إساءة فهم موقف السلطنة

ما يقرب من ٦ سنوات فى الشبيبة

علي بن راشد المطاعنيالبعض أساء فهم بيان وزارة الخارجية بتأييد السلطنة الأسباب التي قادت كلا من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا إلى العملية العسكرية ضد سوريا الشقيقة، بل إن البعض ذهب بعيدا إلى وصف هذا البيان بأنه بداية لتغيير في نهج السياسية الخارجية العُمانية المعروفة بالثبات والواقعية منذ السبعينيات والتي أرسى دعائمها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه.البعض الآخر قال: إن البيان لا يمثلنا، فما لا يعرفه عامة الناس هو أن هناك الكثير من خبايا السياسة وما يجري في دهاليزها المتعرجة والملتوية، الأمر الذي يتطلب أن نكون أكثر واقعية إزاء حقيقة أن السلطنة تنتهج هذا النهج في عالم يمور بالمتغيرات والعواصف والتحالفات والتكتلات، وفي هذا العالم المضطرب ظلت مواقف السلطنة صامدة كصلد الجبال الراسيات الشامخات ولسنا هنا بصدد التذكير بها.لكن كل ذلك لا يمنع من الوقوف على البيان لإيضاح الحقيقة للذين تعاموا عنها، أولا البيان صدر في الحساب الإلكتروني ولم يصدر رسميا، ولم يبث من وكالة الأنباء العُمانية المصدر الرسمي المعتمد لكي تتناقله وسائل الإعلام أو يبث خارجيا للعالم، بل إن وسائل الإعلام الرسمية لم تذعه وتبثه وتنشره، وهنا إشارة يجب الوقوف عندها هي أن علامة التأييد ليست مكتملة الأركان فعدم الإعلان جزء من الموقف، ويجب أن يُفهم في سياقه الصحيح وعدم إثارة المغالطات حوله وهو يتضمن الكثير من الإشارات التي تفهم من كل ذي لب وعقل، فعدم قراءته في نشرات الأخبار للإذاعات والتلفزيون الحكومي ونشره في الصحف المحلية له من الدلالات ما يكفي لتعبر عن مواءمة بين مواقف متضاربة ومتعارضة.ثانيا: البيان كتب بلغة دبلوماسية قل من يفهم رموزها ويُدقق في معانيها، ويمكن وصفه بأنه أكثر من متوازن، فالحديث عن أن السلطنة أيدت الضربة الثلاثية على سوريا غير صحيح، وإنما أيدت الأسباب إن صحت التي قادت إلى العملية العسكرية وهناك بون شاسع بين الموقفين لا يجب أن نخلط بينهما أو نزايد على موقف بلادنا المعروف من الجميع.إن موقف السلطنة من الوضع في سوريا لا يمكن أن يختلف عليه اثنان من العقلاء ولا يمكن أن يزايد عليه الدخلاء أو يعكر صفو العلاقات العُمانية السورية أحد، ففي ظل قرع طبول الحرب على سوريا وأن تكون أرضها معركة للآخرين وساحة لتصفية الحسابات إلى غير ذلك مما يعرفه الجميع منذ سبع سنوات، نجد السلطنة تفتتح المقر الجديد للسفارة السورية التي لم تغلق أبدا، في وقت أغلقت فيه سفاراتها في الكثير من دول العالم، كعلامة فارقة على عمق العلاقات بين الدولتين الشقيقتين، فالبيان لم ولن يخلَّ بمنهج السياسة الخارجية للسلطنة، ولن يحيد عنها قيد أنمله.من المؤسف أن ينعت البعض سياسة بلاده الخارجية بأوصاف سلبية وهي ذات السياسة التي حققت نجاحات فريدة وغير مسبوقة أشاد بها العالم من أقصاه إلى أدناه، وهي القائمة على أسس وقيم سامية لا يمكن النيل منها بسبب بيان أو تغريدة على تويتر لا تشكل موقفا رسميا للسلطنة، باعتبار أن المواقف الرسمية تصدر بطريقة يعرفها الجميع وليس هناك من جديد في هذا الصدد، مع ذلك نؤمن بحرية التعبير المتاحة في البلاد التي قد لا تجد مثيلا لها في دول المنطقة بهذه الحدة والصلف في وصف مواقف الدول في ظل المعطيات الراهنة، ولكن يجب في المقابل أن تكون الحرية التي نمارسها مسؤولة تنصف الموقف وتقدره حق تقديره، ولا ننسى الظروف الراهنة والأوضاع المعقدة التي عليها المنطقة وكيفية التعاطي معها بحكمة لم تفقدنا بوصلة العمل الدبلوماسي المحنك الذي تجيده الدبلوماسية العمانية باقتدار وهو ما يجب الإشارة إليه وعدم إغفاله أو تجاهله من كل من يتعاطى مع الكتابة وأمانتها.بل أعتقد حتى الحكومة السورية تتفهم الموقف العماني الراهن وتقدر التعاطي المتوازن في هذه الأزمة و تعقيدات الموقف والتلاسن الدولي واحتدام حدة الصراع بين القوى الكبرى الذي أفضى هو الآخر إلى ترتيبات اتفق عليها بين المتصارعين الكبار في المنطقة، لذلك لا يجب أن نكون أكثر جفاء وجلدا لذواتنا، إذا كانت الدولة المعنية تتفهم الدواعي التي حدت بالسلطنة لإصدار هذا البيان المتوازن ودواعيه في هذه المرحلة الحساسة وما شهدته في الآونة الأخيرة.نأمل أن نثق بالسياسات الخارجية لبلادنا وتعضيد مواقفها الثابتة التي طالما رفعت رؤوسنا عاليا بين الأمم ولا نجحف في حقها لتغريدات وحسابات لا تخلو من مواقفنا الثابتة.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على