«كلام جرايد» الإجابة لبنان

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

لقنت قاضية لبنانية مسيحية المتهمين الثلاثة أمامها درسا محترما ولقنتنا معهم هذا الدرس وأكثر، علينا أن نتعلم من هذا المجتمع الذي نراه طائفيا بحكم التركيب الديموجرافي والسوسيو بولتيك (الاجتماع السياسي)، هذا المجتمع الواعي الفاهم المتعايش، فالشباب الثلاثة المتهمون من المسلمين اللبنانيين، والغريب أنهم أساؤوا إلى السيدة العذراء مريم، فقررت القاضية تربيتهم على طريقتها بأن أنزلت بهم عقوبة غريبة جدا، وهي قراءة وحفظ آيات من سورة آل عمران وتفسيراتها، ثم يأتون إليها في الجلسة القادمة ليسمعوها ما قرأوا وحفظوا وفهموا، وكان الشباب الثلاثة قد نشرت عنهم صحيفة "الرأي" أن القاضية رفضت اعتماد المسار التقليدي بنص القانون وقررت تطبيق روحه حيالهم، خاصة عندما استقر في وجدانها وعقيدتها كقاضية أنهم غررة جهلة، وليس لديهم نية سيئة في الإساءة إلى مقدسات الغير وتعمد إثارة النعرات الطائفية، خصوصا أنهم صغار وتتراوح أعمارهم من 16 إلى 18 عاما، وأقدموا على تحطيم تمثال للعذراء في كنيسة "مهنية منجز" في إقليم عكار اللبناني، وبعد استماعها لهم عرفت أنهم مجرد صبية في طور الشباب لا ثقافة ولا إدراك واعيا لهم، ولا ثقافة دينية حتى في دينهم الذي يحضهم على الإحسان للآخر المختلف، بل المتعادي معهم، فقررت أن تبصرهم بما قاله القرآن في المسيح وأمه مريم العذراء، بالعقوبة التوجيهية والتثقيفية، وليست التأديبية، وفق المادة 111 من قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني، والتي تعطي الحق للقاضي في وقف العقوبة، واستبدالها إذا ما توافر حسن النية. 
الله على السماحة والتعايش ونبذ الجهل والخرافة! بل والتعامل مع روح النص ومراعاة حالة الجاني دون تعاطف أو تحيز.. تحية إعجاب للقضاء اللبناني العظيم وبلد التعايش الطائفي بلا تناقضات، والرضا بالمحاصصة السياسية والمجتمعية.. يكفي أن ثقافة القاضية "جوسلين" العامة وثقافتها القرآنية خاصة -وهي مسيحية مارونية- بأن سورة "آل عمران" تحدثت عن مريم والمسيح، هى ما تعكس في الوقت ذاته جهل الصغار بدينهم، وهذا أفضل إدانة وأعظم من أي حكم، بل إن ما فعلته يسهم في مسح جهلهم.. "مسيحا" كاملا.

وما زال مجتمعنا ينكر قضايا التحرش الجنسي، ويتعامل معها بمواربة وخجل ونفاق شديدين، وبفضل ذلك ينجو التحرش والمتحرش في مثل بلادنا، ولم تتبق سوى مبادرات المجتمع المدني بتوعيته وجلسات التوعية والبلاغات والقضايا، وبعض جهود المجتمع المدني، تحسنت الأمور بنسبة ضعيفة، وما زال هناك الكثير لنفعله، ونشرت الصحف المصرية ومنها "الأخبار المسائي" خبرا عن عرض الأزياء الأمريكي يحمل عنوان "مي تو" ME TOO، ومعناها "وأنا أيضا" تعرضت للتحرش والاغتصاب، وخرج معظم المتحرش بهن على المسرح ليمشين بثقة ويعرضن الأزياء ويروين تجربتهن مع التحرش في نوع من تفريغ الكبت والعلاج وتوعية الأخريات بما يجب عليهن فعله، كنا في مصر نحارب من تبلغ عن المتحرشين بها ونراها فتاة غير متربية وتريد لنفسها ولأهلها الفضيحة، وظننا جهلا أن الإخفاء حل وعلاج، ولكن مؤخرا ظهرت فتيات رائدات كن أكثر شجاعة وتمسكن بحقهن في التمسك بالمحاضر والقضايا وحبس وتغريم المتحرشين.. ولكن كل الخوف أن نتعرض نحن كرجال لتحرش من قبل النساء ولا نستطيع الإبلاغ بطريقة "محضر قصاد محضر" إذا ما ادعت المرأة كذبا على الرجل أنه الذي تحرش بها، وحتمًا ستنتصر هي في النهاية.. كلنا طبيعي مع منع التحرش، ولكن في نفس الوقت نخاف من "رمي البلا" لأن الاتهام بالتحرش يقف على كلمة فقط من المرأة أو ادعائها الجزافي أحيانا لو أرادت، وسيتحول هذا الحق إلى سيف انتقام مصلت على رقاب الآخرين وأخشى أن نجد عرض أزياء للرجال آخر بعنوان ME TOO. 

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على