٤٣ عامًا على الحرب الأهلية اللبنانية.. ولا يزال الانقسام مستمر

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

"لم تكن حرباً إسلامية ـ مسيحية فحسب، بل كانت حروب المسلمين مع المسلمين والمسيحيين مع المسيحيين، كانت حرباً انغمس فيها الجاران الفلسطيني والسوري والعدو الإسرائيلي، وانضم إليهم مسلحون من مختلف بقاع الأرض ووُصفت بأنها "حرب الآخرين على أرض لبنان"، هذه هي الحرب الأهلية اللبنانية.

وتحل غدا الجمعة الموافق 13 أبريل الذكرى الـ43 لهذه الحرب، التي دامت لأكثر من 15 عاما، من عام 1975 حتى 1990، والتي خلفت الكثير من الخسائر البشرية والمادية.

وبحسب المعلومات الرسمية عن تلك الحرب، نجد أن السبب الأول الذي أدى لاندلاعها هو الصراع الذي نشب ما بين الجماعات المسيحية والفصائل الفلسطينية المدعومة من الأحزاب اليسارية والإسلامية، وانتهت باقتتال داخلي اشتمل على تدخل إقليمي ودولي كبير، وأسفرت الحرب عن مقتل أكثر من 150 ألف شخص، وفقدان أكثر من 17 ألف آخرين، كما تسببت في نزوح أكثر من مليون شخص وفقًا للأرقام الرسمية.

إقرأ أيضا : أزمة لبنان| مليار دولار من السعودية.. ومصر: لن نبخل بتجربتنا

التهيئة للحرب

لم تندلع الحرب الأهلية اللبنانية فجأة وإنما سبقتها أزمات سياسية واقتصادية، واعتبرت أزمة 1958 بمثابة التهيئة للحرب الأهلية، هذه الأزمة كانت بسبب توترات سياسية ودينية في البلد تدخل فيها الجيش الأمريكي، ومن ثم بدأ التصادم المسلح بين الجيش اللبناني والمقاومة الفلسطينية عام 1973، وظهور حلف ماروني في مواجهة المقاومة الفلسطينية وتكوين مليشيات، ورفض لبنان لقرارات مؤتمر القمة العربية في شأن الفلسطينين.

وبالانتقال للأسباب الاقتصادية، نجد أن تمركز جميع المصالح الاقتصادية في العاصمة بيروت، بينما تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في جنوب لبنان والهيكل الاقتصادى اللبنانى بتقسيماته القطاعية واختلال توزيعاته الجغرافية ارتبط إلى حد كبير بالاعتبارات الطائفية والسطوة السياسية، والذي أسهم إلى حد كبير في فداحة الخسائر التى مني بها لبنان.

إقرأ أيضا : اللبناني «زياد عيتاني».. الجاسوس البريء خلف القضبان

اندلعت الحرب فعليا بعد محاولة فاشلة لاغتيال الزعيم الماروني بيار الجميل، قام بها مسلّحون وأدى إلى مقتل مرافقيه جوزيف أبو عاصي، أنطوان ميشال الحسيني، ورداً على هذه المحاولة وقعت حادثة "عين الرمانة" التي هوجمت فيها إحدى الحافلات المدنية وكان يتواجد فيها ركاب فلسطينيين ولبنانيين، مما أدى إلى مصرع 27 شخص.

سنوات مريرة

وبعد مرور كل تلك الأعوام على اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، تحل هذه الذكرى ثقيلة على الكثير من اللبنانيين، فما زالت عائلات آلاف الأشخاص الذين اختفوا خلال هذه الحرب، تعاني من آثار الصراع والقتال الدامي، نتيجة عدم معرفة مصير أحبائهم حتى الآن.

"نريد فقط أن نعرف ماذا حدث لهم، نريد قبرًا لهم حيث يمكننا ترك الزهور"، هؤلاء الذين دفنوا أطفالهم كانوا قادرين على الحزن والبكاء عليهم، ولكن نحن لم نتمكن من إجراء الحداد"، كلمات للأهالي الذين فقدوا أبنائهم وأقاربهم تعبر عن مأساة هؤلاء نتيجة لعدم تحديد مصيرهم بعد مرور 43 عاما.

مريم السعيدي، التي اختفى نجلها ماهر الذي يبلغ 15 عامًا في عام 1982 أثناء قتاله قرب بيروت، أشارت إلى "أنها قضية لا يجب أن تموت"، بحسب "فرانس برس" .

منى فياض الأستاذة في قسم علم النفس في الجامعة اللبنانية في بيروت لا ترى أن هناك ما يؤشر لخروج لبنان من نفق الحرب، حيث أشارت إلى أن وقف القتال في الشوارع لا يعني انتهاء الحرب التي لا تزال مستمرة بأكثر من شكل، نفسيا وبيئيا واجتماعيا.

"فياض" أكدت أن كل أمراء الحرب الذين قادوا المعارك في مختلف المناطق، يقودون اليوم المعارك السياسية، والمجتمع الذي كان منقسما ما بين شرقية وغربية زادت انقساماته، بحسب "الشرق الأوسط".

إقرأ أيضا : الفساد يقود لبنان إلى الإفلاس.. و4 تدابير تعيد التوازن إلى الاقتصاد

ورغم انتهاء هذه الحرب رسمياً في 30 أبريل 1991، بعد تكاتف النظام السوري والإدارة الأمريكية والدول العربية على الإطاحة بالعماد ميشال عون، بعد إقرار "اتفاق الطائف" الذي رفضه عون، حيث هوجم القصر الرئاسي وانتهت المعركة بفراره إلى فرنسا، إلا أن مراقبين يرون أن الاختلافات التي أشعلت الحرب لا تزال قائمة.

قانون الانتخابات والتقسيم

وتحل هذه الذكرى في وقت يرى الكثير من اللبنانيين أن القانون النسبي المتعلق بالانتخابات البرلمانية، والذي سيطبق للمرة الأولى في مايو المقبل، يعزز التقسيم المذهبي، في وقت يأمل فيه اللبنانيون التخلص من النظام الطائفي، والتوجه نحو نظام مدني حضاري.

إقرأ أيضا : وداعًا لـ«الوراثة السياسية».. اللبنانيات قادمات تحت قبة البرلمان

من جانبه، يرى علي سليم، منسق قسم الأبحاث في الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات، أن هذا القانون الجديد يتيح للناخب منح صوته التفضيلي على أساس مذهبي، مشيرا إلى أن الناخب السني أو الشيعي أو الدرزي مثلًا سيختار من اللائحة التي أمامه اسمًا تفضيليًا واحدًا غالبًا يكون من طائفته.

كما أكد أن القانون النسبي الجديد، يعزز الخطاب الطائفي للقوى السياسية، ويحد من التنوع في الدوائر الانتخابية، عبر تقسيم الدوائر والمقاعد مذهبيًا، بحسب "إرم نيوز".

وبعد مرور كل تلك الأعوام، لا زال اللبنانيون يعاونون مرارة هذه الحرب، كما يتخوفون عودة هذه الحرب مرة أخرى نتيجة استمرار نقاط الخلاف الرئيسية وانقسام اللبنانيين حول هذه النقاط وتطبيق قانون انتخابي يعزز الطائفية ويزيد الانقسام.

شارك الخبر على