وزير الاقتصاد زار نقابة مهندسي طرابلس لوضع خطط تحدد هوية لبنان الإقتصادية

أكثر من ٦ سنوات فى تيار

زار وزير الإقتصاد والتجارة رائد خوري في إطار جولته على عاصمة الشمال، مقر نقابة المهندسين في طرابلس والتقى النقيب بسام زيادة، وكان عرض للأوضاع العامة في المدينة لا سيما الإقتصادية والتنموية.
ونظمت النقابة بالمناسبة، ندوة حاضر فيها خوري عن "الخطة الإقتصادية للبنان"، بحضور ممثل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل داني سابا، ممثل النائب سمير الجسر منسق تيار "المستقبل" في طرابلس ناصر عدرة،ممثل وزير العمل محمد كبارة سامي رضا ، النائب خضر حبيب، رئيسة المنطقة الإقتصادية الخاصة بطرابلس الوزيرة السابقة ريا الحسن، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال توفيق دبوسي ، رئيس بلدية طرابلس المهندس أحمد قمر الدين، رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين، رئيس مجلس إدارة معرض رشيد كرامي الدولي أكرم عويضة ، مستشار الرئيس سعد الحريري لشؤون الشمال عبد الغني كبارة، نقيبة اطباء الاسنان الدكتورة رولا ديب ، منسق حزب "القوات اللبنانية" في طرابلس المهندس فادي محفوض، عضوي مجلس قضاء طرابلس في "التيار الوطني الحر" عفيف نسيم وإحسان اليافي، مستشار وزير الاقتصاد الدكتور جورج عبد الساتر وحشد من المهندسين وهيئات وفاعليات الاقتصادية .
زيادة بعد النشيد الوطني وتقديم من عفيف نسيم، ألقى نقيب المهندسين كلمة رحب فيها بوزير الاقتصاد، وقال: "إن هذه المدينة التي أمامكم يتطلع قادة الرأي وصناع القرار الاقتصادي فيها، الى المعافاة المالية والاقتصادية والسلامة الاجتماعية بعدما فتك بجسدها الفقر، وطال مؤسساتها المالية والاقتصادية والانتاجية الشلل، حتى أمست أفقر المدن المتوسطية، رغم الامكانات المتاحة ونقاط القوة التي تتمتع بها".
أضاف: "أنا لا أريد التحدث عن المؤشرات السلبية لقطاعاتنا، ولا أريد الكلام عن تعثر التجار في سداد الديون الى المصارف، فأنتم أيها الوزير الشاب الآتي من عالم المال والأعمال والمصارف، أعلم كيف تكون المعالجات، فتاريخكم في ادارة الأزمات والاختلالات المالية معروف، ويشهد لكم الجميع بأنكم خير من يستطيع ايجاد مخارج انقاذية لما نعانيه".
وتابع: "ان الحكومة اللبنانية برئاسة الشيخ سعد الحريري التي استطاعت فعل الكثير، من قانون الانتخاب الى مشاريع الشراكة والنفط والموازنة وغيرها، ولكننا اليوم كلنا نريد أن نعرف مشاريع وزارتكم في مدينتنا، التي تريد النهوض، ولكن الواقع مرير بذلك. وهنا أريد ذكر بعضها: إن فرص العمل أمام خريجي الجامعات وشبابنا في طرابلس، تكاد تكون مؤلمة، فمن أصل نحو 3000 خريج جامعي سنويا لا يجد سوى 250 الى 350 منهم وظائف، وهذا ما يرفع سنويا معدلات البطالة في قوى الانتاج. أما الفقر فهو في كل يوم يزداد هناك نحو 57 في المئة من أسر المدينة باتوا من الفقراء، منهم 28 في المئة يعيشون بأقل من دولارين في اليوم".
وتساءل: "هل نخبركم عن عدم وجود أكثر من 5 الى 6 مؤسسات كبيرة على صعيد الشمال وطرابلس، إن الوضع المزري يهدد أمننا الاجتماعي فعلا لا قولا. يا معالي الوزير أنتم تعلمون آثار النزوح الذي ضاعف الأعباء على مدينتنا وبنيتها التحتية وسوق العمل فيها، فالنازحون اليوم أصبحوا يشكلون فوق 32 في المئة من التعداد السكاني، ليصل عدد سكان مدينتنا الى نحو 900 ألف نسمة، وهو ما جعلها أقرب الى مدينة تصارع من أجل البقاء على قيد الحياة، بدلا من أن تكون مدينة جاذبة للاستثمار وبيئة حاضنة للأعمال".
وقال: "هذا الوضع يجعل من طرابلس عبئا على الدولة بدلا من أن تكون رافدا لخزينتها، وجزءا من عملية تكبير حجم الاقتصاد، المطلوبة، الذي يساعد في تخفيف البطالة وتخفيف العبء عن العاصمة، وتوزيع الانماء المتوازن بشكل يسهم في مواجهة الوضع الاقتصادي الضعيف لدولتنا، والدين العام المرتفع، من خلال رفع معدلات النمو، كما أن من شأنه وقف نزيف الهجرة لشبابنا".
أضاف: "قديما قالوا "كلنا في الهم شرق"، لكننا اليوم بظل الحكومة الشبابية متفائلون، نحن نريد منكم تبديد الهواجس التي باتت حديث شارعنا بكل مستوياته، من معرض رشيد كرامي الدولي المشلول بسبب تقييده بقانون الوصاية بين وزارتكم ووزارة المالية، وهو ما يجعله مكبلا ومقفلا أمام آلاف فرص العمل والاستثمارات التي تذهب أدراج الرياح. وماذا عن المرفأ والمصفاة والمطار؟ وماذا عن مشاريعكم لتحريك الركود التجاري مع اقفال عشرات المحال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أبوابها وصرف العمال منها، وتعثر تجارها؟ ماذا عن مؤتمر باريس 4 المقبل لا سيما أنكم جزء أساسي من الفريق الاقتصادي الذي يعمل ليلا ونهارا لانجاحه؟ وماذا سيحمل لنا كلبنانيين وكشماليين؟ ماذا عن الموازنة التي لم تقر الى اليوم وأسبابها والاصلاحات فيها؟ وماذا عن قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي أقر؟ متى نرى ثماره؟ ماذا عن طرابلس في مرحلة السلام المقبلة في عملية اعادة الاعمار؟".
خوري بدوره، تحدث وزير الاقتصاد عن الوضع الإقتصادي ومشاكله والحلول المطروحة، فقال: "بداية سأضع إصبعي على الجرح المتعلق بصنع القرار في لبنان، اكتشفت مع دخولي إلى الحكومة، أن الأمور تتعرقل والمشاريع لا تنفذ، من كهرباء، بنى تحتية، خطط، والسبب أنه مع كل عمل يجب على خمسة او ستة افرقاء الموافقة عليه، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى عقم على صعيد القرارات، وتاريخيا لم يكن هناك تخطيط على كافة الصعد. وهنا أتناول الإقتصاد، وبغياب خطط ورؤية وتوجه عام، ووزارات تعمل مع بعضها ومع القطاع الخاص والناس والمجتمع المدني، مع غياب كل ذلك أعتقد أننا لن نصل إلى أي مكان، وإذا أخذنا الأشخاص كل واحد منهم بمفرده، هو ناجح في أشغاله، وفي بناء مؤسسات كبيرة ولكن كدولة وهنا السؤال لماذا لم نخطط؟ نحن في الدولة للأسف وأتكلم عن الماضي ومنذ لبنان الكبير لم يحصل تخطيط جدي على صعيد الدولة".
أضاف: "بغياب التخطيط الوضع الإقتصادي القائم مبني على اقتصاد أساسه جذب أموال من الخارج عبر لبنانيين نجحوا في افريقيا او في الخليج أو في أي بلد آخر، وهناك استقطاب لهم على صعيد المصارف اللبنانية وجزء كبير من أموالهم تستخدمه الدولة من خلال القروض، ولكنها لا تقوم بتوظيفها في قطاعات منتجة من شأنها خلق حركة إقتصادية ونمو إقتصادي وفرص عمل، وتكبر الإقتصاد وتجذب الرساميل لبناء مصانع وتطوير الزراعة، وهذا كله لم يعمل به".
وتابع: "تاريخيا هناك قطاعان نجحا في لبنان هما القطاع المصرفي والقطاع العقاري والبعض من قطاع السياحة الموسمية التي نتكل فيها على إخواننا العرب، هذا هو إقتصادنا، وليس لدينا شيء آخر. الناتج المحلي اليوم هو 53 مليار دولار، والدين العام أصبح يفوق 80 مليار دولار، يعني ان الدين العام على الناتج المحلي أصبح أكثر من 150% وبالتالي اكبر معدل في العالم بهذه النسبة، ويزداد تفاقما. وكما تلاحظون النمو في السنة الماضية كان بحدود 2% وهذه السنة لا نعرف كم هي النسبة. وهذا كله مع الجو التوافقي في البلد، اي نحن في حكومة وحدة وطنية ومعظم الأفرقاء السياسيين ممثلون فيها، وهناك جو إيجابي ولا يخلو من وقت الى آخر من بعض المشاكل، ومع هذا كله نحن اليوم في هذا الوضع".
وأردف: "الحكومة قامت بإنجازات لا شك فيها، ولكنها تبقى قليلة، وأنا اقترحت في الحكومة وجوب وضع خطط إقتصادية مقوماتها ترتكز على تحديد هوية لبنان الإقتصادية، فكما لدينا هوية لبنانية في ثقافتنا وتاريخنا ولغتنا وتعايشنا المشترك وطريقة عيشنا يجب أن تكون لدينا هوية إقتصادية متفق عليها من قبل الجميع، وان نتبع نموذجا معينا في الإقتصاد، وان نعمل في إطاره، فكل البلدان التي تشبهنا وتمكنت من النجاح في العالم الثالث كلها خططت وكونت لنفسها هوية".
وقال: "بعد ذلك يجب أن نحدد القطاعات المنتجة التي لدى لبنان قيمة تفضيلية تجاهها لخلق فرص عمل وتجذب الرساميل وتوظيفها، وكل تركيزنا اليوم على القطاع الخاص، فباستثناء قطاع العقارات والمصارف، فإن القطاع الخاص خبرته ليست جيدة فمثلا إذا كان هناك من يريد إقامة مصنع أو الإستثمار في عمل ما فإن الدولة اللبنانية لا تساعده في هذا المجال لناحية الحوافز والحماية والإستمرارية في القرارات والتشريعات التي تحفظ لهذا المستثمر مستقبله وضمانة إسترداد امواله".
أضاف: "نحن كلبنانيين عندنا قيمة تفضيلية في عدة قطاعات يجب تحديدها وعندها نضع خطة لكل قطاع وما يجب عمله، لأنه ليس هناك من قطاع إلا وهناك ست أو سبع وزارات معنية فيه، وتشكيل اللجان الوزارية لحل هذه المشاكل وإيجاد الحلول لها لم تؤد إلى النتائج المرضية. واليوم لدينا فرصة في النجاح، لأن لدينا توافقا سياسيا، ولأننا اصبحنا بحاجة ملحة لأن التخطيط أصبح ضرورة، وإذا لم نفعل ذلك هناك مشكلة كبيرة في اقتصادنا".
وتابع: "علينا تحديد مشروعين عاجلين في إطار هذه الخطة، ولإعطاء نتائج، علينا ان نبرهن ان الدولة قادرة على وضع خطة وأن تنفذ مشروعا بشكل واضح وهذا الأمر ضروري لخلق الثقة وتحريك عجلة الإقتصاد. ويبقى ان القرار النهائي في وضع الخطة هو للحكومة اللبنانية وليس لأي جهة أخرى، ونحن لا نخجل من الإستعانة بشركات أجنبية قامت بمشاريع ناجحة في دول أخرى وساعدت واعطت وجهة نظرها، وهي دول أكبر وأهم منا استعانت بشركات في هذه المجالات. نحن بدأنا بهذا الأمر منذ شهر وخلال ستة أشهر هذه الخطة إذا تعاونت فيها كل الوزارات المعنية والقطاع الخاص والمجلس الإقتصادي والإجتماعي والمجتمع المدني والإقتصاديون في لبنان والجمعيات وكل الفاعليات الإقتصادية، كلهم مدعوون إلى ورشة عمل لكي نضع سوية خطة العمل وليس من احد قادر على التملص من هذه الخطة لأنها تعني كل واحد منا، وهذا هو النهج الذي أمضي فيه، والذي ستوافق عليه الهيئات المعنية في البلد".

شارك الخبر على