أحمد خالد توفيق يخوض لعبته الأخيرة مع الموت.. اختاره لأنه الأنبل

أكثر من ٧ سنوات فى التحرير

«لو صحوت يوما فوجدت هذا الرجل مات لشعرت أن العالم ينهار»، هكذا قال الكاتب أحمد خالد توفيق على لسان إحدى الشخصيات في جزء من سلسلة رواياته الشهيرة «ما وراء الطبيعة»، وبالجملة نفسها استقبل جمهور صاحب شخصية «رفعت إسماعيل» خبر وفاته اليوم الإثنين، بعدما عانى في أيامه الأخيرة من تدهور حالته الصحية، وقد تم حجزه في مستشفى الدمرداش، ليفارق العالم منها عن 56 عامًا.

الموت الذي قال عنه توفيق يوما ما أنه «اللعبة العظمى التي لم نجربها بعد» وذلك خلال روايته «يوتوبيا»، الآن يودعنا إلى العالم الآخر ليلعب مباراته الأولى والأخيرة، وكما كتب في رواية من أجل طروادة من سلسلة فانتازيا «الموت يختار ببراعة، يختار الأفضل والأنبل والأشجع».

دائما ما كان الموت ضيفًا في خواطر الراحل أحمد خالد توفيق، بل وترك أثره على عناوين بعض قصصه والروايات التي قدمها، مثل «رقصة الموت» التي وصف فيها الأفارقة وعلاقتهم بالرقص قائلًا: «إن الأفارقة يرقصون دومًا، يرقصون للفرح ويرقصون للحزن، يرقصون للحب ويرقصون للمقت، يرقصون للحياة ويرقصون للموت» ورواية «أسطورة أغنية الموت»، بخلاف سلسلة القصص القصيرة التي قدمها وهي «معرض الموت»، ورواية «سباق الموت».

ورواية «الموت الأصفر» التي وصف خلالها ما يسببه مرض الكبد المؤدي للموت قائلًا «تبدأ القصة كمعظم الحميات النزفية بصداع وارتفاع في الحرارة وألم ظهر، أعراض عامة تشبه الإنفلونزا، ولكن في اليوم الخامس - وكل الحميات النزفية تنزف في اليوم الخامس، تبدأ أعراض إصابة الفيروس للكبد حيث يحول خلايا الكبد إلى عجين بلا ملامح، إنه لون الصفراء الذي يغزو كل شيء ومنه اشتق اسم الحمى، ثم النزف من الأغشية المخاطية ومن فتحات الجسم، تبدأ الهلاوس وعلى الأرجح يكون الموت هو النهاية».

أحمد توفيق كتب كثيرًا عن الموت، وبخاصة في كتابه الساخر قصاصات قابلة للحرق، وهو عبارة عن مقولات جمعها معا، فيقول: «ورقة في درجي كتبتها في السابعة من عمري أودع فيها العالم لأنني قررت الانتحار، أصابني الهلع: ترى هل انتحرت فعلًا بعد ما كتبت الورقة ؟، ربما أشعر أحيانًا بأنني جثة نخرة».

وفي تلك القصاصات أيضًا، أكد أنه لا يخاف الموت، لكنه يخاف أن يموت قبل أن يحیا، ثم كتب أيضًا: «ثلاثة يكسبون من فكرة الفرار من الموت، الطبيب يكسب من الأمل في الفرار، مندوب التأمين يكسب من اليأس من الفرار، والحانوتي يكسب من فشل الفرار».

توفيق تعايش مع الفكرة، حتى أصبحت هاجسًا واضحًا لديه، فتجد من أشهر مقولاته: «ما أهون الموت حين يكون خبرًا فى مجلة أو سطرًا فى حكم محكمة».

«أنا يا رفاق أخشى الموت كثيراً».. يردد توفيق وهو يخاطب قراءه ومحبيه، فهو ليس من هؤلاء المدّعين الذين يرددون في فخر طفولي: نحن لا نهاب الموت، كما يقول، معقبًا: «كيف لا أهاب الموت و أنا غير مستعد لمواجهة خالقي ؟ إن من لا يخشى الموت هو أحمق أو واهن الإيمان».

ومن بين كتابته، التي لا تخلو من السخرية، قال: «بعد عام من الكتابة اكتشفت أنني -للأسف- لن أصير نجيب محفوظ لمجرد أن لي شامة على خدي، ولن أصير الشابي لمجرد أن عيني صغيرتان حائرتان.. ولن أصير ناجي لمجرد أنني موشك على الصلع»، لكن اليوم وبعد رحيله نقول إنه لم يصبح نجيب محفوظ جديد، ولكنه استطاع أن يكون أحمد خالد توفيق، ذلك الشخص المحفور اسمه في ذاكرة أجيال اعتادت شراء كُتيٍباته الصغيرة من الأكشاك أمام المدرسة.

شارك الخبر على