هل ستهاجم إيران إسرائيل؟

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

في الوقت الذي يسدل فيه غبار الهجوم الأمريكي على منشآت الأسلحة الكيميائية السورية، في نهاية الأسبوع الماضي، بمشاركة فرنسية وبريطانية، بدأ العد التنازلي للجولة التالية من الصراع العسكري بين إسرائيل وإيران.

ففي الأسبوع الماضي، استهدفت إسرائيل مرة أخرى قاعدة "التيفور" الجوية في سوريا، والتي تضم طائرات إيرانية بدون طيار، مما أسفر عن مقتل 7 إيرانيين وتدمير البنية التحتية لمشروع الطائرات بدون طيار.

وهي القاعدة الجوية نفسها التي حلقت منها طائرة إيرانية بدون طيار في فبراير، والتي اعترضتها القوة الجوية الإسرائيلية، ثم شنت إسرائيل هجوما على القاعدة، وسقطت طائرة إسرائيلية بنيران الدفاعات الجوية السورية.

وأشار تقرير نشره معهد "بروكنجز" للأبحاث ومقره واشنطن، إلى أنه من المرجح أن تكون هناك ضربة إيرانية انتقامية ضد إسرائيل، لكن أين وكيف ستنفذ طهران هجومها؟ لا يزال غير واضح.

اقرأ المزيد: «هجوم التيفور» خطوة في الطريق نحو حرب إسرائيلية إيرانية

ومن المرجح أن يكون هجوم صاروخي سيتم شنه من سوريا، وسيحدد هذا الخيار ما يمكن توقعه لمستقبل المواجهات الإيرانية والإسرائيلية.

لماذا أصبحت المواجهة الإيرانية الإسرائيلية قريبة؟

أشار المعهد إلى أن هناك عددا من الإشارات الواضحة للغاية، التي تقول إن "إيران" سترد فعلا هذه المرة، حيث أعطت وسائل الإعلام الإيرانية تغطية واسعة للهجوم الإسرائيلي على قاعدة "التيفور" الأسبوع الماضي.

كما أصدر القادة الإيرانيون، خاصة على أكبر ولايتي المستشار الأعلى للقائد الأعلى في إيران، تهديدات مباشرة بالانتقام، كما حذر حسن نصر الله زعيم حزب الله، إسرائيل من أنها ستدفع هذه المرة ثمنًا باهظًا.

وكان تشييع جنازات أفراد فيلق القدس الذين قتلوا في الحادث، والتي كانت حاشدة، هي أحدث هذه المؤشرات، حيث تلتزم إيران الآن بشكل عميق وعلني بالرد.

وأضاف المعهد أن "إيران" مصممة على الاستمرار في استثماراتها الضخمة في سوريا، من خلال تحسين وجودها العسكري والوسائل التي يمكن بها الضغط على إسرائيل، وتهدف في نهاية المطاف إلى ترسيخ نفسها بقوة كقوة إقليمية، وفي غضون ذلك، تصر إسرائيل على عدم تكرار الخطأ الذي ارتكبته في لبنان، بعدم التدخل وسط تزايد التهديد الإيراني من خلال حزب الله.

اقرأ المزيد: إيران: سنرد على الهجوم الإسرائيلي بسوريا في الوقت المناسب

وكانت إسرائيل قد أوضحت أكثر من مرة، عزمها على محاربة هذا التهديد منذ البداية، في الوقت الذي لا يزال من الممكن التحكم فيه.

ومن وجهة نظر إسرائيل، حان وقت اتخاذ موقف بسبب عوامل جيوسياسية واستراتيجية، أولها هو أن رغبة روسيا في إبقاء الوضع في سوريا مستقرة نسبيا، تضع إسرائيل في موقف العنصر المزعج، وبالتالي أصبح لإسرائيل نفوذ على روسيا الأكبر والأكثر قوة منها.

ثانيًا، قد تكون حرية إسرائيل في العمل في الأجواء السورية محدودة في المستقبل، وذلك قد يكون بسبب تحسن القدرات الإيرانية أو السورية المضادة للطائرات، أو باتفاق دولي يمنع إسرائيل من تنفيذ غارات في الأجواء السورية.

كيف ستكون المواجهة؟

في الوقت الذي أصبحت فيه النيات واضحة، لا يزال هناك اختلاف حول شكل المواجهة، فهناك عدة احتمالات للانتقام الإيراني، ولكل منها احتمالية مختلفة لرد إسرائيلي مضاد.

ويبدو أن إطلاق الصواريخ هو الرد الإيراني الأكثر ملاءمة، وذلك من حيث القدرات وحساب المخاطر، كما أنه يعد ردا على الصواريخ الإسرائيلية التي أطلقت، على قاعدة "التيفور"، ومع ذلك، فإن السؤال الأكثر أهمية هو ما الهدف الذي سيختارونه؟

يبدو أن الهدف العسكري هو الرد الأنسب، وهو هجوم مماثل للهجوم الإسرائيلي على القاعدة الإيرانية، ويهدف إلى توجيه ضربة قاتلة لسمعة الجيش الإسرائيلي أو سلاح الجو الإسرائيلي، المهدد بفقدان سمعته منذ سقوط مقاتلة من طراز F-16 في فبراير.

اقرأ المزيد: أخطار وفرص في مواجهة إسرائيل في سوريا

لكن الرادع الأكثر فاعلية قد يكمن في استهداف مدينة كبيرة، وبالتالي إثارة حالة من الذعر، حتى لو تم اعتراضها من قبل أنظمة الدفاع الإسرائيلية، وقد يكون الهدف من المنظور الإيراني هو خلق ضغط علني، يدفع إسرائيل لتغيير حساب المخاطر الإسرائيلية في سوريا.

ولكن على الجانب السلبي، تعد المراكز المدنية هدفا أقل شرعية، وقد تضع إيران نفسها في وضع غير مريح على المستوى الدولي باستهداف مدينة، كما أن هذا الهجوم آخر شيء تحتاج إليه إيران، التي أعرب المجتمع الدولي عن قلقه من تدخلها في المنطقة.

المعضلة الثانية التي تواجه الإيرانيين هي من حيث موقع إطلاق الصواريخ، والخيارات المتاحة هي إيران أو سوريا أو لبنان، ويعد إطلاق الصواريخ من إيران، رسالة قوية إلى إسرائيل توضح القدرات والتصميم الإيراني، العيب الواضح لهذا الخيار هو إضفاء الشرعية على الرد الإسرائيلي المضاد على إيران في أراضيها، وتصعيد آخر غير ضروري، في الوقت الراهن، من المنظور الإيراني.

من جانبه، فإن "لبنان" مجهز بشكل جيد مجموعة متنوعة من الصواريخ، من حيث الحجم والمدى، وبالتالي الموقع مناسب للإيرانيين لشن هجومهم، ومع ذلك، فإن التصعيد في لبنان أكثر ضررا بكثير لجميع الأطراف المعنية.

حيث قد يتسبب ذلك في إشعال حرب بين إسرائيل وحزب الله، كما أنه سيضر ترسانة حزب الله الأساسية والبنية التحتية، ولا تخدم مصالح إيران ولا حزب الله.

كما أن حزب الله لا يهتم بالحرب في الوقت الراهن، حيث ينشغل قادته بترسيخ صورته كـ"حامي" البلاد، قبل الانتخابات البرلمانية اللبنانية المقرر لها مايو المقبل.

اقرأ المزيد: لماذا قصفت إسرائيل مطار التيفور السوري؟

وأشار المعهد إلى أن سقوط العديد من قوات الحزب في سوريا، وحقيقة أن حزب الله لا يزال لديه ما يقرب من 7 آلاف جندي على الأرض هناك، تستبعد هذا الاحتمال.

الخيار الأكثر منطقية هو سوريا، حيث تعد الساحة الأقل خطورة بالنسبة للإيرانيين، بالإضافة إلى أن المناوشات الأخيرة هناك، قد تعطي مبررا للهجوم.

ومع ذلك، هناك تحديان رئيسيان لا يزال يجب التعامل معهما، وهما العلاقة الحساسة مع الروس، والمخاطرة بتعريض الأصول والقدرات الإيرانية في سوريا للمزيد من الأضرار، في حالة اضطرار إسرائيل للرد.

من أجل تجنب التعرض للضغط من الروس، فإن الإيرانيين سوف ينتقمون بطريقة يمكن للروس أن يجدوها مقبولة ويمكن احتواؤها، حيث أعربت روسيا عن غضبها بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير، وبالتالي قد تتحمل ردا إيرانيا معقولًا.

والسؤال هنا هو: ما الذي تعتبره روسيا معقولًا؟ وربما يكون أي شيء لا يشكل تهديدًا كبيرًا للاستقرار في سوريا، وكذلك لا يثير ردة فعل إسرائيلية متصاعدة.

وقال المعهد إن هذه معادلة يبدو من المستحيل حلها، حيث  تريد إيران تعزيز قدرتها على الردع، بعد أن أثبتت إسرائيل استعدادها لدفع ثمن باهظ لمنع إيران من إنشاء جبهة أخرى في سوريا، قد تهدد الأمن الإسرائيلي، كما فعلوا في لبنان مع حزب الله في الماضي.

اقرأ المزيد: «هجوم التيفور» خطوة في الطريق نحو حرب إسرائيلية إيرانية

وبعد تحديد السيناريوهات المحتملة، يضيف المعهد أنه من المرجح أن تكون الضربة الإيرانية ضربة صاروخية من سوريا، تهدف إلى هدف عسكري إسرائيلي كبير.

إن التنبؤ بمسار وتطور هذا الصراع على المدى الطويل أمر أكثر صعوبة، حيث إن كلا الطرفين على استعداد لدفع ثمن باهظ لحماية مصالحه الاستراتيجية.

وأكد المعهد أن الرد الإسرائيلي سيعتمد على الهجوم الإيراني على مدى الضرر الذي سيتسبب فيه، ومع ذلك، تفهم إسرائيل أنها لا تستطيع أن تغض الطرف، حيث تم إثبات العزم والرغبة في تحمل المخاطر بوضوح، سواء من خلال تصريحات كبار المسؤولين أو الهجمات التي وقعت في الأشهر الأخيرة.

وفي الوقت الحالي، ستقف إسرائيل مرة أخرى أمام إيران، بأي ثمن، إلى أن تنجح أي ضغوط دولية أو جهود دبلوماسية كبيرة في كبح قوة إيران في سوريا.

شارك الخبر على