«التصوف والنهضة» جديد مركز دراسات الوحدة العربية
أكثر من ٧ سنوات فى التحرير
صدر، حديثا، عن مركز دراسات الوحدة العربية، فى بيروت، كتاب "التصوف في سياق النهضة: من محمد عبده إلى سعيد النورسي" للدكتور محمد حلمي عبد الوهاب، يبحث الكتاب في المنحى الصوفي في فكر روَّاد النَّهضة العربية الإسلامية (من محمَّد عبده إلى سعيد النُّورسي).
ويحدد الكاتب الإطار الزمنى لموضوعه من الإمام محمد عبده (1849– 1905)؛ الذى يعد أحد رموز التجديد في الفقه الإسلامي ومن دعاة النهضة والإصلاح في العالم العربي والإسلامي، إلى سعيد النورسي (1877 - 1960)؛ المعروف بـ"بديع الزمان النورسي"، أحد أبرز علماء الإصلاح الديني والاجتماعي في فترة التحولات الكبرى التى شهدت نهاية "الخلافة الإسلامية"؛ مرورا بالعديد من الشخصيات والحركات الإصلاحية والنهضوية، فإنه بذلك يكون قد تناول ما يقرب من القرن شهد "الفكر الإسلامى" فيه تحولات هائلة.
الدكتور محمد حلمي عبد الوهاب، أكاديمي مصري، حاصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة السياسية، نُشر له عشرات المقالات بالصحف العربية، وأصدر عدة مؤلفات، منها: المقدس والمدنس، الديني والسياسي في فكر الحركات الإسلامية (دار العين- 2009)، ولاة وأولياء: السلطة والمتصوفة في إسلام العصر الوسيط (الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت- 2009)، الإسلام والحداثة: الانسحاب الثاني من مواجهة العصر (الأهلية للنشر والتوزيع- 2010).
وحسب تعريف مركز دراسات الوحدة العربية يتضمن الكتاب فصولاً خمسة: يركز الفصل الأول منها على دراسة المنحى الصوفي في فكر الإمام محمد عبده؛ نظرا لما له من رمزية وحضور طاغ على ممثلي الاتجاهات الفكرية في عصره، ولما لهذا المنحى الروحي من أهمية كبرى في تكوين مشروعه الإصلاحي التجديدي، على الرغم مما ناله من إقصاء وتهميش كبيرين في أغلب الدراسات المتعلقة بحياة الإمام وفكره. ولعل جزءا كبيرا من سوء الفهم التاريخي لمنحى ومركزية هذا البعد الروحي/ التربوي/ التزكوي عند الإمام محمد عبده؛ إنما يرجع أساسا إلى انقلاب تلميذه محمد رشيد رضا عليه، واختطافه مشروعَ أستاذه الفكري لينتهي الأمر بالإمام كما لو أنه يناهض في تفكيره كـلا من التصوف والعقلانية! ولهذا كله عالجنا في الفصل الثاني من الكتاب طبيعة ومواقف محمد رشيد رضا من التصوف من خلال مقالاته بمجلة المنار.
أما محمد مصطفى حلمي، الذي تتلمذ على يد الشيخ مصطفى عبد الرازق، أحد أبرز تلامذة الإمام محمد عبده، فقد أولى التصوف عناية فائقة في بحوثه واهتماماته؛ على نحو ما يوضِّح الفصل الثالث. لكن على النقيض من ذلك تماما كان موقف زكي نجيب محمود الذي حاكَمَ التجربة الصوفية وفق أسس عقلية، وحكم على التصوف كلية باللا معقولية! ومع ذلك؛ فإننا لا نعدم جانبا إيجابيا في رؤيته النقدية للتصوف يتمثل بحديثه عن «فاعلية الولاية الصوفية»؛ أي أن تنصرف جهود الولي وكراماته نحو خدمة المجتمعات الإسلامية: تهذيبا وتربية، تعليما وحكمة، اشتغالاً في الواقع، وتدبيرا للشأن العام بالمعنى العام للكلمة؛ على نحو ما يبين الفصل الرابع.
وأخيرا يبحث الفصل الخامس في «مركزية التربية الروحية وفاعليتها في فكر بديع الزمان سعيد النورسي»، بوصفه من أواخر الـمصلحين الـمجددين الذين نالوا حظا وافرا من التربية الروحية، وأسهموا في تكوين وعي جديد لأجيال النور ممن تربوا على رسائله روحيا.