محمد رمضان المفتري والمفتري عليه
about 9 years in أخبار اليوم
آثرت علي نفسي ألا أتناول الحديث عن مسلسل "الأسطورة" للنجم محمد رمضان.. لا لشئ غير أنني اختلف علي ما يقدمه من مضمون وهو بمعايير السوق فنان "سوبر ستار" عليه أن يدقق في اختياره بعد ما صار "قدوة " لقطاع عريض من الشباب.
واستفزني ما نشره رمضان عبر صفحته علي الفيسبوك يسخر من زميله الفنان بيومي فؤاد لمجرد أن الأخير عَبْرَ عن رأيه في دراما الأسطورة وقال رمضان : ما شاء الله وكمان كان عندك وقت تشوف الأسطورة يا بيومي !؟ ده أنت تشتغل ناقد بقى "بصوت رفاعي الدسوقي".
والحقيقة لا يختلف اثنان علي نجومية الفنان محمد رمضان وقدرته علي التقمص ومعايشة الشخصية والولوج إلي أدق تفاصيلها، كما لا نشكك في شعبيته الجارفة، خاصة لدي قاعدة ليست بالقليلة من الشباب، وتلك النجومية منحة "ربانية" منحها الله عز وجل لهذا الشاب المجتهد، ورمضان بلا جدال فنان موهوب ويعمل لجمهوره ألف حساب.
ففي الوقت الذي يعمل "الهولوديون بأمريكا علي صناعة نجم أسطوري كل فترة ، نجد رمضان صاحب قاعدة جماهيرية شيدت علي مر الأيام بمجهوده الفردي و ليس وراؤه مؤسسه ما، وكل ما لديه موهبة حقيقة وإخلاص في العمل ووفاء لجمهوره، وحرص من جانبه علي اختيار الأفضل"من وجهه نظره" ليقدمه بعدما حقق مسلسل"ابن حلال" العام قبل الماضي نجاحا كبيرا.
تلك المقدمة كانت بداية ضرورية قبل الحديث عن مسلسل "الأسطورة " الذي كتبه محمد أحمد عبد المعطي، وأخرجه محمد سامي وشارك في بطولته إلي جانب محمد رمضان كوكبة كبيرة من الفنانين.
المسلسل يتناول الصراع الأبدي بين السلطة والنفوذ وسطوة المال،والتحولات الجذرية التي يتعرض لها الإنسان عندما يقع فريسة للظلم، ويقتل حلمه ، ويطرح "الأسطورة" قضية شائكة في نفس الوقت، هي هل يستطيع المرء أن يغير قدره الذي فرض عليه بالجهد والعرق والعلم أم أن الواقع المصري المرير يقتل الحلم لدي كل شاب طموح مجتهد بسبب "الفساد" و الموروث الفكري والثقافي لدي المجتمع المصري.
فالكاتب محمد أحمد عبد المعطي قدم خلطة الدراما التجارية فوق معايير النجم بعد استبعاد الكاتب هشام هلال الذي صاغ عدد من الحلقات لم تلقي القبول.
والمسلسل كعمل درامي ضخم لم يبخل الإنتاج عليه، كما أن "الكاستينج" واختيار الفنانين حقق مثالية عميقة للأدوار وخدم فكرة كاتب العمل، فالقديرة فردوس عبد الحميد وظفت دور الأم الثكلي في ولديها "رفاعي و ناصر"باقتدار و فهم لأبعاد الشخصية حتى في التحولات الدرامية الغير مبررة من الكاتب إلا أنها رغبة النجم. كما تفهمت الفنانة عايدة رياض ابعاد شخصية "عائشة" ولعبتها بسلاسة السهم الممتنع. أما ريم مصطفي "مريم" فبلغت بهذا الدور شوطا كبيرا في عالم الفن لاسيما أن لها في رمضان عدد من الأعمال تقمصت خلالها كل شخصية بأسلوب مغاير للآخر مما يؤكد علي مخزونها الفني الكبير. أما الفنانة الصاعدة مي عمر"شهد" والتي تبشر بنجمة واعدة اتصور اننا بانتظار أعمال جديدة تكشف عن جوانبها الفنية الآخري.
نجم النجوم محمد رمضان قدم شخصية رفاعي وناصر بنفس الأداء والشكل في حين أن رفاعي لم ينل قسط من التعليم مثل شقيقة الأول علي الدفعة والطامح في العمل بسلك النيابة، والغريب في تطور شخصية ناصر رجل القانون المتفوق أن يتحول إلي الجريمة بتفوق أيضا وهو الأمر الغير منطقي لرجل عشق القانون إلي درجة التفوق.
و السؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا أحب الجمهور مسلسل "ابن حلال" الذي حقق نجاحا جماهيريا لم يختلف عليه الكثيرون في حين أن الأسطورة جذب فئة بعينها من الجمهور، والإجابة بكل بساطة أن ابن حلال مسلسل مأخوذ عن قصة واقعية عاش أحدثها الشعب المصري، من ناحية و من ناحية آخري الطبيعة المصرية ترفض الظلم و حبيشة في ابن حلال كان انسان بسيط و مكافح يبحث عن الرزق بكل شرف ويرفض الظلم إلى أن ساقته الظروف السيئة إلى الحادث المشئوم و توالت الأحداث. من هذا المنطلق انتظر المشاهد بشغف معرفة جزاء من ظلم حبيشة. في الوقت الذي قدم رمضان في الأسطورة شخصية "البلطجي المودرن" الذي نرفضه في مجتمعنا المصري.
"ابن حلال" و"الأسطورة" الفارق كبير بين هذا العنوان و ذاك فالأول كما جاء في معجم المعاني ينم عما ليس بحرام ، كريم الخلق حسن المعاملة ، أما الأسطورة فتعني خُرافة ، حديث ملفَّق لا أصل له.