هل يعيد ترامب وماكرون ثنائية بوش وبلير؟

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

قبل 10 أيام على شن هجوم أمريكي فرنسي بريطاني ضد سوريا، أشار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى رغبته في سحب القوات الأمريكية من سوريا بشكل كلي، ومن المرجح أن مستشاريه حاولوا إقناعه بخلاف ذلك بعدم اتخاذ هذا القرار، ولكن بعد ذلك، ادعى مصدر آخر غير متوقع، أنه تمكن من تغيير رأي ترامب، وكان هذا المصدر هو رئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وقال ترامب، إنه على الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا، فيما صرح ماكرون في مقابلة تلفزيونية الأحد الماضي، "لقد أقنعناه بأنه من الضروري البقاء"، مضيفًا "لقد أقنعناه أيضًا بأننا كنا في حاجة إلى أن تكون الضربات الموجهة إلى سوريا، محدودة".

وترى مجلة "أتلانتيك" الأمريكية، أنه من غير المعتاد القول إن القرارات العسكرية الأمريكية تُتخذ من فرنسا، ولكن بالنظر إلى علاقة ماكرون وترامب، والتي على الرغم من اختلافهما حول عدد من المواضيع، تمكن الزعيمان من صياغة علاقة صداقة خلال العام الماضي.

ففي أعقاب الهجوم الكيماوي المزعوم في سوريا، هاتف ماكرون ترامب لتنسيق "رد قوي مشترك"، لما اعتبروه جريمة غير مقبولة من قبل نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

اقرأ المزيد: ماكرون: أقنعنا ترامب بضرورة بقاء القوات الأمريكية في سوريا

بعد أقل من أسبوع، أمرت كل من الولايات المتحدة وفرنسا بمشاركة من بريطانيا، شن ضربات عسكرية على ثلاثة أهداف للحكومة السورية، بما في ذلك مركز للبحوث واثنين من مرافق تخزين الأسلحة الكيميائية.

وحاول ماكرون السير على خطى البيت الأبيض الذي أكد أن "مهمة الولايات المتحدة مهمة في سوريا لم تتغير"، حيث قال إن فرنسا أيضًا تتبنى هذا الموقف، وأنه بخلاف الغارات على برنامج الأسد للأسلحة الكيماوية، فإن المشاركة العسكرية "ضد داعش، وستنهي في اليوم الذي تنتهي فيه الحرب على داعش".

كانت هذه التعليقات، دليلًا على للعلاقة الأوسع بين ماكرون وترامب، والتي كثيرًَا ما تشهد العديد من مواقف التوافق، وقليلًا من المواجهة والاختلاف، حيث قال ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع ماكرون خلال زيارته لباريس في يوليو الماضي إن"الصداقة بيننا وبين بلدينا غير قابلة للكسر".

كما أن التنسيق بين مواقفهما حول المسائل العسكرية المثيرة للجدل، يجلب إلى الأذهان علاقة أخرى نمت عبر المحيط الأطلنطي، وهي علاقة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، والرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش، والذي كان يطلق عليها فيما مضى "الزوجين الغريب".

ويعرف عن ماكرون، مثل بلير، طاقته الشابة ذات العقل الحر، ورغبته في تجاوز الانقسام بين اليمين واليسار، وقد أشار الناطق بلسان رئيس الوزراء الأسبق أليستر كامبل إلى هذا التشابه في شهر يناير الماضي، حيث أطلق على ماكرون "الوريث الحقيقي لتوني بلير".

اقرأ المزيد: هل يحاكم بلير بعد عدوانه على العراق؟

كما أعادت مساعدة ماكرون، لترامب في شن هجوم ضد الأسد، عن طريق لوم النظام السوري علنًا بالوقوف وراء الهجمات الكيماوية، إلى الأذهان كيف ساعد بلير، بوش على حشد الدعم الدولي لحرب العراق.

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن ثنائية "ماكرون وترامب" ليست الظهور الثاني لعلاقة"بلير وبوش"، حيث كانت حرب العراق مهمة أكبر بكثير، من أي شيء قامت به الولايات المتحدة أو حلفائها في سوريا.

حيث قال جاكوب باراكيلاس نائب رئيس مشروع الولايات المتحدة والأمريكتين في منظمة "تشاثام هاوس" إن "ليلة من الهجمات الصاروخية المحدودة في سوريا هي أمر مختلف عن إجبار عشرات الآلاف من الجنود على الغزو، وعملية تغيير النظام".

مضيفًا أن هناك أيضًا مسألة كيف كشف كل من بلير وماكرون عن علاقاتهما مع بوش وترامب علنًا، حيث قال "لا أعتقد أن بلير قال قبل ذلك إنه أقنع بوش بغزو العراق".

لكن بلير ساعد في إقناع الأمريكيين وغيرهم ممن كانوا متشككين في خطط إدارة بوش، بقضية غزو العراق، وكان هذا الدور، وما أعقبه من فوضى في عراق ما بعد صدام، هو الذي جعل بلير، الذي كان في يوم من الأيام أشهر السياسيين في المملكة المتحدة، من أكثر السياسيين تعرضًا للانتقادات.

وبالنظر إلى الطبيعة المحدودة للعملية الأخيرة في سوريا، يبدو من غير المرجح أن يعاني ماكرون من نفس المصير، لكنه تعرض لانتقادات من اليمين المتطرف، واليسار المتطرف في فرنسا، وكلاهما يعارضان العمل العسكري في سوريا.

علاوة على ذلك، فإن نسبة تأييد ترامب في فرنسا تبلغ 14٪ فقط، الأمر الذي يشير إلى احتمال وجود كلفة سياسية داخلية في بالنسبة لماكرون بسبب الوقوف إلى جانب ترامب.

اقرأ المزيد: ماكرون يزور واشنطن في اختبار جديد للعلاقات الفرنسية الأمريكية

وأشارت "أتلانتيك" إلى أنه قبل عام، كانت علاقة مثل هذه بين ترامب وأي زعيم أوروبي قد تبدو غير محتملة،  حيث أعرب الرئيس الذي رفع شعار "أمريكا أولا" عن شكوكه في دعمه لحلف الناتو، الذي أكد أنه "عفا عليه الزمن".

وعندما قرر ترامب شن هجوم على سوريا بشكل فردي بسبب استخدامها للأسلحة الكيميائية في أبريل 2017، لم يكن ماكرون قد فاز بمنصبه بعد، وحتى بعد أن وصل ماكرون إلى الإليزيه في مايو 2017، بدأت علاقته بنظيره الأمريكي بنوع من التصنع، وسط أهداف سياسية متباينة، وسلسلة من المصافحات المربكة.

ولكن في وقت ما بين انتقاد قرار ترامب بسحب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ، واستضافته في عرض عسكري ضخم في يوم الباستيل، تمكن ماكرون من جذب الرئيس الأميركي.

والآن، ماكرون ليس مجرد زعيم عالمي اختاره ترامب ليستضيفه في أول زيارة رسمية للولايات المتحدة الأسبوع المقبل، إلا أنه أيضًا، الشخص الذي يتوجه إليه ترامب للحصول على النصيحة في أوقات الأزمات.

شارك الخبر على