواريخ الباليستية تحت المراقبة الدولية، وأكد أن وضع "آلية للعقوبات" على إيران أمر مهم لضمان أمن المنطقة.

وقالت المجلة إنه بالنظر لاهتمام ماكرون الشديد بسوريا، فيجب عليه أن يكون أكثر انزعاجًا من تدفق الموارد الإيرانية لدعم الرئيس السورى بشار الأسد، حيث يقدم البنك المركزى الإيرانى مليارات الدولارات لدعم نظام الأسد، وحزب الله، والحرس الثورى، ومجموعة واسعة من الميليشيات الشيعية.

اقرأ المزيد: هل يعيد ترامب وماكرون ثنائية بوش وبلير؟

وأضافت أنه ما دامت الأموال الإيرانية تتدفق، وتوسع الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران نفوذها، فسيبقى الأسد فى السلطة عن طريق قوى طائفية خطيرة، يمكن أن تتسبب فى عودة ظهور تنظيم داعش، وهذا يشكل تهديدًا مباشرًا للمصالح الأمنية الفرنسية.

وأكدت المجلة الأمريكية أنه إذا أراد ماكرون أن يرى سوريا بدون بشار، وبدون قاعدة تمكن داعش من العودة مرة أخرى، فعليه أن يحظى بدعم عسكرى أمريكى، وكذلك وقف تدفق الأموال الإيرانية.

ومن وجهة نظر ترامب، يرى أن موقف فرنسا من الاتفاق النووى معارض لأهدافها فى سوريا، حيث لا يرغب ماكرون فى إقناع ترامب بإبقاء القوات الأمريكية منتشرة فى سوريا لمنع عودة داعش فقط، بل لتعزيز احتمالات رحيل الأسد.

ولكن فى الوقت نفسه، يمنع الموقف الفرنسى من الاتفاقية النووية أى إعادة لفرض عقوبات مالية على إيران، مما يضمن أن الأسد سيواجه ضغطًا اقتصاديًا أقل بكثير للتنازل عن العرش، وإجبار القوات الأمريكية على البقاء فى سوريا إلى أجل غير مسمى.

وكان ترامب قد أكد خلال حملته الانتخابية أنه معارض للحروب الخارجية التى لا نهاية لها، ومن غير المرجح أن يحتفظ الجيش الأمريكى بوجود طويل الأمد فى سوريا، طالما لم يتمكن ترامب من إقناع الشعب الأمريكى، أن حلفاء مثل فرنسا سيوافقون على اتخاذ أقوى إجراء ممكن للضغط على الأسد أيضًا.

وأكدت المجلة أنه لا يوجد سوى طريقة واحدة لماكرون لرسم مسار يوائم احتياجات ترامب السياسية مع احتياجاته، بطريقة تعزز أمن البلدين، وهى أنه يجب أن يكون مستعدًا لفرض العقوبات على البنك المركزى الإيرانى.

اقرأ المزيد: ماكرون يزور واشنطن فى اختبار جديد للعلاقات الفرنسية الأمريكية

وكان ترامب قد حدد الـ12 من مايو موعدا نهائيا لإصلاح الاتفاقية النووية أو الخروج منها، وهو الموعد الذى يتزامن مع الموعد النهائى لتعليق العقوبات الأمريكية على البنك المركزى الإيرانى، وهو إجراء ضرورى كل أربعة أشهر بموجب القانون الأمريكى.

وإذا لم يسعد الرئيس بمقترحات الإصلاح الأوروبية، فمن المرجح أنه لن يعيد فرض العقوبات على البنك المركزى الإيرانى فحسب، بل سيتحرك أيضًا لإسقاط خطة العمل المشتركة الشاملة تمامًا من خلال إعادة توقيع العقوبات التى فرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وجميع العقوبات الأمريكية المعلقة الأخرى.

وقالت "بوليتيكو" إن هناك بديلا حتى لو رفض ترامب إعفاء إيران من العقوبات مرة أخرى، يتمثل فى ألا يعيد ترامب فرض العقوبات بشكل كامل، وهو ما يمنح ماكرون فرصة لإقناع الرئيس الأمريكى بمواصلة التفاوض للتوصل إلى حل مع أوروبا، والتوقف عن فرض عقوبات عن طريق الأمم المتحدة.

وسيضطر ماكرون إلى تقديم تنازلات تتمثل فى قبول شرعية إعادة فرض العقوبات على البنوك الإيرانية، لكنها ستكون على أساس محاسبة إيران على تدخلها فى سوريا، وليس على أساس إلغاء الاتفاقية النووية، كما يجب عليه التعهد بتجفيف تمويل حزب الله والحرس الثورى من خلال اعتبارهما منظمتين إرهابيتين بشكل كامل.

حيث لا يوجد ما ينص فى الاتفاقية النووية على ما يمنع الدول الغربية من توقيع عقوبات على إيران، بسبب سلوكها غير المشروع فى أمور غير نووية، وهو ما قد لا يعجب إيران، لكن الاتفاق النووى لم يمنح نظام الملالى حصانة شاملة لجميع الأنشطة غير المشروعة.

وأكدت المجلة الأمريكية أن الكرة الآن فى ملعب ماكرون، لإبقاء ترامب فى سوريا من خلال مساعدته على تصعيد الضغوط على إيران، ودعم الرئيس الأمريكى فى تهديده بإعادة فرض العقوبات على البنك المركزى الإيرانى، وإلا عليه الاستعداد لمشاهدته وهو ينسحب من سوريا ومن الاتفاقية النووية بالكامل.

شارك الخبر على