«نيويورك تايمز» كلينتون تدخل في الانتخابات الروسية عام ١٩٩٦

أكثر من ٧ سنوات فى التحرير

حذر عدد من قادة الوكالات الاستخباراتية في الولايات المتحدة، لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي، الخميس الماضي، من أن روسيا من الممكن أن تتدخل في انتخابات التجديد النصفي في 2018، كما فعلت في انتخابات الرئاسة في 2016.

ليصدر المحقق الخاص روبرت مولر في اليوم التالي مذكرة اتهام تضم 16 شخصية ومؤسسة روسية تتهمها بارتكاب مؤامرة للتأثير على الانتخابات الأمريكية وزرع الفتنة منذ 2014.

يرى البعض أن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية دليل على القدرة الروسية، إلا أن صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أكدت أن ما فعله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما هو إلا مثال بسيط من التدخل الأمريكي في انتخابات الدول الأخرى.

حيث أكد ستيفن هول العميل السابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه"، الذي كان مسؤولًا عن الملف الروسي "إنه إذا سألت أيا من ضباط الاستخبارات، هل تعدت روسيا الحواجز أو فعلت شيئًا غريبًا؟ فالجواب سيكون لا بالتأكيد".

وأضاف أن الولايات المتحدة قامت بمثل هذه العمليات والتدخل في انتخابات الدول الأجنبية على مدى التاريخ، "وأتمنى أن نستمر في فعل هذا الأمر".

كما صرح لوك جونسون عميد علماء الاستخبارات الأمريكية، أن التدخل الروسي في انتخابات 2016، ما هو إلا نسخة إلكترونية من الممارسات الأمريكية التي قامت بها على مدى عقود، كلما شعرت بالقلق من أي انتخابات خارجية.

وأضاف: "لقد كنا نقوم بهذا الأمر منذ نشأ وكالة الاستخبارات المركزية في 2014، وكنا نستخدم الملصقات والإعلانات والمنشورات، وكل ما يمكنك تخيله، كما قمنا بنشر أخبار مغلوطة في صحف أجنبية، ولجأنا إلى الأموال في بعض الأحيان".

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة تخلت عن قيمها الديمقراطية، حيث ساعدت الاستخبارات المركزية في الإطاحة بقادة منتخبين في إيران وجواتيمالا، كما دعمت انقلابات عسكرية دموية في بلدان غيرها خلال الستينيات، ودعمت حكومات قمعية معارضة للشيوعية في أمريكا الجنوبية وآسيا وإفريقيا.

وأضافت الصحيفة أن التاريخ الواسع للتدخل في الانتخابات الأجنبية كان غائبًا عن كل التقارير الصحفية والتحقيقات الحكومية عن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، والتواطؤ المحتمل بين حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وروسيا.

ويكشف أن التدخل الروسي ما هو إلا عملية تجسس من الطراز القديم، وإن استخدمت وسائل عصرية، كما يلقي الضوء على التدخل الأمريكي في الانتخابات الأجنبية خلال فترة الحرب الباردة، التي دفعت روسيا للقيام بهذا الأمر.

وتتبع دوف ليفين الباحث في جامعة كارنيجي ميلون السجل التاريخي لعمليات التدخل في الانتخابات الأجنبية التي قامت بها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي أو روسيا في الفترة من 1948 حتى عام 2000، ووجد أن الولايات قامت بـ81 عملية، فيما شاركت روسيا في 36 عملية تقريبًا.

"نيويورك تايمز" نقلت تصريحات أدلى بها مارك وايت الضابط السابق في الاستخبارات، عام 1996، قال فيها إن الأمر بدأ في إيطاليا من أواخر الأربعينيات حتى الستينيات، "حيث كنا نرسل أموالا لبعض السياسيين، لتغطية نفقاتهم".

كما قال ريتشارد بيسيل الذي قاد عمليات الوكالة في أواخر الخمسينيات، إن الأخبار الكاذبة لعبت دورًا في التدخل الأمريكي في الانتخابات الأجنبية، حيث كتب في كتاب يحكي سيرته الذاتية "كانت تتم السيطرة على الصحف والإذاعات، أو التأكد من خروج الأخبار بالشكل المرغوب فيه".

وكشفت وثيقة تصف أعمال وكالة الاستخبارات المركزية في تشيلي عام 1964، تتفاخر فيها بالدور الكبير الذي لعبته الوكالة في توفير دعم هائل لمرشحها المفضل في الانتخابات، الذي تصفه "بالحكيم والمخلص، ورجل الدولة الذكي"، فيما تصف خصمه اليساري بـ"المتآمر".

وأشار لوك جونسون إلى أن مسؤولي الاستخبارات المركزية أكدوا له في الثمانينيات أن بعض الأخبار والمعلومات المنشورة في وسائل الإعلام الأجنبية كان معظمها صحيحا، ولكن بعضها كان كاذبًا.

وأضاف ديف ليفين أن الانتخابات في نيكاراجوا خلال 1990، شهدت قيام وكالة الاستخبارات المركزية بنشر قصص كاذبة عن فساد الحكومة الساندينية اليسارية، وهو ما تسبب في النهاية في فوز المعارضة.

مع مرور الوقت تغير أسلوب عمليات التدخل الأمريكية من العمليات السرية لوكالة الاستخبارات المركزية، لتقوم بها وزارة الخارجية والأفرع التابعة لها علنًا.

حيث مولت الولايات المتحدة جهودا لهزيمة سلوبودان ميلوسيفيتش الزعيم القومي، في انتخابات عام 2000 في صربيا، عن طريق دعم المعارضة بالاستشاريين السياسيين وطباعة الملايين من الملصقات وعليها رمز المعارضة ومكتوب عليها "لقد انتهى" باللغة الصربية.

وقال فينس هوتون الذي قضى خدمة عسكرية في البلقان خلال تلك الفترة: "إن الأمر كان واضحًا أن الولايات المتحدة لا تريد استمرار ميلوسيفيتش في السلطة".

وتدخلت الولايات المتحدة بجرأة في انتخابات روسية واحدة على الأقل، حيث دفعت مخاوف أمريكية من أن يهزم بوريس يلتسين في انتخابات الرئاسة في 1996 أمام مرشح شيوعي من الطراز القديم، إلى قيام الولايات المتحدة بجهود علنية وسرية لمساعدته، بمباركة الرئيس الأمريكي حينها بيل كلينتون.

وشمل ذلك دفعة أمريكية للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 10 مليارات دولار لروسيا قبل أربعة أشهر من التصويت، وتوفير فريق من المستشارين السياسيين الأمريكيين.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن ما قامت به وكالة الاستخبارات الأمريكية، خلال السنوات الأخيرة للتأثير على الانتخابات الأجنبية ما زال مجهولًا، ومن الممكن ألا يُكشف عنه إلا بعد عقود طويلة، وقد يكون أمرا لا يذكر بالنسبة لما قامت به الوكالة خلال الحرب الباردة.

حيث قال ويليام دوجيرتي العميل السابق في الاستخبارات المركزية: "إنني أكاد أجزم أنهم ما زالوا يقومون بنفس المهام القديمة، لأنهم لم يتغيروا أبدًا"، مضيفًا: "التكنولوجيا من الممكن أن تتغير لكن الأهداف لم تتغير".

شارك الخبر على