«محمد المخزنجي مع الدكتور محمد غنيم».. متمرد يكتب سيرة متمرد

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

كتب- إيهاب محمد:

للوهلة الأولى السريعة المتعجلة، وبالنظر لغلاف الكتاب الصادر عن "دار الشروق للنشر"، الذى تتصدر غلافه صورة كبيرة للدكتور محمد غنيم، يبدو كأن العنوان هكذا "محمد المخزنجي مع الدكتور محمد غنيم"، ثم وحتى بعد الضبط الذاتى للعنوان الذى أصبح "مع محمد غنيم" كتاب للمحمد المخزنجى، تعتقد أنك أمام كتاب سيرة عادي عن رحلة طبيب الكلي الشهير، وأن اسم المخزنجي التصق بالغلاف سهوا، أو أن هناك تشابه أسماء، لكن ما أن تقع عيناك على العنوان الفرعي الموجود أسفل الغلاف "السعادة في مكان آخر" حتى تبدأ المتعة، متعة تعودنا عليها من كاتب أبهرنا على مدى سنوات، حتى فيما قد يبدو عاديا.

الكتاب يبحث عن إجابة لسؤال حيّر الفلاسفة على مدى التاريخ، وهو: ما معنى السعادة ومتي يكون الإنسان سعيدا؟، وفي النهاية اتفقوا على أنها شيء نسبي يختلف من شخص لآخر ومن مجتمع لآخر، وهو ما يحاول المخزنجي إثباته أيضا، فغنيم بالنسبة له وجد سعادته الخاصة في مسيرته مع الطب والحياة.

قسم المخزنجي كتابه جزءين: الأول، حصيلة جلسات مع الدكتور غنيم، أو "المتمرد"؛ كما يصفه، وصلت إلى 12 ساعة يحكي خلالها سيرته الذاتية؛ منذ ولادته في 17 مارس عام 1939 ببيت جده لأمه الدكتور محمد عساكر في حي العباسية الشرقية التي كانت سكن الباشاوات، مرورا بالمحطات التي مر بها طوال حياته، واختار المخزنجي أن يحكي غنيم مسيرته على لسانه وليس عن طريق راو، أو أن يتدخل في بعض الفقرات كما يحدث في أغلب كتب السير.

أما الجزء الثاني فيتضمن عددا من المقالات التي كتبها ونشرها المخزنجى عن الدكتور غنيم ورحلته في الطب والحياة، بعد أن أعاد قراءتها، واكتشف أن مسيرته (غنيم) لا تنطوي على معنى واحد بل معانٍ عدة وهو ما تشي به عناوين المقالات.

بمقدمة يطرح فيها المخزنجي تساؤل "أهي مقدمة أم اعتذار؟" بدأ كتابه، ويجيب: "هي مقدمة وفيها اعتذار"، ويظهر من خلالها مدى شغفه بهذه الشخصية التي ألبسها ثياب أبطال السير الشعبية، الذين كان الرواة الشعبيون يحكون عنهم في المقاهي، ويكشف كيف تحول غنيم إلى أسطورة بما فعله في قسم "4" للجراحة والمسالك فى كلية الطب بجامعة المنصورة، فالطبيب الشاب آنذاك كان حسب وصف الكاتب: "طليق بصورة غير معتادة، حر لدرجة الجرأة المطلقة في مواجهة ما يراه زيفا واصطناعا وقولبة، وتحكي عنه حكايات تروى بمتعة من يحلمون بالتمرد الجميل والنبيل".

تبدأ الرحلة على صفحات الكتاب في الجزء الأول الذي يحمل عنوان "الدكتور غنيم يحكي" بفصل عنوانه "النشأة والتكوين" وفيه ينتقد المستوى الذي وصل إليه التعليم الأساسي في مصر من خلال عقد مقارنة بسيطة بين ما كان يدرسه "غنيم" من شعر في مادة اللغة العربية وما يدرسه الطلبة في الوقت الحاضر، ثم: سنوات كلية الطب، وما بعد التخرج في: المنصورة، إنجلترا، أمريكا، كندا، ويختتم التكوين بـ"من قسم 4 إلى ريادة زراعة الكلى"، وبعدها يخرج "غنيم" من المحطات الشخصية إلى المحطات ذات الصلة بالمجتمع والسياسة؛ التي كان لها تأثير في تاريخ مصر، فقد بدأ مع حركة "البعث العربي" التي لفتت انتباهه السياسي في وقت مبكر وقطع معها شوطا كبيرا وهو طالب في الجامعة وتعرف على العديد من الشخصيات التي أثرت في الحياة السياسية؛ ليس في مصر فقط بل على المستوى العربي، ثم ينتقل إلى النكسة -5 يونيو 1967- التي تصادف أن تكون في أول يوم له داخل غرفة العمليات، ثم يقفز سريعا إلى 27 ديسمبر عام 2008 وقت الحرب على غزة، ويحكي عن رحلته مع الأطباء المصريين الى هناك والمشاهد التي توقف أمامها.

ويختتم المخزنجي الجزء الأول بفصل قصير جدا (أقل من صفحة) يتحدث فيها عن ثورة 30 يونيو ووجوده في الميدان، ثم يعرض رؤيته وقتها لحتمية أن يتولى الرئيس السيسي منصب رئيس الجمهورية، وأن سبيل الخروج من كل المشكلات التي تواجهنا هي بالتنمية والشفافية والقضاء على الفساد.

يبدأ المخزنجي الجزء الثاني المعنون "رجل تشغله المعاني" بفصول أشبه بـ"البورتريهات"، أولها بعنوان: "هل تعرف هذا الرجل"، ثم "حلول مدهشة لمعادلات صعبة"، ويعترف المخزنجي: "أنني متيم بسيرة ومسيرة الرجل (محمد غنيم) لأسباب عميقة توشك أن تكون فلسفية وراء صنيعه النبيل في الحياة، فعلى المستوى الأقرب للسطح هذا الرجل كان يستطيع، ولا يزال، أن يكون بليونيرا في شهر واحد لو أراد، لكنه لم يفعل، وكان ولا يزال يمكن أن يكون نجما من نجوم الفضائيات لكنه نأى بنفسه عن ذلك ومنذ أول لحظة، ويتساءل من أين له كل هذه القوة الروحية والغني النفسي؟".

ويختتم المخزنجي كتابه بملحق خاص بصور للدكتور محمد غنيم ومركزه الطبى في المنصورة.

شارك الخبر على