في عدد «الأزهر» الجديد الأمة الإسلامية في مفترق الطرق

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

صدر عدد رجب- مارس، من المجلة الشهرية "الأزهر" التى يصدرها مجمع البحوث الإسلامية، وهى مجلة إسلامية شهرية، تأسست عام 1349هـ - 1931م، ويرأس تحريرها الدكتور محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف الأسبق، الذى كتب افتتاحية العدد: "الأمة الإسلامية في مفترق الطرق"، ونطالع فى الغلاف عناوين أربعة موضوعات: "تفكيك الفكر المتطرف الخطأ فى فهم السيرة النبوية"، للدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، و"حضارة الإسلام هى حضارة العدل والمساواة"، للدكتور خورشيد أشرف إقبال الندوى، مدير المعهد الإسلامى العالمى بالهند، و"المعراج الحضارى للأمة"، للدكتور أمان محمد قحيف، أستاذ الفكر الإسلامى المعاصر، و"لم يكن الإسراء رؤيا منامية"، للدكتور رضا عبد المجيد المتولى، أستاذ التفسير فى كلية أصول الدين بالمنصورة.

يضم العدد العديد من الموضوعات، تتوزع على أبواب المجلة الثابتة: التفسير؛ وفيه تواصل المجلة نشر تفسير سورة البقرة، للإمام محمد عبده، وباب: دراسات قرآنية، وفيه تواصل المجلة نشر دراسة "بنو إسرائيل في الكتاب والسنة"، للدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر السابق، كما تواصل المجلة نشر دراسة "الشيعة والتفسير الباطنى قراءة فى المنهج والتطبيق"، للدكتور نادى محمود الأزهرى، عميد كلية البنات الأزهرية بأسوان، بالإضافة إلى أبواب: دراسات فى السنة النبوية، قضايا التجديد، دراسات فى العقيدة والأخلاق، الشريعة الإسلامية وعلومها، فى محراب العربية، السيرة والتاريخ، من أعلام الفكر الإسلامى، وموضوعات منوعة؛ الذى يتضمن: من نوادر المخطوطات العربية، طرائف ومواقف، استفتاءات القراء يجيب عنها مفتى الديار المصرية، مؤتمر مكافحة الفساد، عرض هدايا مجلة الأزهر 1438 هـ، بين المجلة والقارئ، أنباء الأزهر، أخبار مجمع البحوث الإسلامية، المسلمون حول العالم، القسم الفرنسى، القسم الإنجليزى.

فى الافتتاحية نقرأ: "ذكرنا في المقال السابق خمسة أسباب أدت إلى تخلف الأمة. وهي: إهمال العلم والحضارة - اختزال الإسلام في الشعائر - ظواهر التشدد والتطرف - التشرذم وفقدان التضامن، وإذا كانت هذه الأسباب وغيرها قد أدت إلى التراجع الحضاري القائم فى عالمنا الإسلامي فإن هذه الأوضاع الداخلية كان لها أثرها على صورة العالم الإسلامي في الخارج، فنحن لا نعيش وحدنا في هذا العالم، ولا نستطيع أن نعزل أنفسنا عما يدور حولنا في عالم اليوم من متغيرات، وتيار العولمة المعاصر تيار جارف، وما يحمله من سلبيات أو إيجابيات أو فرص ومخاطر على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية يؤثر علينا بشكل أو بآخر، أردنا أم لم نرد، ولا مفر أمامنا من مواجهة تحديات العولمة.

فالعولمة السياسية تتحدى أمتنا بما تحمله من شعارات الديمقراطية والتعددية السياسية وحقوق الإنسان، والعولمة الاقتصادية تتحداها بما تحمله من إزالة الحواجز أمام تدفقات التجارة والسلع والخدمات والمال والبرامج، وبما تحمله أيضا من تكتلات اقتصادية كبرى وشركات عملاقة متعددة الجنسيات ومؤسسات مالية دولية، وهذا كله جعل البعض فى الشرق وفى الغرب يصف العولمة بأنها عولمة متوحشة.

أما العولمة الثقافية فإنها تتحدى الأمة بفرض ثقافتها وقيمها وعاداتها الاجتماعية، الأمر الذى يهدد ثقافتنا بالذوبان فى ثقافة الأقوى ويطمس بالتالى هويتنا الإسلامية وشخصيتها الحضارية.

وهذا كله يعنى أن أمتنا أصبحت محاصرة من كل جانب، وقد تكالبت عليها الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها.

مع العدد توزع هديتان، هدية من هيئة كبار العلماء، وهى عبارة عن كتيب عنوانه: "حقوق الإنسان فى الإسلام"، للدكتور على عبد الواحد وافى، وهدية المجلة، وهى كتيب عنوانه: "مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التجديد، للدكتور محمود حمدى زقزوق، رئيس تحرير المجلة، ووزير الأوقاف الأسبق.

كتيب الدكتور وافى قدم له الدكتور إبراهيم الهدهد، عضو مجلس تحرير المجلة، القائم بأعمال رئيس جامعة الأزهر الأسبق، بهذا العنوان: "أ.د/ على عبد الواحد وافى وتعانق النشأة الأزهرية مع الثقافة الغربية فى الدفاع عن الإسلام"، ثم يقدم تعريفا بالكتور وافى: علي عبد الواحد وافي (1901 - 1991) كاتب ورائد من رواد علم الاجتماع العربي، تخرج في دار العلوم العليا عام 1925، درس الفلسفة وعلم الاجتماع بجامعة السوربون في باريس، فحصل على البكالوريوس عام 1928، ثم درجة الدكتوراه في علم الاجتماع من الجامعة نفسها عام 1931.عمل مدرسا لعلم النفس والتربية والاجتماع في الأزهر وجامعة القاهرة، والعديد من الجامعات العربية: كجامعة أم درمان بالسودان، وجامعة قسنطينة بالجزائر، وجامعة محمد الخامس بالرباط، وجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، وتقلّد مناصب أكاديمية عديدة، منها عميد كلية التربية بالأزهر، وعميد كلية الآداب ورئيس قسم الاجتماع بجامعة أم درمان، وجامعة القاهرة، انتخب عضوا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وبالمجمع الدولي لعلم الاجتماع، وبالمجالس القومية المتخصصة، وبالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.

وقد منح جائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1989."، ويقدم الكتاب بأنه: "بحث نشر فى مؤتمر حقوق الإنسان الذى عقدته اليونسكو بمدينة إكسفورد"، دون أن يبين السنة التى عقد فيها المؤتمر، وربما نعرف السبب من إشارته فى الهامش إلى أنه "أفاد فى هذا التقديم من عدة مواقع على الشبكة العنكبوتية ومن الاطلاع على بعض مؤلفات الكاتب"، وهكذا لا يخبرنا الدكتور الهدهد عن المصدر الذى أخذ منه نص ذلك الكتاب، لكننا نعرف أن الدكتور وافى نشر كتابين، هما:

المساواة فى الإسلام، دار المعارف، مصر، 1962-112 من الصفحات، وحقوق الإنسان فى الإسلام، مكتبة نهضة مصر، مصر، 1960- 164 من الصفحات، كما نشر دراسة بعنوان: "حقوق الإنسان فى الإسلام" فى مجلة اتحاد الجامعات العربية- الأردن، نوفمبر 1980.

ولنا أن نخمن أن مؤتمر إكسفورد قد عقد فى تاريخ مقارب للكتابين، ولنا أيضا أن نفكر فى المتغيرات الهائلة التى حدثت فى مفاهيم حقوق الإنسان من وقتها حتى الآن وفى الواقع ذاته، وبمطالعة الكتيب يتبين أن الموضوع الذى استحوذ على اهتمام أكبر من سواه هو المساواة بين الرجل والمرأة، وقد شغلت موضوعات التفرقة بينهما حيزا أكبر فى هذا الموضوع؛ حيث يبرز، ويدافع، وافى عن: تفرقة الإسلام بين الرجل والمرأة فى: الميراث، القوامة، الشهادة، حق الطلاق.

وتبقى ملاحظتان شكليتان، أولاهما أن جانبا ليس بقليل من موضوعات المجلة سبق نشره، وإعادة النشر هذه تبدو مستلة من سياقها، ومعظم موضوعات المجلة تبدو مفارقة لمشكلات وموضوعات الواقع، والعدد يحوى موضوعات كثيرة هى أقرب إلى المقال القصير، وأخيرا يبدو سعر المجلة: 350 قرشا غير واقعى تماما، حسنا إن يسر مجمع البحوث الإسلامية على القراء، لكن إلى هذه الدرجة فهذا يحتاج إلى تفسير فقد يعد تبذيرا!

شارك الخبر على