رحيل القمص مكاري عبد الله الذي درس الرياضيات في الجامعة بزي الكهنوت الأسود

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

عن عمر يناهز الـ90 عاما رحل عن عالمنا يوم الاثنين الماضي وفي أثناء احتفال المواطنين المصريين بعيد «شم النسيم» أستاذ الرياضيات بكلية العلوم جامعة القاهرة الدكتور القمص مكاري عبد الله، كاهن كنيسة الملاك ميخائيل بشارع طوسون في شبرا، وهو واحد من نوابغ الرياضة البحتة في تاريخ مصر، وظل يدرس بجامعة القاهرة وعدة جامعات خارج مصر حتى بعد رسامته كاهنا في 10 يوليو 1970 بيد البابا الراحل كيرلس السادس.

ولد أديب عبد الله في 22 سبتمبر 1928 بمحافظة المنيا، وحصل على الدكتوراه في الرياضيات الحديثة من جامعة جوتنجن بألمانيا الغربية عام ١٩٦٢، وجائزة الدولة التشجيعية في الرياضيات عام ١٩٦٨، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام ١٩٧٠.

تمت رسامته كاهنا في ١٠ يوليو ١٩٧٠، ورقي لدرجة الأستاذية عام ١٩٧٣، وشغل منصب رئيس قسم الرياضيات بعلوم القاهرة عام ١٩٧٦، ثم عضوا بمجلة (الماسماتيكال رڤيور) وهي إحدى المجلات العلمية للرياضيات بأمريكا عام ١٩٧٦، وأصبح أستاذا متفرغا بقسم الرياضة بكلية العلوم جامعة القاهرة عام ١٩٨٨، وجائزة أفضل بحث عام ١٩٩٥.

عند إنشاء المجلس الأعلى للجامعات عُين عضوا باللجنة العلمية للرياضيات عام ١٩٩٨، عُين عضواً باللجنة العلمية الدائمة لأكاديمية السادات ١٩٩٨، أشرف على العديد من رسائل الدكتوراه والماچستير ولجان التحكيم على الأبحاث العلمية بالعديد من الجامعات المصرية، وله من الإنتاج العلمي 21 بحثاً بالرياضيات الحديثة منشورة بالعديد من المجلات العلمية العالمية.

مثل مصر في 8 مؤتمرات وورش عمل ومهمات علمية للرياضيات الحديثة بالعديد من بلدان العالم، ودُعي كأستاذ زائر بكل من جامعة جوتنجن بألمانيا الغربية، ولجامعات فرنسا مرتين، ولجامعة تسالونيكي باليونان مرتين، ولجامعة بودابست بالمجر وبعض الجامعات المجرية الأخرى، ولجامعة وودچ بألمانيا.

تعود قصة رسامته لطلب من البابا كيرلس حين قال له: «أنا عايز أعملك قسيس؟»، واعتقد في البداية أنها مداعبة من البابا الراحل، لكنه أصر ولم يكن أمامه سوى الموافقة، وتساءل البعض من الكهنة: كيف وأنت أستاذ جامعي تترك وظيفتك المرموقة لتكون كاهنا؟ وكم ستتقاضى من أجر؟ وكيف ستحافظ على مستوى أسرتك المادي؟

وافق دكتور أديب عبد الله وتقدم باستقالته لرئيس قسم الرياضيات، ولاختلاف الآراء بينهما توقع أن تنال استقالته القبول، إلا أن رئيس القسم خالف كل التوقعات ورفض قبول الاستقالة، وقال للدكتور أديب: «أنا ماعنديش بديل لك، والأمانة العلمية تفرض عليّٓ عدم قبول الاستقالة».

واقترح عميد الكلية ورئيس الجامعة أن يكمل عمله بالكلية وهو كاهن، وهو ما لاقى قبولا من البابا كيرلس أيضا، وتمت رسامته كاهنا باسم القس مكاري عبد الله، وظل يمارس عمله كأستاذ للرياضيات بجامعة القاهرة بزي الكهنوت الأسود الشهير. 

أفردت جريدة الأهرام نصف صفحة في عددها الصادر في ٢٤ أغسطس ١٩٧٠ للحديث عن القس مكاري، وعمله كأستاذ للرياضيات بالجامعة رغم رسامته كاهنا، وخلال فترة الأربعين يوما التي يقضيها الكاهن المرسوم حديثا بالدير قبل بداية خدمته أُعلن عن فوزه بجائزة الدولة التشجيعية ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى تقديرا لأبحاثه العلمية، وكان مقررا تسلمهما خلال فترة الأربعين يوما فسمح له البابا بالنزول لتسلمها والعودة للدير مرة أخرى، وتم تأجيلها لمرض الرئيس عبد الناصر.

يوم الأحد ٥ مارس ٢٠١٣ تمت ترقية القس مكاري لرتبة القمصية من قبل البابا تواضروس الثاني ليكون أول كاهن يرقى في عهد البابا الجديد، وفي يوم السبت الموافق ١٦ مارس ٢٠١٣ تم تكريمه بقاعة ابن سينا بكلية العلوم بجامعة القاهرة كأحد رواد الرياضيات المصريين لإنجازاته وأبحاثه العلمية.

وتوفي يوم 9 إبريل الجاري، وأقيمت صلاة الجنازة اليوم التالي بكنيسة الملاك بطوسون بحضور عدد من الأساقفة والكهنة وأبناء كنيسته.

شارك الخبر على