بعد رفعها إلى ٤٢ ألف جنيه.. من يحتاج الزيادة الوزراء أم أصحاب المعاشات؟

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

أزمات اقتصادية تشهدها مصر السنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي يتطلب من الجميع -بداية من رأس الحكومة وصولًا إلى المواطنين- ترشيد النفقات والتقشف قدر المستطاع، وهو ما تنادي به الحكومة وأعضاء البرلمان مرارًا وتكرارا لتجاوز الأزمات الاقتصادية التي تتوالى منذ تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار في نوفمبر العام قبل الماضي.

ما تنادي به الحكومة والبرلمان، يبدو أنه مطلب موجه للمواطنين فقط، بينما على الصعيد الرسمي لم يكن هناك التزام بالتقشف، حيث اعتمدت التعديلات الجديدة على رواتب الوزراء، من قبل مجلس النواب، ونص قانون تعديل بعض أحكام القانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٧ بشأن تحديد رواتب نائب رئيس الجمهورية، ورئيسي مجلسي الشعب والشورى، ورئيس مجلس الوزراء ونوابه، والوزراء، وذلك بعد الموافقة عليه من قبل أعضاء مجلس النواب.

وجاءت النصوص المعدلة على النحو التالي: المادة الثانية من القانون تضمنت تقاضى كل من رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء شهريا، وبحسب الأحوال، مكافأة أو راتبًا يعادل صافيه الحد الأقصى للأجور، بناءً عليه يقدر راتب رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء بـ42 ألف جنيه.

وكان الحد الأقصى للأجور، قد أقره الرئيس عبد الفتاح السيسي، عبر قرار بقانون في يوليو 2014، بحيث يكون الحد الأقصى لما يتقاضاه أي من العاملين في الحكومة بمبلغ 42 ألف جنيه شهريا، ليمثل 35 ضعف الحد الأدنى للأجور.

كما تضمنت النصوص المعدلة، تقاضى كل من نواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء والمحافظين ذات الراتب الشهري الذي يُعادل صافيه الحد الأقصى للأجور، والمقدر بـ42 ألف جنيه شهريا.

ويتقاضى نواب كل من الوزراء والمحافظين راتبًا شهريا يعادل صافيه 90٪ من الحد الأقصى للأجور، أي 37.800 جنيه.

24 ساعة تمنح الوزير 37.800 ألف جنيه معاشا

وفيما يخص المعاش، نصت المادة الرابعة مكرر من القانون على استحقاق الفئات المشار إليها، معاشًا شهريا يعادل 80٪ من راتب أو مكافأة كل منهم في تاريخ انتهاء شغل المنصب، على ألا ينتفع بأحكام هذه المادة إلا مرة واحدة، وهذا يعني استحقاق من يبلغ راتبه الشهري 42 ألفا لمعاش يقدر بـ33.600، بينما يبلغ معاش من يقدر راتبه بـ37.800، 30.240 جنيه.

ولفهم أبعاد نص القانون، قال الدكتور فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، إن القانون سيطبق على أرض الواقع خلال أيام، وذلك عقب إعلانه بالجريدة الرسمية، وسيفعل من اليوم الثاني فورًا.

"لو استمر 24 ساعة فقط في المنصب.. سيحصل على المعاش"، هذا ما أوضحه عبد النبي لـ"التحرير"، فيما يخص حق الوزراء ونوابهم في الحصول على معاش في حالة توليهم أي من المناصب التي تضمنتها تعديلات القانون، وفي حال وفاة صاحب المعاش يكون للمستحقين عنه الحق في تقاضي معاشه وذلك وفقا للأنصبة الواردة في القوانين التي تنظم التأمينات الاجتماعية والمعاشات.

وعن أحقية تمتع أي من المناصب التي تضمنها القانون بازدواجية المعاش، أشار أستاذ القانون الدستوي إلى أن القانون جاء موضحًا لهذه النقطة، حيث أفاد أنه "يمكن الجمع بين المعاش المقرر وفقا لأحكام هذا القانون وأي معاش مقرر بموجب قانون آخر"، أي لا توجد عقبة في حصول المسؤول على أكثر من معاش.

قانون مخالف للدستور

وهذا القانون مخالف لنصوص الدستور والقانون، حسب عبد النبي، وخالف الدستور بالمادة 27 فقرة 3، والتي تنص على "التزام النظام الاقتصادي اجتماعيا بضمان تكافؤ الفرص، والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول"، كما يصطدم بالمادة 18 من الدستور والتي تنص على "أن الدولة ملزمة بترسيخ مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز"، وإصدار القانون سالف الذكر، هو لب التمييز، على حد قوله.

كما أشار إلى أن القانون يصطدم بنص المادة 176 عقوبات، من قانون العقوبات، والتي تمنع التمييز الخاص بطائفة من الطوائف، وذلك لأنه يكدر السلم العام، والمادة 161 من قانون العقوبات تنص على "الامتناع عن عمل أو القيام بالعمل الذي من شأنه إحداث التمييز بين الفرد أو ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة".

رفض تطبيق حكم المحكمة الدستورية بزيادة المعاشات

وعلى النقيض تمامًا توافق الحكومة على زيادة رواتب الوزراء والمحافظين، بينما ترفض تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا، وكذلك ترفض تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، الصادر فى مارس الماضي، حسب ما أوضحه البدري فرغلي، رئيس اتحاد أصحاب المعاشات، بأحقية أصحاب المعاشات في صرف 80% من قيمة الـ5 علاوات المتأخرة لمستحقي المعاشات.

وأعرب فرغلي عن أن قرار مجلس النواب بزيادة معاشات الوزراء والمحافظين سيكون له مردود عكسي شديد على المواطنين القابعين بقاع المجتمع المصري، والذين تطالبهم الحكومة بمزيد من التقشف، منوهًا بأن الحكومة جانبها الصواب في طلب تلك الزيادة في وقت تعاني فيه من ارتفاع حجم التضخم في ميزانياتها، وقيامها برفع الأسعار على السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن البسيط، هذا بخلاف الزيادة المتوقعة خلال الفترة القادمة، والتي تتبع تنفيذ شرط البنك الدولي بإلغاء الدعم الكلي عن المحروقات، وفي ظل مطالبة موظفي الدولة لها بزيادة رواتبهم.

وأضاف فرغلي أن من أصدر هذا القرار عليه أن يتحمل مسئوليته، لأنه قرار غير دستوري أو قانوني، فكيف يحصل الوزير أو المحافظ على معاش يتراوح ما بين 30 إلى 40 ألف جنيه عن مدة خدمة لم تتجاوز الشهر الواحد؟، وهو موظف عام، بخلاف ما يتقاضاه الوزير أو المحافظ من أموال الصناديق الخاصة ومجالس إدارتها أثناء فترة منصبه.

صدمة

وشدد رئيس اتحاد أصحاب المعاشات على ضرورة اتخاذ خطوات على أرض الواقع للدفاع عن أنفسهم أمام التوحش الاجتماعي، ورفع الاحتقان داخل المجمتع، لافتًا إلى أن هذا ا الاجراءت سببت صدمة لدى طبقة كبيرة من الشعب، كون المواطن وحده يدفع فاتورة الإصلاح دون المسؤولين أصحاب الشعارات الرنانة.

ورغم موافقة أعضاء البرلمان على القانون، فإنه لم يكن محل رضى لعدد من أعضاء مجلس النواب، وهو ما عبر عنه النائب عفيفى كامل، بأنه يوافق على مشروع قانون تنظيم السلك الدبلوماسى والقنصلي، ولكنه يطالب أيضًا بزيادة المعاشات، قائلًا: "أصحاب المعاشات يعانون والشعب كله ينتظر زيادة المعاشات".

وهو ما عقب عليه، الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، بوجود زيادة سنوية فى المعاشات تتحملها الموازنة العامة للدولة، وكل سنة تزيد المعاشات بنسبة 10%، وهو ما عقب عليه البدري فرغلي بأنه "كذب وتضليل" وأصحاب المعاشات يتحصلون على علاوة سنوية 10% منذ عام 1987 لأكثر من 30 عامًا، والزيادات ليست منحة أو هبة، بل هي حق أصيل لأصحاب المعاشات والمقدر عددهم بـ9.5 مليون شخص.

راتب العالم بعد 24 سنة 5500 جنيه

"بعد 24 سنة خدمة.. راتبي 5500 جنيه"، لم يكن هذا راتبا لموظف إداري بالدولة، إنما راتب موظف يتولى أحد أهم المناصب الحساسة داخل جمهورية مصر العربية، وهو الدكتور مجدي زكريا، مدير مفاعل أنشاص البحثي، وهو المفاعل المسؤول عن إنتاج النظائر المشعة للعلاج وتشخيص الأورام بمصر، بخلاف كونه أحد العلماء لزمالته للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ودرجته العلمية الجامعية.

مجدى أضاف لـ"التحرير"، أنه يبلغ من العمر 52 عامًا، ومثله عند العمل بالخارج، تقدر رواتبهم بأرقام قد يعجز اللسان عن ذكرها، وعن سبب عدم مغادرته لمصر، مثلما سبقه غيره من الكفاءات، أجاب باقتضاب "خليني.. ساكت"، وأبدى زكي رفضه لما اتخذه مجلس النواب من إقرار زيادة رواتب كل من الوزراء ونوابهم، للحد الأقصى والمقدر بـ42 ألف جنيه، مطالبًا بالنظر إلى الخبرات متمنيًا أن يحصلوا على القدر القليل من الإنصاف.

 

2500 جنيه راتب مدرس بعد 27 سنة

على نفس الحال، تحدث معلم الأجيال، هشام فرج، المدرس بإحدى مدارس إدارة مصر الجديدة التعليمية، ويبلغ من العمر 56 عامًا، ويعمل بالوزارة منذ أكثر من 27 عاًما، وراتبه الحالي 2500 جنيه، وعن قرار مجلس النواب بزيادة رواتب الوزراء للحد الأقصى، علق قائلاً: "حسبي الله ونعم الوكيل".

"التحرير" بدروه تواصل مع أحد الوزراء السابقين، والذي تولى منصب وزير في خلال الولاية قبل الأخيرة لرئيس الوزراء السابق ومساعد رئيس الجمهورية الحالي، المهندس إبراهيم محلب، والذي قال إنه كان يتحصل على إجمالي دخل مقارب للحد الأقصى للأجور، في حين أنه قبل توليه المنصب، كان يعمل بالقطاع الخاص ويتقاضى 3 أضعاف ما تقاضاه من المنصب الوزاري.

وزير سابق: لم أحصل على "مليم" معاشا

الوزير السابق- الذي رفص الإفضاح عن اسمه- أفاد أنه تولى المنصب 6 أشهر فقط، وعقب خروجه من الوزارة لم يتحصل على "قرش" معاشا.

شارك الخبر على