«التخبط».. شعار الإدارة الأمريكية بعد إعلان ترامب الانسحاب من سوريا

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

لم يكن التصريح الذي أدلى به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي حول انسحاب أمريكا من سوريا "في أقرب وقت"، فريدًا من نوعه، حيث قال مسؤولون أمريكيون إن حالة من القلق سيطرت على كبار مستشاري الرئيس بعدما أخبرهم بشكل خاص أنه يريد الانسحاب من سوريا.

وأشارت صحيفة "بوسطن هيرالد" الأمريكية، إلى أن مساعدي ترامب اعتقدوا أنهم أقنعوه أن الولايات المتحدة بحاجة إلى الحفاظ على وجودها في سوريا، ليس فقط لأن تنظيم داعش لم يهزم بعد، ولكن أيضا لأن الفراغ المتوقع حدوثه في السلطة يمكن أن تملأه الجماعات المتطرفة الأخرى أو إيران.

وكان ترامب قد وقع على الخطاب الذي ألقاه يناير الماضي، وزير الخارجية آنذاك ريكس تيلرسون، حيث عرض الاستراتيجية الأمريكية الجديدة وأعلن أنه "من الضروري أن تظل القوات الأمريكية موجودة في سوريا".

وأضافت الصحيفة، أنه بحلول منتصف فبراير، أخبر ترامب كبار مساعديه في الاجتماعات الخاصة، أنه يريد أن تخرج القوات الأمريكية من سوريا، بمجرد إعلان القضاء على داعش.

حينها انطلقت أجراس الإنذار في وزارة الخارجية ووزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، حيث كان يخطط المسؤولون للتحول التدريجي والمنهجي من عملية يقودها الجيش، إلى بعثة دبلوماسية تبحث إعادة بناء البنية التحتية الأساسية في البلد الذي مزقته الحرب.

وفي إحدى الخطوات، التي أثبتت أن ترامب جاد في الانسحاب من سوريا، قام البيت الأبيض هذا الأسبوع بتجميد نحو 200 مليون دولار من التمويل الأمريكي لمشاريع إعادة الاستقرار في سوريا.

وجاء أول اقتراح علني من ترامب بأنه يرغب في الانسحاب في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الأسترالي أليستر كامبل في 23 فبراير، عندما قال ترامب إن الولايات المتحدة تدخلت في سوريا "للتخلص من داعش والعودة للوطن".  

وتفاجأت أجهزة الأمن القومي الأمريكية بإعلان ترامب الانسحاب من سوريا، في خطاب بولاية أوهايو الأمريكية، قائلًا "'سنخرج من سوريا، قريبا جدا".

ورد البيت الأبيض على استفسارات الصحفيين والمسؤولين الأجانب، التي انهالت على البنتاجون ووزارة الخارجية، ومجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض للحصول على توضيح، برد غامض، حيث قال مسؤولون إن "كلمات ترامب تتحدث عن نفسها".

فيما قال المايجور ادريان رانكين جالواي، المتحدث باسم البنتاجون، إن "مهمة وزارة الدفاع في سوريا لم تتغير".

وفي السياق نفسه، قالت "بوسطن هيرالد" إنه ليس من الواضح حتى الآن كيف تأثر قرار ترامب بالانسحاب، بالتغييرات الأخيرة التي قام بها في فريق الأمن القومي.

حيث تم إقالة تيلرسون ومستشار الأمن القومي السابق إتش آر ماكماستر، اللذين كانا من المدافعين عن الحفاظ على الوجود الأمريكي في سوريا، لكن ترامب عين جون بولتون المدافع عن التدخل الأمريكي والاستخدام العدواني للجيش في الخارج محل ماكماستر، حيث أثار هذا التغير المفاجئ في سياسة الرئيس القلق داخل وخارج الولايات المتحدة.

وقال عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين إن الدول الأخرى المشاركة في التحالف الدولي ضد داعش، تخشى من أن يؤدي اندفاع ترامب إلى الانسحاب على عجل إلى السماح لمقاتلي داعش بإعادة تنظيم صفوفهم.

وقد زاد هذا القلق من حقيقة أن العمليات البرية التي تدعمها الولايات المتحدة ضد ما تبقى من مسلحي داعش في سوريا قد تم تعليقها في وقت سابق من هذا الشهر، بعد أن اضطر المقاتلون الأكراد المتحالفون مع الولايات المتحدة بالاتجاه نحو عفرين لمواجهة العملية التركية بها.

وأكد العديد من المسؤولين أن هناك أهدافا إستراتيجية أخرى للولايات المتحدة غير هزيمة داعش، يمكن أن تتعرض للخطر بسبب الانسحاب المتسرع.

حيث تشعر إسرائيل، أقرب حليف لأمريكا في الشرق الأوسط، ودول أخرى مثل السعودية والإمارات، بقلق عميق من التأثير المتزايد لإيران وحلفائها، بما في ذلك حزب الله، داخل سوريا.

وينظر إلى الوجود العسكري الأمريكي في سوريا على أنه عازل ضد النشاط الإيراني غير الخاضع للرقابة، وخاصة رادع لرغبة طهران في إنشاء ممر بري من إيران إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​في لبنان.

كما أنه من المتوقع أن يضع الانسحاب الأمريكي، سوريا تحت رحمة روسيا، التي تدعم قوات الرئيس السوري بشار الأسد، وسوف تملأ الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة بالتأكيد، وقد أثار هذا الاحتمال قلق دول مثل فرنسا، التي تربطها علاقات تاريخية مع بلاد الشام.

وأشارت الصحيفة إلى أن دعوة ترامب إلى الانسحاب "في أقرب وقت" من سوريا، قد يشير إلى أن ترامب متفائل بشكل مفرط في تقييمه لمدى سرعة إنهاء الحملة ضد داعش.

فعلى الرغم من أنه تم طرد داعش من كل الأراضي التي كانت تسيطر عليها في العراق، و95% من أراضيها في سوريا، فإن نسبة الخمسة في المائة المتبقية يصعب التخلص منها وقد يستغرق تطهيرها عدة أشهر.

شارك الخبر على