تعذيب واغتصاب وقتل خلف القضبان.. «منهج الخميني» لإسكات الإيرانيين

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

يرتكب النظام الإيراني انتهاكاته في الخفاء خلف القضبان، حتى لا يسمع أحد أصوات هؤلاء الذين يتم تعذيبهم بالسجون إلا بعد حين، وربما لا يقف الأمر عند حد التعذيب فقط بل أحيانًا كثيرة يصل إلى القتل أيضًا، فيمكن وصف حرية الرأي والتعبير في عهد الرئيس الإيراني حسن روحاني بأنها ماتت "سريريًا".

تعذيب واغتصاب

أحدث تلك الانتهاكات كشف عنها تقرير للأمم المتحدة، الذي أكد أن المعتقلين في إيران تعرضوا لنهج من التعذيب والانتهاكات ومنها أعمال عنف جنسية، وتطرق في الوقت نفسه إلى حرمان سجناء من العلاج الطبي، كما أشار إلى ورود معلومات تلمح إلى نهج تعريض السجناء لضغوط جسدية أو نفسية لانتزاع اعترافات.

وحسب التقرير الذي أعدته الباكستانية أسماء جهانغير التي كانت كبيرة خبراء الأمم المتحدة حول وضع حقوق الإنسان في إيران وتوفيت الشهر الماضي عن 66 عاما إثر إصابتها بأزمة قلبية، فإن "أساليب التعذيب تشمل عمليات اغتصاب وعنف جنسي وصدمات كهربائية وبتر الأطراف".

وأعربت الناشطة الحقوقية الباكستانية الكبيرة خلال تقريرها الذي سيعرض أمام مجلس حقوق الإنسان لمناقشته الأسبوع المقبل، عن القلق العميق إزاء إجراءات القمع الأخيرة للتظاهرات في إيران، حيث قتل أكثر من 20 شخصا واعتقل أكثر من 1000 آخرين في غضون أيام قبيل مطلع العام الحالي.

ورغم عدم السماح لها بزيارة إيران، قالت الخبيرة في الأشهر الأخيرة إنها التقت ستة أشخاص على الأقل ممن فروا من البلاد "ولا يزالون يحملون آثار عمليات تعذيب" تعرضوا لها في السجن.

منهج الخميني

وحول الانتهاكات الإيرانية المرتكبة بحق السجناء، يؤكد المحلل السياسي المتخصص في الشأن الإيراني أسامة الهتيمي، "أن التعذيب والقتل في السجون الإيرانية منهج اتبعته ثورة الخميني منذ وصلت إلى سدة الحكم في عام 1979 وقد سجلت الأحداث لنا الكثير من الجرائم والفظائع التي ارتكبت في السنوات الأولى من الثورة بين أتباع وأنصار الخميني، وبحق من كانوا يوما ما رفقاء في هذه الثورة، بل وكان لهم السبق في اندلاع حراكها، وفي مقدمتهم منظمة مجاهدي خلق التي يطلق عليها الآن أتباع الملالي منافقي خلق".

أما عن أبرز هذه الجرائم فيقول الهتيمي في تصريحات لـ"التحرير": "تلك المذبحة التي عرفت بمذبحة عام 1988 في السجون الإيرانية خاصة سجني جوهر دشت وأيفين، حيث تأسس لتنفيذ هذه المذبحة ما عرف بـ«لجنة الموت» التي استندت في تنفيذ آلاف الإعدامات بحق المعارضين للنظام على فتوى صادرة من الخميني نفسه تسمح للسلطة أن تقتل هؤلاء بلا رحمة ولا هوادة، باعتبارهم خارجين عن الدين، بل إن الوثائق تشير إلى ما يندى له الجبين فيما يتعلق مثلا بالفتيات العذراوات اللائي صدرت بحقهن أحكام إعدام، غير أنه ووفق المذهب الشيعي لا يجوز إعدام الفتيات البكر، فتم تزويجهن عنوة للجنود حتى يتحاشوا هذه المخالفة، وهو أمر يكشف عن مدى الغشم الذي اتسم بها هؤلاء".

وأوضح الهتيمي أن هذا النهج استمر طوال السنوات الماضية، بل إنه انسحب لما هو أسوأ، حيث الاغتيال السياسي الذي شمل المعارضين سواء في الداخل الإيراني أو حتى في الخارج، فطال العديد من القيادات التي كان من بينها أيضا رجال محسوبون على نظام الخميني في يوم من الأيام، ومن بينهم شهبور بختيار رئيس الوزراء الإيراني السابق، مشيرا إلى أن هذه الاغتيالات طالت شخصيات غير إيرانية، لأن النظام الإيراني استشعر أن مواقف هؤلاء تمثل عائقا أمام مشروع إيران.

رفض التعددية

كما أكد الهتيمي أن ما مارسه النظام الإيراني وما زال يمارسه في السجون والمعتقلات بحق المحتجين الإيرانيين الذين شاركوا في الحراك الثوري نهاية ديسمبر من العام الماضي هو جزء من طريقة التعاطي الأمني مع القضايا السياسية في إيران، فالنظام الإيراني نظام أمني أبوي بالدرجة الأولى، يرفض على الإطلاق فكرة التعددية السياسية ويمارس من أجل تحقيق ذلك أبشع أنواع الانتهاكات، معتبرا أن ذلك هو الواجب المقدس الذي يجب أن يتفانى من أجل تحقيقه، لكنه يغض الطرف عن أن الشعب الإيراني له تطلعاته وطموحاته التي لن يستطيع النظام في ظل ثورة الاتصالات التي يعيشها العالم أن يمنع الشعب الإيراني من أن يعبر عنها.

واختتم تصريحاته لـ"التحرير" قائلا: "التخوف الإيراني من الاحتجاجات يعكس مدى إدراك النظام مدى هشاشة نظامه وضعف بنيانه واتساع رقعة الرفض الشعبي لمنهجه، الذي لم يجر عليه إلا الويلات ويدخله في حروب مع جيرانه استنزفت طاقاته ومقدراته، وأحيت الشعب في حالة من ضيق العيش".

التعذيب الأبيض

لا يقتصر الأمر في إيران على التعذيب الجسدي فقط، فهناك ما يطلق عليه التعذيب الأبيض وهو نوع من أنواع التعذيب النفسي، وهو يتضمن وحشية في الحرمان الحسي، وفي هذا النوع من التعذيب يحمل المعتقل إلى فقدان هويته الشخصية وانخفاض إنتاجه البشري، من خلال فترات طويلة من العزلة.

تتم ممارسته على السجناء السياسيين، ومعظمهم من الصحفيين، ولا يحتاج بالضرورة إلى إذن مباشر من قبل الحكومة الإيرانية، وتجري في سجن "إيفين" عمليات التعذيب الأبيض لفترات طويلة من خلال الحبس الانفرادي خارج نطاق سيطرة سلطات السجن، ويشتهر به القسم 209.

وحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية عام 2004، فإن هناك أدلة موثقة تخص "التعذيب الأبيض" الذي وقع على "أمير عباس فخر آور" مؤسس حركة استقلال طلاب إيران من قبل الحرس الثوري، وهو أول مثال كان له صدى حول التعذيب الأبيض في إيران.

شائعات أعداء إيران

ورغم التقارير العديدة التي تؤكد وجود انتهاكات داخل السجون الإيرانية، فإنه دائمًا ما يخرج النظام لينفي تلك التقارير، ويزعم أنها مجرد شائعات يطلقها أعداء إيران بشأن ما يحدث للسجناء داخل السجون الإيرانية ولا أساس لها من الصحة، والهدف منها تشويه كل ما هو جميل.

كما ادعى أصغر جهانجير رئيس مصلحة السجون الإيرانية أن السجون تخلو من أي تجاوزات قانونية، وأن المساجين ينعمون بالعدل وحسن معاملة العاملين بها، زاعما أن المسجونين يتمتعون بالرعاية الصحية وانتظام الزيارات الأسرية لهم.

ومن خلال العرض السابق نجد تمسك نظام الملالي بفتوى أصدرها الخميني لقتل السجناء والتي جاء نصها كالتالي: "من حيث إن المنافقين الخونة لا يعتقدون بالإسلام، وما يقولونه هو من باب الخداع والنفاق، وأنهم ارتدوا عن الإسلام باعتراف من قادتهم، وبالنظر إلى أنهم جواسيس، فهم محكومون بالإعدام. إني أرجو أن تنالوا رضا الله المتعال بغضبكم وسخطكم الثوري على أعداء الإسلام، السادة الذين حملوا على عاتقهم المسؤولية أولئك الذين لم يترددوا ولم يوسوس لهم، وسعوا أن يكونوا «أشداء على الكفار». التردد في المسائل القضائية الثورية هو تجاهل لدماء الشهداء الطاهرة". توقيع- روح الله الخميني.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على