موجات جديدة من النازحين تعود إلى المخيّمات يوميّاً

أكثر من ٦ سنوات فى المدى

 ترجمة: حامد أحمد
قالت رقيّة سليم، وهي أم لستة أطفال، التي كانت تجلس على بساط في خيمة أحد مخيمات النازحين: "لقد طردونا من منزلنا وسرقوا كل أثاث البيت وأغراضاً ثمينة ."وأضافت إن زوجها "أجبر على الالتحاق بتنظيم داعش ثم تم قتله على يد الذين تعرضوا لأذى التنظيم من ضحايا داعش"، مشيرة الى أن الاشخاص الذين أجبروها على تكرار النزوح قالوا لها إن "هذه الاشياء تعود الى تنظيم داعش".واستدركت النازحة رقية بالقول "لكن هذا ليس صحيحاً فهي كل ما كنا نملك". واضافت سليم، متحدثة لموقع VOA الاميركي الاخباري، إن العودة للبيت ليس ضمن خياراتها الآن .وعلى غرار الكثير من العوائل الاخرى في المناطق المحررة شمال وغرب البلاد، غادرت رقية سليم بيتها مؤخراً بعد انتهاء المعارك ضد داعش. وبينما توجد هناك موجات من الناس عائدة لبيوتها نجد من جانب آخر تزايداً في أعداد شاغلي مخيمات النازحين .وفي الواقع إنه ليس فقط عوائل مسلحي داعش الذين أسروا أو قتلوا، اضطروا لمغادرة منازلهم بعد انتهاء عمليات التحرير، ولكن استناداً إلى أردلان معروف، مدير أحد مخيمات منظمة الهجرة الدولية في شمال العراق، فإن الغالبية من موجات النازحين الجدد هم من الذين هربوا من ظروف الفقر الشديد والإهمال ومن بيوتهم المدمرة والمتضررة حيث لا يوجد كهرباء أو ماء .وقال معروف أنه خلال الاسابيع الاخيرة كان يصل مئات من الناس إلى هذا المعسكر يومياً، وكمعدل هو أقل من نصف عدد الاشخاص المغادرين تقريباً، مشيراً إلى أن معسكرات أخرى شمال البلاد تحدثت عن نفس الارقام .وأضاف معروف قائلا "أغلب الأسر تعاود النزوح بسبب مشاكل مالية والافتقار إلى الخدمات ومشاكل أمنية... كثير من العوائل يعبّرون عن خشيتهم على حياتهم."أما بالنسبة لأطفال مسلحي داعش فإن الإشكال بشأنهم مستساغ، فكلهم يرجعون لآباء أموات أو غائبين يبدو الحزن عليهم عندما تسألهم عن آبائهم يرتبكون في إجابتهم .في حين يتحدث البالغون والمراهقون بسذاجة عن داعش أمام الآخرين، وغالبا لا يعرفون بالضبط ما فعله آباؤهم ونادراً ما تتم مناقشة ذلك معهم .الطفلة ريم البالغة من العمر 13 عاماً والتي قتل والدها وهو أحد مسلحي داعش على يد القوات المحلية ــ لا تعرف لماذا انضمّ والدها لداعش وماذا قدّم لهم. وقالت "لم يخبرني أنه انضمّ لداعش ولم أسأله أنا أيضا. كان يحب قضاء وقته معي ومع إخوتي ويأخذنا الى كل مكان ."الحكومة العراقية تقول إنه خلال السنة والنصف الماضية تم قتل وأسر عشرات الآلاف من مسلحي تنظيم داعش، ولكن الغالبية من أزواجهم وأطفالهم لم يرتكبوا جرائم .في بلد خاض حروباً على مدى 15 عاماً فإن الطوائف الاجتماعية فيه غالباً ما تلقي اللوم على عوائل بأكملها جراء جرائم ارتكبت من أحد أفرادها. ويقول منتسبو منظمات إغاثة إن برامج إعادة تأهيل أطفال مسلحي داعش قد تكون لها مردودات عكسية .بعض أطفال مسلحي داعش في المعسكر يدافعون عن آبائهم، فيقولون إنهم لم يكونوا مجرمين أبداً كما يراهم الآخرون. وقسم منهم يلجأون للبكاء عندما تسألهم عن آبائهم ولا يقولون شيئاً .وسأل حاتم محمد وهو مسؤول محلي، طفلاً يدعى أحمد يبلغ الحادية عشرة من عمره وهو أحد أبناء مسلحي داعش: "هل تريد الانتقام من القوات الامنية التي قتلت أباك؟، طأطأ أحمد رأسه ورد بقوله "أريد أن يرجع والدي، ولكنني لا أريد أن أنتقم من القوات العراقية. فقط من الشخص الذي قتله ."خلال شهر كانون الاول عام 2017 بدأت العوائل النازحة بسبب المعارك ضد تنظيم داعش بمغادرة معسكرات النازحين في موجات ضخمة .واستناداً الى تقرير نشر الأسبوع الماضي من قبل المجلس الدنماركي للاجئين واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمجلس النرويجي للاجئين فإن ما يقارب 6 ملايين شخص قد غادروا منازلهم في العراق خلال المعارك التي دامت ثلاث سنوات، مؤكداً أن 3.3 مليون شخص قد عادوا إلى منازلهم .وذكر التقرير أن بعض العوائل غادروا المعسكرات بسبب سوء ظروف المعيشة فيها أو دافع شخصي من قبلهم .وجاء في التقرير ما نصه إن "عوائل أخرى لم يسمح لها بالاختيار، لقد تم إجبارهم وإرغامهم على العودة للمعسكر عكس رغبتهم وإن قسماً منهم منعوا من العودة وتم تهجيرهم مرة أخرى بعد رجوعهم لمسكنهم الاصلي ."قسم من أقارب مسلحي داعش يعيشون في معسكرات شمال العراق يقولون إنهم لن يرجعوا إلى بيوتهم وليس لهم خيار آخر .وقالت فائزة أحمد خلف، والدة لخمسة أطفال تعتقد أن زوجها في السجن "هذا هو المكان الآمن الوحيد. هناك لا يوجد أحد من يعكر عليك أو يضايقك."ويقول عمال إغاثة إن الحكومة العراقية خططت إلى أن إغلاق المعسكرات سيكون من أولوياتها لفترة مابعد الحرب. ويضيف مدير المعسكر، معروف، بأنه إذا تم توفير مزيد من الخدمات للمدن والقرى المحررة وتوفير مساعدات إنسانية لها فسيستغرق ذلك وقتاً طويلا لتشجيع بعض العوائل على الرجوع.ومضى بقوله "سنبقى هنا في إدارة المعسكر طالما بقي فيه ناس، ولكننا بحاجة الى خطة نسهّل فيها عودة النازحين إلى بيوتهم ." موقع VOA الإخباري

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على