الضائقة الماليّة تدفع مرشّحي الانتخابات لخوض التنافس على "فيسبوك"

حوالي ٦ سنوات فى المدى

 بغداد/ وائل نعمة
سيطر سوق الشائعات والتسقيط السياسي على موسم الانتخابات الحالي، فيما شهدت بورصة الصفحات الممولة على مواقع التواصل الاجتماعي تصاعدأ لافتاً خلال شهر واحد.وتعرَّفَ أغلب العراقيين الذين يستخدمون "فيسبوك"، على المرشحين المحتملين لخوص الانتخابات التشريعية، قبل أكثر من شهر من الموعد الرسمي لانطلاق الدعاية الانتخابيّة.وانطلقت خلال هذه الفترة أكثر من 7 آلاف صفحة افتراضية، تعمل على جبهتين، الأولى الترويج لمرشَّح أو قائمة انتخابية، والثانية تسقيط المنافسين من خلال تسريب فيديوهات مفبركة أو حقيقية تنطوي على مواقف سابقة أو زلّات لسان.وأظهرت تلك الصفحات بعض المرشحين مهتمين بقضايا اجتماعية وخدمية، خلال جولات ميدانية لمناطق فقيرة، كما حضر مسؤول رفيع حفل خطوبة!ونالت القوى المدنية الحصة الاكبر من عمليات بدت وكأنها منظمة في حفلة التسقيط، حيث شنّ نواب ورجال دين هجمات وصلت حد التحريض بالقتل.وحددت مفوضية الانتخابات الـ 10 من نيسان المقبل، موعداً لبدء الدعاية الانتخابية لجميع الكتل والمرشحين، البالغ عددهم نحو سبعة آلاف مرشح، بواقع 21 متنافساً على المقعد البرلماني الواحد.وحدد عدد أعضاء البرلمان في الدورة الانتخابية الجديدة بـ329 مقعداً بزيادة مقعد واحد عن انتخابات 2014، فيما تقرر أن تفتتح صبيحة يوم الاقتراع، 12 أيار المقبل، نحو 52 ألف محطة انتخابية بعموم مدن العراق.
دعاية مبكّرةلكنْ رغم ذلك رصد بعض المراقبين حملات دعائية مبكرة، لعدد من القوى السياسية خاصة الإسلامية، حيث بدأت بتعليق أسماء التحالفات وصور بعض المرشحين.ويقول هوكر جتو، رئيس منظمة شمس لمراقبة الانتخابات لـ(المدى) أمس، بأن منظمته "رصدت مبكراً تلك الحملات، التي تعتبر خرقاً قانونياً للوائح مفوضية الانتخابات".وأضاف جتو قائلا: "بعض القوى السياسية بدأت بالفعل الحملة الانتخابية، من خلال زيارة المناطق السكنية والاجتماع بالجمهور، أو الترويج عبر مواقع التواصل الاجتماعي".وانتشرت خلال الايام القليلة الماضية، لافتات عديدة في بغداد وبعض المحافظات الجنوبية بلون بنفسجي تعود لحركة إرادة التي تزعمتها النائبة حنان الفتلاوي.وتخوض "إرادة" الانتخابات منفردة، في خمس محافظات، فيما كان ناشطون في البصرة قد نشروا الشهر الماضي، صورة لبيت فخم في المدينة استخدم كمركز للحركة.كذلك رفعت بعض الصور في جانب الكرخ ببغداد، لشخصيات معروفة ضمن فصائل الحشد الشعبي، التي قررت مؤخرا خوض الانتخابات ضمن تحالف فتح.بالإضافة الى ذلك تبث شاشة عملاقة فوق إحدى السيطرات الامنية في بغداد، فيديوهات بشكل مستمر عن جولات رئيس الوزراء حيدر العبادي في المناطق المحررة ودعواته للقضاء على الفساد.وأصدرت المفوضية مؤخراً، نظام الحملات الانتخابية الذي سيسمح للأحزاب والتحالفات السياسية والمرشحين "المصادق عليهم من قبل المفوضية" أن يباشروا حمالتهم الانتخابية ابتداءً من تاريخ المصادقة على المرشحين يوم 10/4/2018 ، على أن تتوقف قبل 24 ساعة من وقت فتح مراكز الاقتراع.بدوره، يقول أحمد علي إبراهيم، عضو تحالف القوى المدنية الديمقراطية، وهو ائتلاف جديد يضم عدداً من القوى المدنية، في تصريح لـ(المدى) أمس، انه "لا يمكن في كل حال من الاحوال التنافس مع دعاية الاحزاب المهيمنة على السلطة، المقارنة دائما ليست في صالحنا".ويضيف إبراهيم: "في العادة لا توجد عقوبات رادعة للدعايات المبكرة، كما أن فرض الغرامات لا يعتبر شيئاً مهماً لأحزاب تملك الكثير من الأموال".وتقع بعض مكاتب القوى السياسية في مناطق مهمة وسط العاصمة وفي المحافظات وبعضها في بنايات تابعة للدولة أو لأزلام النظام السابق، وهو أمر يسمح لها بإقامة دعاية في مواقع ستراتيجية.ويمنع بحسب نظام المفوضية، استغلال أبنية الوزارات ومؤسسات الدولة المختلفة وأماكن العبادة والرموز الدينية في الدعاية، كما يحظر الإنفاق على الدعاية من المال العام.بدائل رخيصةوبسبب الأزمة المالية في البلاد، باتت مواقع التواصل الاجتماعي الوسيلة الأسهل والأرخص ثمناً في الترويج للاحزاب السياسية والمرشحين، خاصة للقوى الصغيرة.لكنْ رغم ذلك تطغى الاحزاب المهيمنة على السلطة على الواقع الافتراضي. وبحسب ناشطين على مواقع التواصل، ظهر 7 آلاف و500 صفحة منذ شباط الماضي تروّج للانتخابات.وظهرت خلال هذه الفترة في "فيسبوك" العديد من الوجوه الجديدة المرشحة للانتخابات، فيما برزت بعض الشخصيات القديمة التي كانت غائبة في العالمين الواقعي والافتراضي منذ الحملات السابقة للانتخابات في 2014.ونشرت تلك المواقع مقاطع فيديو لمحافظ الانبار الجديد محمد الحلبوسي، المرشح ضمن الانبار هويتنا، وهو تحالف يضم عدداً من القوى السُنيّة، وهو يزور بعض الدوائر أو يلعب كرة القدم في ساحات شعبية.كذلك ظهر النائب إسكندر وتوت المرشح ضمن قائمة "الحشد" متضامناً مع تظاهرات لموظفي العقود في وزارة الكهرباء، المطالبين بتثبيتهم على الملاك.وكانت بعض الصفحات قد أظهرت قبل أيام، رئيس البرلمان سليم الجبوري وهو يحضر حفلة خطوبة أحد الشباب في الانبار، فيما كان النواب قد تدافعوا السبت الماضي، على منصة الإعلام في مجلس النواب للإعلان عن تمرير موازنة 2018.ولعب "المهوال" وهو الشخص الذي يردِّد الأهازيج العشائرية، دوراً مهماً في حملات الانتخابات في الآونة الاخيرة، خصوصا بعد انتشار فيديو لرئيس تيار الحكمة عمار الحكيم وهو ينسحب من تجمع عشائري في كربلاء منزعجاً من كلمات مهوال شبّهَ الاحزاب الحالية بصدام حسين.وتماشياً مع تلك المقاطع، عرض ناشطون فيديو آخر لنفس الشخص، وهو يحرج محافظ الديوانية، كذلك انتشر مقطع آخر لـ"مهوال" ينتقد أمام زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي، شراء المسؤولين قصوراً في خارج العراق بينما يموت العراقيون في الداخل.واستخدمت مواقع تتابع زلّات لسان بعض السياسيين ــ كما حدث مع النائب عباس البياتي الذي وصف القوائم الشيعية الانتخابية بأصحاب الكساء الخمسة، ذريعة لتهديده بالقتل.كما شنت جهات تابعة لحزب الدعوة هجمات على التيار المدني في البلاد، واعتبرته أخطر من "داعش" في دعوة صريحة للتصفية. وكانت النائبة حنان الفتلاوي قد قالت إنّ نواب التيار المدني في البرلمان "لم يقوموا بواجباتهم كنواب بالشكل الصحيح".ويوقع المرشح على استمارة "سلوك المرشح" التي يتعهد من خلالها بعدم نشر أو ترویج مزاعم كاذبة أو تشهیریة أو تحریضیة عن الخصوم أو أي مشترك آخر في العملیة الانتخابیة.ويقول أحمد إبراهيم، عضو المكتب التنفيذي في التيار الاجتماعي الديمقراطي، إنه "بسبب عدم وجود برنامج انتخابي، أو تشابه البرامج تتحول القوائم الانتخابية الى الصراع والتسقيط للتمييز عن باقي المنافسين".وتعوّل التيارات المدنية في زيادة رصيدها بالانتخابات على سخط الشارع من القوى السياسية التقليدية وفشلها في إدارة الدولة منذ عام 2005.

شارك الخبر على