جمال خاشقجي ينصح بن سلمان تعلم من «إليزابيث الثانية»

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

ما زالت الحملة ضد الفساد التي أطلقتها المملكة العربية السعودية في نوفمبر الماضي، تلقي بظلالها على دوائر الحكم والسياسة في المملكة البترولية.

وعن هذا الأثر كتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي، مقالًا نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، بعنوان "ما الذي يمكن أن يتعلمه ولي العهد السعودي من الملكة إليزابيث الثانية؟".

حيث أشار خاشقجي إلى أن اعتقال أحد عشر أميرًا سعوديًا آخر الشهر الماضي، "أضاف بعدًا جديدًا لهذا المسلسل الدرامي وهو إعادة الهيكلة المحتملة للعائلة الملكية السعودية".

حيث أكد أن نزع الصفة الملكية من أفراد العائلة الذين لا يرتبطون مباشرة بالملك عبد العزيز "سيمثل أول إعادة هيكلة غير مسبوقة للعائلة الملكية".

حيث يعد أولئك الذين ينتسبون إلى فرع سعود الكبير داخل العائلة الملكية، هم الأقارب الأدنى مرتبة، ويطلق عليهم "العرايف" والتي يفسر خاشقجي معناها بأنها "كلمة بدوية تستخدم لوصف الإبل التي يفقدها أصحابها في الغزو ثم يستعيدونها من بعد".

وأضاف أن "هدف محمد بن سلمان واضح، فهو يريد أن يحد من تمدد العائلة الملكية وأن يحجمها هي وتوابعها لتقليص التنافس والنزاع في أوساطها".

"فمنذ وفاة الملك عبد العزيز في عام 1953، ورثت المملكة العربية السعودية شراكة أسرية حاكمة سمحت بنشأة ونمو وتكاثر مراكز النفوذ المستقلة".

وهو ما أدى إلى حالة من الطمع، حيث "احتكر الأمراء ملكية الأراضي والمشاريع التجارية في كل أنحاء المملكة، رغم أنهم كانوا فوق ذلك كله يتلقون مخصصات شهرية ويحصلون على منح سخية"  وهو ما أدى إلى توليد مشاعر الغيظ والحنق لدى عامة الناس في البلاد، حسب خاشقجي.

وقدم الصحفي السعودي نصيحة لولي العهد السعودي، بالاستفادة من النموذج الذي قدمته الملكة إليزابيث الثانية في بريطانيا، لإدارة شؤون أفراد العائلة والسيطرة على النزاعات التي تنشب داخلها.

حيث اقتصر منح لقب "صاحب السمو الملكي" في بريطانيا على مجموعة صغيرة من أقرب أقارب الملكة، وأشار خاشقجي إلى أنه لو طبق آل سعود نفس المعايير والأحكام التي تطبقها بريطانيا، "لكان أفراد فرع سعود الكبير وكثيرون غيرهم خارج الدائرة الملكية منذ أجيال مضت، ولما أثقلوا كاهل العائلة بما يتلقونه من رواتب ومنح طوال ذلك الوقت".

وأضاف أن الأسرة المالكة في بريطانيا تقدر مزايا السن والخبرة، مؤكدًا أن بن سلمان يسير في الاتجاه الصحيح إذا كان ينوي فعلاً تقليص حجم آل سعود ويقضي على التنافسات والنزاعات.

إلا أنه يجب " ألا ينسى قيمة الشخصيات الكبيرة والحكيمة من الجيل السابق لجيله، مثل المخضرم الأمير تركي الفيصل ذي التجربة الواسعة والحنكة الدبلوماسية المشهودة"، الذي قد يساعد في حل الأزمة اليمنية ويضع حداً للمأساة التي نجمت عنها، وفقًا لخاشقجي.

وأكد أن "أعظم درس يمكن أن يتعلمه آل سعود من آل ويندسور هو الاستماع إلى الناس، فما يمس الجميع ينبغي أن يوافق عليه الجميع"، حيث أشار إلى تراجع الملكة إليزابيث الثانية نفسها في العديد من المواقف في وجه الانتقادات الشعبية.

وأضاف أن الملكة تتفاخر "بأنها تتربع على عرش مجتمع حرية الفكر والتعبير فيه مصانة ومضمونة"، لكنه يؤكد أيضًا أن "ليس هكذا هو الحال في المملكة العربية السعودية".

فعلى الرغم من سعادة المواطنين بخبر إلقاء القبض على الأمراء الأحد عشر، إلا أن "تساؤلاً يفرض نفسه حول ما آلت إليه أوضاع العشرات من المفكرين وعلماء الدين والصحفيين الذين لم يحظوا باهتمام دولي مكافئ".

حيث ما زالوا ينتظرون المثول أمام القضاء منذ أشهر، وبعضهم يحتجز في ظروف غير إنسانية في حبس انفرادي، في انتظار أن تلفق جهات التحقيق تهمة لهم.

وأضاف خاشقجي أن هؤلاء لم يشاركوا في مظاهرات، ولم يقاوموا الشرطة كما فعل الأمراء المقبوض عليهم، "وكان احتجاجهم الوحيد متمثلاً فيما لديهم من أفكار لا أكثر".

وفي نهاية مقاله أكد أن محاولات "محمد بن سلمان لتحجيم آل سعود وحملهم على درجة نسبية من التواضع أمر مرحب به، ولكن ربما ينبغي عليه أن يتعلم من العائلة الملكية البريطانية"، وأضاف "إذا ما تمكن محمد بن سلمان من الاستماع إلى منتقديه والاعتراف بأنهم هم أيضا يحبون بلادهم، فسيكون بإمكانه بالفعل تمكين سلطانه".

شارك الخبر على