لليسار در درس من الماضي

حوالي ٦ سنوات فى المدى

تحتاج بعض الأحداث والمواقف للعودة للخبرة التاريخية والاستفادة من دروس الماضي ، ويحفل تاريخ حزب التجمع الذي تأسس منذ أكثر من 42 عاماً بعديد من الخبرات والدروس.في نهاية سبعينيات القرن الماضي قُدِم عدد من الشيوعيين المصريين والشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام عيسى للمحاكمة أمام القضاء العسكري . أعددنا مشروع بيان في حزب التجمع ضد القرار ومحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري . ذهبت إلى خالد محيي الدين .. الأمين العام لحزب التجمع في ذلك الحين لأعرض عليه مشروع البيان . وافق بالطبع على صدور البيان ، ولكنه أبدى ملاحظة مهمة للغاية.قال خالد محي الدين أن الرأي العام لن يصدقكم وسينتقدكم ، لسبب بسيط أنكم ـ كحزب ـ لم تعترضوا عندما أحيل خصومكم من الإخوان المسلمين للمحاكمة أمام القضاء العسكري ، وهم مدنيون أيضا مثلهم مثل الشيوعيين . تذكرت حينها قصة المادة 98(أ) و98(أ)مكرر و98(ب) والتي أضيفت لقانون العقوبات عام 1946 في عهد إسماعيل باشا صدقي بهدف محاربة الشيوعية والشيوعيين ، ولم يحدث طوال التاريخ المصري أن حكم على شيوعي بهذه المواد لسبب بسيط ، وهو عدم لجوء الشيوعيين المصريين للعنف في نضالهم وتمسكهم المبدئي بالعمل السياسي السلمي ، بينما تعاقب هذه المواد على " استعمال القوة أو العنف أو الإرهاب" بالمقابل فقد حوكِم ، "الإخوان المسلمين" وجماعات الإسلام السياسي كالجماعة الإسلامية بهذه المواد ، حُكِم عليهم لحملهم السلاح وممارستهم للعنف والإرهاب! . وقد تسربت هذه المواد إلى قانون العقوبات من خلف ظهر السلطة التشريعية . فبعد فشل حكومة إسماعيل باشا صدقي ، في القضاء على العناصر الوطنية والديموقراطية عام 1946 ، تقدم إسماعيل صدقي لمجلس النواب بمشروع قانون لإضافة هذه المواد لقانون العقوبات المصري قرب نهاية الدورة البرلمانية .واستقى صدقي هذه المواد من قانون فاشي أصدره بقانون ديكتاتور إيطاليا " موسوليني" عام 1930 ، ورفض مجلس النواب الملكي هذا القانون ، وأنتهز إسماعيل صدقي إنتهاء الدورة البرلمانية ، فأصدر المشروع بموجب المرسوم 117 لسنة 1946 في غيبة البرلمان ، وعندما عاد البرلمان للانعقاد لم يعرض رئيس الوزراء مرسوم القانون على المجلس مخالفاً بذلك الدستور ، وثار جدل طويل حول دستورية القانون فتقدمت الحكومة بمشروع جديد يدخل تعديلات على هذه المواد ، وعارضه النواب ، وقال فكري أباظة ، إني أدفع بأن التشريع المعروض على حضراتكم مناقض للدستور المصري ، ومناقض للمواثيق الدولية التي قبلتها مصر وأنضمت إليها كميثاق الاطلنطي وميثاق جمعية الأمم المتحدة، كما أنه مناقض لمباحث المؤتمر المنعقد الآن في جنيف باسم جمعية الأمم المتحدة ، ومن ثم هو مناقض لالتزام مصر في معاهدة مونترية " من حيث تمشي التشريعات المصرية على غرار التشريعات الحديثة ، كما أنه يشذ عن القواعد المقررة في القانون الجنائي ، وأضاف موجهاً الحديث لوزير العدل .. إني أحذرك بأن هذه التشريعات الجريئة في ألفاظها وتعبيرها والخالية من الذوق الفقهي السليم ، لا تدعو إلى الفخار ورفع الرأس عالياً . وظل القانون يتعثر في مجلس النواب والشيوخ إلى أن قامت ثورة 23 يوليو 1952 دون صدور هذا القانون ، ثم صدر القانون في غيبة الحياة النيابية بموجب القانون 635 لسنة 1954 ! .واليوم ومع توالي الاتهامات والقضايا لعدد من الشخصيات العامة ، وبعضهم جزء أصيل من النظام الحاكم في مصر والتي تستند إلى ما تقوله أجهزة الأمن السياسي ، أعود بالذاكرة إلى عام 1981 عندما أصدر الرئيس السادات قرارا باعتقال 1536 مصرياً ومصرية من الجماعات الإسلامية والمسيحية وقادة الأحزاب والقوى السياسية وأعضاء مجالس النقابات المهنية والعمالية ومواطنين عاديين ، من بينهم 23 من قادة وكوادر حزب التجمع ، وعرفت هذه الحملة بـ " حملة سبتمبر" وفجأة أعلن السادات وأجهزة إعلامية عن ضبط قضية تخابر مع الاتحاد السوفيتي المتهم الأول فيها " محمد عبد السلام الزيات" رئيس جمعية الصداقة المصرية السوفيتية ونائب رئيس الوزراء عقب الانقلاب الساداتي في أيار 1971 ، ونشرت أجهزة الإعلام أسماء المتهمين ومن بينهم قباري عبد الله ود. محمود القاضي وحسين عبد الرازق ود. فؤاد مرسي ود، محمد أحمد خلف الله ، وكمال الإبراشي وصبري مبدى وفريدة النقاش ود. لطيفة الزيات ، ومحمد عودة ود. أمينة رشيد .. الخ وبعد حملة تشهير وقحة وتحقيقات شكلية أمام المدعي العام الاشتراكي ثم نيابة أمن الدولة إنهارت المؤامرة وثبت تلفيق أجهزة الأمن للقضية من الألف إلى الياء وتم حفظ التحقيق والإفراج عن الجميع ، وكان قد أطلق على هذه القضية اسماً كودياً " التفاحة" ّ . والخوف أن تكون إتهامات وقضايا اليوم هي " التفاحة " رقم 2 ، وتنتهي بعد أن يتم تلويث سمعة المتهمين إلى لاشيء . ويقع العبء على النيابة العامة والنيابة العسكرية في حسم هذه الأمور بسرعة ، إما بأن تعلن براءة المتهمين من التهم الموجهة إليهم من أجهزة الأمن ، أو يحيلوهم إلى المحاكمة ليفصل القضاء " العادل " في الأمر برمته .

شارك الخبر على