الحرب الإلكترونية.. مخطط حزب الله لشحن الأطفال نحو الجهاد المقدس

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

أصبحت الألعاب الإلكترونية واحدة من الأساليب التي يحرص "حزب الله" على إنشائها وتطويرها بين الحين والآخر، أحدثها "الدفاع المقدس" بتقنية ثلاثية الأبعاد، والتي أصدرها موقع "العهد" الإخباري التابع لإيران لتنفيذ برنامجه في الحرب الإعلامية.

رسالة طائفية

تم الترويج لهذه اللعبة بين الأطفال لإيصال رسالة مفادها أن الحرب في سوريا مجرد معركة طائفية دخل فيها الحزب دفاعًا عن المواقع الدينية والأثرية المحسوبة على المذهب الشيعي.

ويبدو أن الحزب يسعى إلى ترسيخ هذه الرسالة الطائفية التي تروج لمواجهات إقليمية طويلة يراد ترسيخها كحرب ناعمة مستدامة في المنطقة، تحت شعار "الحرب المقدسة".

 

وأشار الحزب إلى أن هناك 3 أهداف أساسية لهذه اللعبة أولها (محاكاة معركة عناصره مع من وصفهم بالتكفيريين)، والثاني (تحفيز الروح الجهادية عند الجمهور المستهدف)، والثالث (توثيق الانتصار على العدو التكفيري في المنطقة، حسب ما يُروج له الحزب).

تجسيد المعارك إلكترونيًا

وتجسد اللعبة مجموعة من المعارك التي خاضها حزب الله في سوريا وحدودها مع لبنان، عبر مراحل عدة يتمازج فيها الدين والسياسة والعسكر.

ففي المرحلة الأولى، يزور اللاعبون مقام السيدة زينب في دمشق، ويمكنهم التجول في باحته والتفاعل الافتراضي الروحاني معه.

 

أما المرحلة الثانية، فيطلق عليها "مرحلة الدفاع عن المقام"، ويتوجب على اللاعب حمايته ومنع وصول الجماعات المسلحة إليه، بينما تسمى المرحلة الثالثة، بـ"الحَجّيرة"، وهي معركة إزالة خطر مدافع الهاون عن المقام، وهو اسم منطقة في دمشق تحيط بالمقام، ويُطلب من اللاعبين تطهير مقر قيادة داعش في منطقة الحجّيرة وتحقيق السيطرة الكاملة على المنطقة، حسب موقع حزب الله.

وحسب التقرير الترويجي للعبة الذي نشره الموقع التابع لحزب الله، ينتقل بعدها اللاعب إلى "مرحلة القصير"، حيث يجب أن يجتاز مهمتين.. الأولى: "هي تحرير الرهائن المدنيين المحتجزين لدى القوى التكفيرية"، وثانيًا: "السيطرة الكاملة على القصير لإبعاد الخطر الإرهابي عن القرى اللبنانية".

 

وفي المرحلة ما قبل الأخيرة، أي "عملية الهنداوي"، يُطلب من اللاعب تنفيذ عملية أمنية تهدف إلى القضاء على المدعو عبدالسلام عبدالرزاق الهنداوي الملقب بأبو عبدو، وهو أحد أهم المُنسقين في داعش، ويعمل على نقل الانتحاريين إلى المناطق اللبنانية ثم ينتقل اللاعب إلى المرحلة الأخيرة، وهي "الدفاع عن الوطن"، بجرود رأس بعلبك.

 

ألعاب سابقة

لم تكن هذه أول لعبة يطلقها حزب الله، فقد سبقها "الفتى القدس" ثنائية الأبعاد بجزأين الأول عام 2000 والثاني عام 2006.

ولا يقتصر الأمر على ما يطلقه حزب الله من ألعاب إلكترونية، فعلى مدار سنوات الحرب المستمرة في سوريا، أطلقت الأطراف المتحاربة هناك عدة ألعاب كان من بينها لعبة "وحدة النمر" التي تتناول رئيس النظام السوري بشار الأسد، وتصوره على أنه حامي المواطنين من أيدي الجيش الحر المتعاون مع جبهة النصرة، وتشدد على دور روسيا الإيجابي في محاربة الإرهاب.

وهناك ألعاب إلكترونية روسية أبرزها "الحرب السورية" Syrian Warfare، التي تم إطلاقها العام الماضي، في محاولة لإظهار مسار الحرب السورية.

الحرب الناعمة

ولهذه الألعاب بُعد استراتيجي في المواجهة الدعائية والإعلانية، حيث كشفت تقارير لبنانية في تقييمها أن هذه الحرب النفسية تهدف لشحن الأطفال، كما تهدف لرفع معنويات مقاتليه وتدريب الأطفال والمراهقين على القتال بذريعة الجهاد المُقدَس.

ولاحظت التقارير أن هذه الخطوة المتجددة من طرف حزب الله، وبما هو مرصود لها من أموال وتقنيات، تأتي استجابة للحديث المتكرر للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، على ضرورة التوسع في الحرب الناعمة، ووضع استراتيجية تضمن لها مواكبة الحرب المسلحة.

تنمية عسكرية

الدكتورة بديعة سلمان، وهي محاضرة في علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية، ترجح "اعتماد حزب الله على مثل هذه الألعاب نتيجة فعاليتها السريعة بالدخول إلى ذهنية الأفراد والجماعات المستهدفة، خاصة حين تكون مُتقنة من حيث الصورة والصوت والمؤثرات الصوتية الحماسية، وتأتي لترسيخ الرسائل العلنية والخفية التي يؤمن بها الحزب، ويسعى إلى نقلها إلى الأجيال الناشئة عبر الترويج لأفكاره ومعتقداته.

وحسب ما نقلت صحيفة "المدن" اللبنانية، تتحدث "سلمان" عن الأثر السلبي لمثل هذه الألعاب من خلال ابتعاد المراهقين عن تنمية خصائصهم الشخصية ومهاراتهم وحاجتهم الفكرية، وتركيزهم بشكل إدماني على تحقيق أهداف اللعبة الافتراضية، التي تُنمِي الحس العسكري والجهادي لديهم.

كما أشارت إلى أن هذه الألعاب تسعى بشكل ممنهج إلى تحويل دور البطل المنتصر في اللعبة إلى الواقع الفعلي على الأرض، أي انخراطه في صفوف مقاتلي حزب الله.

زهور في صفوف الحرب

يبدو أن حاجة حزب الله زادت مؤخرًا لملء الفراغ الذي يتركه مقاتلوه بعد مقتلهم في جبهات القتال بسوريا، فبعد سنوات من مشاركة الحزب في القتال، كان الاستنزاف كبيرًا لمقاتلي الحزب.

ورغم أن الحزب أصرَ دائمًا على أنه ملتزمٌ بتكليف شرعي "بألا يذهب أي مقاتل لم يبلغ 18 عامًا إلى سوريا"، بات غير قادرٍ على إخفاء حقيقة تجنيده لأطفال في عمر الزهور دون الـ18 من العمر للقتال في سوريا، فلم تعد المواقع الموالية له تبالي بما يثيره نشر نعي لقاصرين يقاتلون في صفوفه، وأصبحت تتفاخر بنشر عقود مُبرمة مع آباء وافقوا على أن يقاتل أطفالهم في صفوف الحزب.

فقد أصبح تلفزيون "المنار" التابع لحزب الله، ينعي هؤلاء الأطفال دون أن يذكر أين قُتلوا وفي أي معركة، معللًا بأنه قضى في إطار القيام بواجبه الجهادي المقدس، حسب القناة.

ولا يرى الحزب في مقتل هؤلاء الأطفال إلا قيامًا بواجبهم الجهادي المقدس في التصدي لمرتزقة الكفر والوهابية، وهو ما يتم تنميته من خلال هذه الألعاب الإلكترونية.

شارك الخبر على