اللاجئون السوريون في لبنان يفرون من الفقر إلى «الاتجاه المعاكس»

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

يبدو أن لبنان أصبح بيئة رافضة لوجود السوريين على أراضيه، فقد وصل الامتعاض من وجود اللاجئين السوريين في لبنان من تعدى التلميح إلى التصريح وعلى أعلى المستويات بين المسؤولين، حيث يشكو هذا البلد من تحمله عبئا كبيرا وعدم حصوله على دعم دولي حقيقي يسمح له بالتعامل مع هذا العبء.

اللجوء المعاكس

رغم عدم انتهاء الحرب في سوريا، وفي الوقت الذي تزداد فيه الأوضاع اشتعالا، يبدو أن هناك لاجئين قرروا اختيار نيران الحرب بدلا من البقاء في لبنان، فقد قرر مئات اللاجئين مغادرة بيروت والعودة إلى بلادهم، وغادر 500 لاجئ عائدين طوعا إلى بلادهم، دون تدخل من المؤسسات الأممية المعنية بشؤون اللاجئين.

اقرأ أيضا: اللاجئون السوريون.. بين رفض العرب وقبول الغرب

فللمرة الأولى يغادر لاجئون سوريون بشكل جماعي بلدة "شبعا" المحاذية للحدود اللبنانية مع إسرائيل، التي وصل عددهم فيها 5 آلاف لاجئ، حيث تجمع اللاجئون عند الطرف الجنوبي لـ"شبعا"، واستقلوا 15 حافلة وصلت من العاصمة السورية دمشق.

ومن المقرر أن تنقلهم الحافلات إلى قراهم بمحافظة ريف دمشق، خصوصا بلدتي "بيت جن" و"مزرعة بيت جن".
وتمت مغادرة اللاجئين السوريين تحت إشراف جهاز الأمن العام اللبناني، الذي تولى الاتصال والتنسيق لعودتهم مع الجانب السوري من أجل ضمان سلامتهم.

وأعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان في بيان، أنها "على علم بحركة العودة الوشيكة لنحو خمسمائة لاجئ سوري من شبعا، جنوب لبنان إلى بيت جن في سوريا، وقد ناقشت فرق المفوضية مع اللاجئين والسلطات المعنية لتقييم نوايا اللاجئين والظروف التي ستتم فيها هذه العودة".

وأوضحت أنها "لا تشارك في تنظيم هذه العودة أو غيرها من حركات العودة في هذه المرحلة، نظرا إلى الوضع الإنساني والأمني السائد في سوريا، ومع ذلك، تحترم المفوضية القرارات الفردية للاجئين بالعودة إلى بلدهم الأصلي، عندما تتخذ دون ضغوط لا مبرر لها، وبعد تقييمهم المعلومات المتاحة لهم بعناية".

اقرأ أيضا: اللاجئون السوريون يفجرون الخلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين بأمريكا

عون وعودة الاستقرار

"عودة اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان إلى المناطق الآمنة في سوريا، سوف تسهم بشكل كبير في عودة الاستقرار الاجتماعي إلى لبنان"، هكذا علق الرئيس اللبناني ميشال عون، على عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وهو ما يعني أن هؤلاء يمثلون مشكلة كبيرة لهذا البلد تؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار.

الرئيس اللبناني أضاف: "المنظمات الدولية تحققت من رغبة السوريين بالعودة إلى المناطق الآمنة التي لا قتال فيها، وثمة مجموعات باشرت بالعودة الاختيارية لمدن سورية، مما يؤكد وجود أوضاع أمنية تسمح بذلك".

كما عبر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري خلال العام الماضي عن مشكلة اللاجئين، وأشار إلى أن رؤساء بلديات طالبوا بالتوصل إلى وسيلة تسمح بترحيل اللاجئين إلى سوريا، إلا أنه أكد أن هذا شيء لن يفعله مطلقا كحكومة، لأنه يعرف المخاطر التي سيتعرض لها اللاجئون.

كما أشار إلى وجود توتر بين اللبنانيين والسوريين، قائلا: "اليوم إذا تجولت في معظم مناطق المجتمعات المستضيفة ستجد توترا كبيرا بين اللبنانيين والسوريين"، محذرا من أن بلاده تقترب من "نقطة الانهيار" بسبب ضغوط استضافة أكثر من مليون لاجئ سوري، وأنه يخشى اضطرابات قد تندلع بسبب التوتر بينهم وبين المجتمعات اللبنانية، حسب الـ"بي بي سي".

سلسلة عمليات

وسائل إعلامية لبنانية، أوضحت أن عملية الإجلاء مقدمة لسلسلة عمليات متلاحقة ستشهدها المرحلة المقبلة بتنسيق سوري ـ سوري لا علاقة للحكومة اللبنانية به، لكن جهاز الأمن اللبناني سيشرف على العملية، مشيرة إلى أن المفوضية السامية  لشؤون اللاجئين، تواصلت مباشرة مع النازحين الراغبين في عودتهم، وتأكدت أن عودتهم طوعية، حسب "الغد".

ومنذ عامين، أطلقت وزارة العمل اللبنانية خطة لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، تُطبق على مدى سنتين بدءًا من عام 2017، وتستند إلى توفير الحماية الأمنية للعائدين بالتفاهم مع الدولة السورية، وبضمانات دولية، خصوصًا من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، داعيًا إلى تمويل خطة العودة من الدول العربية والدول المانحة.

ونصت خطة وزير العمل حينذاك على "تشكيل لجنة من الدولة اللبنانية والأمم المتحدة، للإشراف على عودة النازحين من لبنان وتنظيم انتقالهم عبر الحدود اللبنانية أو غيرها ودخولهم الأراضي السورية، ويعود لهذه اللجنة تقييم عمليات تنفيذ العودة، والتأكد من رجوع النازحين حسب الخطة الموضوعة، وتقدم تقريرًا فصليًا إلى الحكومة اللبنانية والأمانة العامة للأمم المتحدة"، حسب "الشرق الأوسط". 

اقرأ أيضا: من «كاليه» في فرنسا إلى «برايتون» في بريطانيا.. الأطفال اللاجئون يذوقون الأمرّين

تخفيف القيود 

سبق عملية عودة 500 لاجئ إلى سوريا، دعوة منظمة "هيومن رايتس ووتش" السلطات اللبنانية إلى تخفيف القيود المفروضة على الوضع القانوني المؤقت للسوريين في لبنان.

فأول من أمس، حثت المنظمة في بيان لها المرشحين للانتخابات البرلمانية، في 6 مايو المقبل، على تخفيف تلك القيود إلى أن يصبح من الآمن عودة السوريين إلى بلادهم.

وحمل البيان عنوان "خطوة إيجابية للأطفال اللاجئين"، وأثنت فيه المنظمة على القانون الجديد الذي يسهل لبعض المراهقين السوريين الحصول على إقامة قانونية مؤقتة في لبنان.

فقر وعنصرية

في الوقت الذي يمثل فيه اللاجئون السوريون ما يقرب من ربع سكان لبنان ويعاني أغلبهم من الفقر بمخيمات مؤقتة في أنحاء البلاد، يتعرض هؤلاء من وقت إلى آخر لحملات تشويه وكراهية، فضلا عن مقاطع مصورة "عنصرية" يقدم فيها لبنانيون على ضرب سوريين والسخرية منهم.

وخلال ديسمبر الماضي أصدرت مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان تقريرا بعنوان "اللاجئون السوريون في لبنان إلى مزيد من الفقر"، لفتت فيه إلى أن اللاجئين السوريين في لبنان "أكثر ضعفا من أي وقت مضى، إذ يعيش أكثر من نصفهم حاليا في فقر مدقع، في حين يعيش أكثر من ثلاثة أرباعهم تحت خط الفقر، وذلك وفقا لنتائج دراسة رئيسية أجرتها الأمم المتحدة".
ونتيجة لهذه الأوضاع المعيشية الصعبة، تراجع عدد اللاجئين السوريين بلبنان إلى أقل من مليون شخص للمرة الأولى منذ عام 2014.

وفي وقت يعيش فيه اللاجئون السوريون في لبنان ظروفا إنسانية صعبة، لضعف الإمكانات المادية لهذا البلد الصغير، تؤكد منظمات دولية وغير حكومية أن هؤلاء اللاجئين يسهمون في تنشيط الحركة الاقتصادية، لأنهم ينفقون المساعدات المالية التي يتلقونها في الأسواق المحلية. 

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على