كواليس (الكاباريه السياسي) الشكل والمحتوى

حوالي ٦ سنوات فى المدى

سامي عبد الحميد
(الكاباريه) أحد الأشكال الرئيسة للعروض الحداثية وأصله أوروبي ولكن الاميركان أحدثوا عليه تنوعات فأصبح وفقاً للمنهجية عرضأً مفرطاً منحطاً، وخطراً محظوراً، ومغالطاً جنسياً. وتم تخيّله من قبل الرسام (تولوز لوتريك) في ابتداعه للوحات المرسومة. وتم وصفه في روايات الألماني (اشروود)، وثم تمسرحه في مسرحية (فان دروتن) المعنونة (أنا كاميرا). وفي عمل كل من (كاندر وأيب) المعنون (الكاباريه الموسيقية) وتم تصويره سينمائياً في عمل (جوزيف فون سترندبرغ) المعنون (الملاك الأزرق). باللغة الفرنسية فأن كلمة (كاباريه) تعني (حانه) وتعني أيضاً عرضاً صغيراً للتسلية في وضع أليف قد يكون مرتجلاً يمزج الموسيقى والأغنية والمقطوعات التمثيلية التي تعلّق على القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أو المسائل الفنية. وتسري كلمة (كاباريه) على أماكن التسلية مثل النوادي الليلية. بدأ (الكاباريه) الحديث في باريس عام 1881 في حي مونمارت البوهيمي كمكان طليعي للتسلية يخص النخبة من الجمهور. وقد تنامت شعبيته بسرعة وتكاثرت أماكنه في عدد من المدن الفرنسية والالمانية. وقادت عروضه الأليفة الى ايجاد اسلوب جديد للتمثيل يركز على موضوعات طبيعية للحياة اليومية. انقسم الفنانون الفرنسيون بين الألفة التي يوفرها مسرح الكاباريه والاستعراضات الاخاذة لنوادي باريس الليلية مثل (الفوليه برجير) و(مولان روج) ومن (غيلبرت) إلى (مستنغويت) ومن (جوزفين بكيز) إلى (أديث بياف) ومن (موريس شيفاليه) إلى (جاك برل)، أصبحت تقاليد الكاباريه الفرنسية نخبوية وذات هوية وطنية خاصة وصارت موضع جذب للسواح من مختلف أنحاء العالم.في المانيا بدأ (الكاباريه) عام 1901 في برلين وتبع ذلك قيام (ماكس راينهارت) بأنشاء ما سماه (الصوت والدخان) بمشاركة ممثلين من المسرح الألماني، وظهور كاباريه آخر في ميونيخ كان المخرج (فيدكند) يقدم أعماله فيه، وفي روسيا عمل (الكاباريه) على هامش المجتمع المسرحي وقام المخرج (يفريموف) بتأسيس ما سماه (المرآة الملتوية في مدينة (سان بطرسبورغ) عام 1908 وقام المستقبليون بتأسيس كاباريه خاص بهم. وفي زيوريخ السويسرية تأسس (كاباريه فولتير) عام 1916 عمل فيه الدادائيون. رغم أحداث الحرب العالمية الأولى فقد انتعش الكاباريه في العاصمة الألمانية وارتبطت الاعمال فيه بالثقافة المعاكسة وضد الأفكار السائدة مما عرضها للرقابة المشددة حيث احتوت عروضها على مقطوعات تمثيلية مختلطة وبمرافقة موسيقى الجاز والأغاني التي تتعرض لمسائل اجتماعية. وفي عام 1935 تم غلق جميع كاباريهات برلين بأوامر من الحكومة النازية.في الولايات المتحدة الأميركية اعتمدت عروض الكاباريه على أشكال فنية متداخلة وكان للأجواق الموسيقية المتنوعة دور مهم في عروض الكاباريه التي اقتبست عناصر عديدة من مسارح (برودواي). أما في انكلترا فقد كانت عروض الكاباريه أكثر تهذيباً ولو أنها اقتبست الكثير من عروض الكاباريه الألمانية. ويبدو واضحاً أن أغلب عروض الكاباريه في الدول الأوروبية أحتوت على موضوعات سياسية واجتماعية نقدية تتخلل الفقرات الغنائية والاستعراضية.وما سمي (الكاباريه السياسي) هو ذلك النوع من العروض المسرحية التي تتعرض إلى الموضوعات السياسية بالدرجة الأولى وتغلفها بعروض فنية أخرى كالموسيقى والغناء والرقص وفنون الأداء الأخرى، ولا أعتقد أن الساحة المسرحية في البلاد العربية قد شهدت عروضاً للكاباريه السياسي بمواصفاتها المذكورة أعلاه ولكنها شهدت مسرحيات كوميدية تغلب على مادتها الموضوعات السياسية وتوجيه النقد للسلطة الحاكمة ومثالها مسرحيات السوري (دريد لحام) ومع أنها توجه نقداً لاذعاً ، إلا أن السلطة لم ترفع عليها سوط الرقابة ونادراً ما كانت تمنع عرض البعض من تلك المسرحيات بادعاء عدم الوقوف ضد حرية التعبير.

شارك الخبر على