رائد المسرح الذي علمته القرود التمثيل.. ما لا تعرفه عن «زكي طليمات»

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

88 عاما هو عمره الزمني على الأرض، لكن عمره الفني يقدر بأكثر من ذلك بكثير، فهو أحد رواد فن المسرح في مصر، ولا نبالغ إن أردنا تصنيفه كأهم رواد المسرح في العالم العربي، إذ أخرج لنا أجيالا من الفنانين، خطوا بأعمالهم تاريخ الفن المصري، ولولاه ما كان معهد التمثيل، الذي هو بمثابة منارة للفن في مصر.

إنه رائد المسرح المصري، الفنان الراحل زكي طليمات، المولود في 29 أبريل من عام 1894، بحي عابدين في القاهرة، لأب من أصول سورية وأم مصرية من أصول شركسية، إذ نشأ في بيت متعدد الثقافات، وكان لذلك أثر واضح في تكوينه الفني.

حصل "طليمات" على شهادة البكالوريا "الثانوية العامة"، بالقسم الأدبي، ثم انضم إلى فرقة "عبد الرحمن رشدي" المسرحية عام 1917، ثم انتقل لفرقة "جورج أبيض"، لكن سرعان ما تركها بسبب انتقاده لصاحب الفرقة في أحد مقالاته الصحفية النقدية.

بعد ذلك عمل بوظيفة حكومية ككاتب بمصلحة وقاية الحيوانات في حديقة حيوانات الجيزة، فكان يقضي أغلب اليوم يراقب تصرفات وحركات القرود وتفاعلها مع الزائرين، وكان يرى أن القرود تؤدي حركات تمثيلية مسلية ومضحكة، فأطلق مقولته الشهيرة "القردة هي أستاذي الأول في فن التمثيل"، وفي تلك الفترة تزوج من "فاطمة اليوسف" الفنانة المسرحية، ورائدة الصحافة التي أسست مجلة "روزاليوسف"، لكنه انفصل عنها بعد 20 عاما بسبب انشغالها بالعمل.

وذات يوم قرأ "طليمات" إعلان الحكومة في إحدى الجرائد عن منح فرصة لدراسة الدراما والمسرح على نفقة الدولة، فذهب ووقف أمام لجنة المحكمين، ونال إعجابهم، لكن اللجنة في النهاية استقرت على اختيار "يوسف وهبي"، إلا أنه اعتذر فيما بعد عن السفر إلى فرنسا لدراسة الدراما، لأنه درس سابقا في إيطاليا، وكان ذلك نقطة تحول في حياة زكي طليمات، إذ سافر بدلا منه لكونه الفائز الثاني في المسابقة.

وفي باريس درس "طليمات" الإخراج المسرحي وفن الإلقاء والتمثيل، وعاد في عام 1928 يحمل حلمًا بتطوير المسرح، وبالفعل أنشأ أول معهد لتعليم التمثيل في عام 1930، بمقر سراي موصيري بشارع عماد الدين بالقاهرة، وكان يدرس مواد الإلقاء والتمثيل، لكن الحلم لم يكتمل إذ أغلق المعهد في العام التالي بأمر من الملك فؤاد، خوفا من إنتاج مسرحيات تدعو وتحث على الانقلاب على الملك.

لم يفقد "طليمات" الأمل وأسس جمعية لدعم الحركة المسرحية أطلق عليها اسم "جمعية الحمير"، متحديا بهذا الاسم القصر الملكي والاحتلال، وضمت في عضويتها فنانين وكتابا وصحفيين، منهم: "طه حسين، عباس محمود العقاد، توفيق الحكيم، وأحمد رجب"،  لكن الجمعية تحولت بعد إنجاز مهمتها إلى جمعية خيرية لجمع التبرعات للفقراء.

وتدين دولة الكويت بالفضل للفنان الراحل، إذ تم استدعائه في الخمسينيات لتطوير المسرح الكويتي، الذي كان قائما على الارتجال بلا نص، كما أنه شارك في بناء المسرح التونسي.

وقدم الراحل أكثر من 350 عرضا مسرحيا، من بينها: "أهل الكهف، تاجر البندقية، وغادة الكاميليا"، بجانب مشاركته في حوالي 12 فيلما سينمائيا، مثل: "يوم من عمري، الناصر صلاح الدين، ومن أجل امرأة"، إلى أن توفي في 22 ديسمبر 1982، تاركا إرثا فنيا لا يقدر بثمن.

شارك الخبر على