في فضاء الحرية

حوالي ٦ سنوات فى المدى

 حسين الصدر
-1-إنَّ الحرية معشوقة الأحرار ، وهم يذوبون في حبّها ، والتغني بها ، واعتبارها من أهمّ ما يتمنون ارتشافه من كأس الحياة ...-2-والنظام الدكتاتوري البائد قد صادر كل الحقوق والحريات ،ولم يسمح الاّ بشيء واحد وهو التطبيل والتزمير (للقائد الضرورة) باعتباره النسخة التي لا تتكرر (...) لا في السياسة والإدارة فحسب، بل في كل الشؤون الأخرى ..!!وأنفق الطاغوت بسخاء على زُمَرِ المدّاحين من باعة الحروف، من الشعراء والكُتّاب، في داخل العراق وخارجه، ووصل المديح الزائف الى حدّ التخمة ..!!-3-وما أن سقط الصنم الكبير حتى فتحت أبواب الحرية على مصراعيها لا لأبداء الآراء فحسب ،بل للسفر ، ولإصدار الصحف والمجلات ، وإنشاء المراكز والمحطات الفضائية ...ومع ذلك كله، يَحّنُ الحمقى والأوغاد من بقايا أنصار الدكتاتورية ،الى تلك الأيام السود ، غافلين عن انّ الانسان العراقي كان فيها أرخص السلع في سوق الطغيان والعدوان ...لم يسلم من العدوان حتى بعض أعضاء القيادتَيْن القطرية والقومية للحزب العفلقي الحاكم ، فأية مزيّة لنظام المقابر الجماعية يمكن أن يَذْكرها الموضوعيون ؟وخلاصة القول :إن ايتام النظام الدكتاتوري البائد يستمرؤن (العبودية)، ويبغضون الأجواء العابقة بشذا الحرية ، وهم بذلك لا يستحقون منا الاّ الذم والاحتقار .-4-إن العراقيين –بشكل خاص- يكرهون القيود حتى اذا كانت في مجال تسعير المواد الغذائية ..!!ومن المضحك المبكي في هذا الباب :إن (نور الدين محمود) – وهو عسكريّ معروف – عُهد اليه بتشكيل الوزارة العراقية عام 1952 إثر الاضطرابات التي شهدتها البلاد،فبادر الى اعلان الأحكام العرفية وأصدر أوامره بتحديد الأسعار للمواد الغذائية بحيث لا يجوز للباعة أن يتخطوها بالزيادة .ومن المواد الغذائية التي شملتها التسعيرة (الشلغم)بينما المألوف أن يتناول التسعير المواد الحيوية للحياة كالخبز واللحوم والأرز وما شابهوتسعيرة رئيس الوزراء للشلغم أثار عليه موجة من السخرية ، فأبرق أحدهم برقية لرئيس الوزراء قال فيها:" تسعيرتكم الشلغم أثلج قلوبنا .سيروا على بركة الله "وقد أصبحت هذه البرقية مثار تداول الناس يتفكهون بها ، ويديرونها على ألسنتهم لما تضمنته من سخرية لاذعةوكان اللازم أن يقابل رئيس الوزراء هذه البرقية بالابتسامة العريضة باعتبارها إحدى الطرائف ..!،ولكنه أمر بأحالة مُرْسِلِها الى المحاكم ...وهذا يعني ضيق فضاء الحرية حتى في ظل العهد الملكي الذي انتهى يوم 14 تموز /1958 .-5-والسؤال الآن :هل سمعتم بانَّ أحداً عوقب على رأي أبداه ، أو نقد تبّناه ، أو نكتةٍ أرسلها تمس كبار المسؤولين في العراق الجديد ؟إن انكار الحريات في العراق الجديد ، جحود صريح ... واعتساف كبير ..إن المواخذات على العراق الجديد ليست بقليلة ، ولكنْ ليس من بينها تضييق الحريات على المواطنين العراقيين ، وهذه إحدى الايجابيات التي لابُدَّ أن لا تنسى .

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على