مؤتمر واشنطن يواصل اعماله للتوصل إلى خارطة طريق للتحالف بين الأديان

حوالي ٦ سنوات فى بنا

واشنطن في 7 فبراير / بنا / تواصلت أعمال "مؤتمر واشنطن" لليوم الثاني برعاية "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" من أجل التوصل إلى خارطة طريق للتحالف بين الأديان في العالم بغرض ترسيخ ثقافة التسامح وتعزيز السلم العالمي وحماية مستقبل البشرية.
وانطلقت الفعاليات بحضور المئات من القساوسة الإنجيليين والحاخامات والأئمة من أكبر أربعين مدينة أميركية، إلى جانب نخبة من العلماء والمفكرين وممثلي الأديان في مختلف بلدان العالم، في فندق "ماريوت - جوجتاون" في واشنطن العاصمة.

واستهل الجلسة الافتتاحية الشيخ عبدالله بن بيه رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" الذي قدم تصورا أولياً لمرحلة ما بعد "مؤتمر واشنطن"، مؤطراً للصيغة التي يُفترض أن يقوم وفقها نشاط قافلة السلام، في ضوء ما تحقق من نتائج إيجابية، مقترحا مرتكزات تؤسس لإنطلاق "حلف الفضول الجديد" للتحالف بين الأديان والفلسفات معاً، موضحا ان جوهر المشروع يقوم على أبعاد إنسانية على كل المستويات الأخلاقية والدينية.

وتحدث الشيخ ابن بيه عن دور "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" منذ انطلاقته الأولى قبل خمس سنوات، مؤكداً أن عمله يقوم على شقين: شق يبحث في ظاهرة العنف وجذورها، والأخر يقوم على المبادرات والتعاون مع الأصدقاء الباحثين عن السلام .

وتحدث سام براون سفير الولايات المتحدة لحرية الأديان، فتوجه بالتحية للشيخ عبدالله بن بيه على هذه المبادرة الإنسانية الرائعة، وما تستدعيه من جهد أخلاقي وديني في خدمة الإنسان عموماً. ملاحظاً أن المشروع عظيم وهو في غاية الأهمية لأن المجتمع الإنساني بمسيس الحاجة لتعزيز ثقافة التسامح وتعزيز السلم.

وأكد الحاجة إلى أن تتوافق الأديان على مشروع سلام شامل يخدم البشرية مشيرا إلى إعلان مراكش، الذي شكل الأساس لمؤتمر واشنطن، معتبراً أنه في غاية الأهمية ليس لأنه يحمي الأقليات فقط، وإنما لأنه يؤسس لثقافة إنسانية أكثر تأثيراً على الأجيال المقبلة، كما هو حال مشروع قافلة السلام التي يرعاها فضيلة الشيخ ابن بيه مؤكدا أنه على أتم الاستعداد للتعاون في هذا المشروع لأن النهوض بمهمة تعزيز الحريات الدينية في العالم، هو في صلب اهتمام حكومة الولايات المتحدة، وأن دوره سوف يساند ساندة وزارة الخارجية، للقيام في هذه المهمة.

وأبدى السفير براون إعجابه بمستوى هذا التناغم في افكار السلم والتسامح التي تجمع المؤتمرين مع فكر وتطلعات الشيخ عبدالله بن بيه. مبدياً التزامه وتعهده بأنه سيؤكد دعمه للمشروع أمام حكومته، وأنه سيعمل على حثها لدعم المشروع ومؤازرته في كل السبل.

كما تحدث تام سوينك وزير الخارجية الفنلندي، فأكد أن ما تقوم به قافلة السلام هو في غاية الأهمية، وهو عمل مقدر عالياً من الحكومة الفنلندية، ولذلك "أنقل إليكم دعمنا ومؤازرتنا على كل المستويات".

وشدد أن لقاء اليوم هو مصدر إلهام للقيام بالخطوة اللاحقة على مستوى تحالف الأديان. مبديا اعجابه بإعلان مراكش، الذي يركز على حقوق وكرامة الأقليات وحرية التدين على مستوى العالم. إنها خطوة جميلة.

وقال: ان التحدي أمامنا، هو شكل المقاربة التي يفترض أن نتحدث بها إلى الآخر المختلف. فهذا ما نرجو الاهتمام به. ويرى في مؤتمر واشنطن فرصة لتشكيل إطار يعزز خطوات السلام، إن مثل هذا الكيان سيقوم "بدور جوهري في ترسيخ ثقافة التسامح لأنني أعتقد أنه إذا كان الدين جزء من المشكلة، فهو بالتأكيد جزء من الحل.

وتحدث محمد بن عبد الكريم العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي الذي اكد أن هذا اللقاء المتميز بحضوره وموضوعه يتطلع لتعزيز قيم الوئام بين أتباع الأديان، ملبياً دعوة محبي السلام، من خلال فِكْرَةِ حِلْفٍ رحَّب به نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم حيث قال: " لو دُعيت به في الإسلام لأجبت"، وهو حِلفُ الفضول. وهذا الحِلْفُ لم يكُن حلفاً إسلامياً، لكنه حَمَلَ قيم الإسلام الرفيعة حيث شَمَلَتْ موادُه متطلباتِ السلام المجتمعي والدولي من خلال ترسيخ مبادئ الحقوق والحريات.

وتمنى العيسى أن يشمل هذا العهدُ معالجةً لازدراء أتباع الأديان، والتصديَ الحكيم لفوبيا الأديان، والدعوةَ للحوار الفعال، والتفرقةَ بين التفهم والقناعة فالأول يُقر بسنة الخالق سبحانه في الاختلاف والتنوع والتعددية، والثاني يُقر بأن العقائدَ والقناعاتِ لا تُفرض، وأن عدم قبولها لا يعني المواجهةَ بينها والإكراه عليها، مع التحذير من توظيف الدين لأي غرض مادي، ومن الإساءة للعواطف الدينية بما يصرف بعضها عن مسارها الطبيعي، والتأكيدَ على عقد اللقاءات الدورية للتذكير والمذاكرة حول المشتركات بين الأديان والثقافات، ومن ثم الانفتاح والتعاون والتعايش على ضوئها، مع التعزيز المستمر لكافة أساليب فهم الآخر.

وقال الدكتور محمد مطر الكعبي أمين عام "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" إن الأديان فاعل أساسي في تعزيز السلم، وأن تعاونها يمثل سدا منيعا ضد ثقافة الكراهية وخطاب العنف والتطرف، وهو ما يتوجب أن تتضافر جهود عقلاء الأديان لتشييد لبنات هذا الصرح، حفظا للإنسان والأديان والأوطان على حد سواء.

وأضاف الكعبي : أن الأنبياء والرسل جاءوا برسالة السلام، وحَقٌّ على أتباعهم أن يكونوا دعاة سلام ورحمة، أن يكونوا أنصارا للمظلومين، وأن يكونوا حماة للإنسان والأديان، وأن يستلهموا من سيرهم ومبادراتهم، ولذلك نجتمع اليوم لنقدم للعالم النموذج الحضاري للتعايش والتعاون على الوجود والبقاء، رفعا للظلم، ومواجهة للكراهية والتطرف، معتمدين على ما في كتب أديان العائلة الإبراهيمية من نصوص داعمة ومقوية ومعينة على بلوغ المقصود.

وتابع : نطمح أن نصل حلف عالمي للأديان لما نملك من إمكانيات التعاون والتعايش ما يمكن أن نقدم من خلاله حلولا واعية بالواقع العالمي وتركيباته المعقدة ومتغيراته وإكراهاته، نستثمرها لإحداث الأثر الصالح في النفوس والعقليات في هذا العالم الذي تتلاطم فيه أمواج التكتلات المتصارعة، وذلك بأن يكون تكتلا يجمع ولا يفرق، يقارب ولا يباعد، يوحد ولا يشتت، يبشر ولا ينفر.

وأكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة قيادة ومجتمعا، تعمل على أن يكون التسامح سائدا بين المجموعات الدينية والعرقية واللغوية، التي تعيش على أرضها، وما فتئت تشريعاتها ومؤسساتها الرسمية وغير الرسمية ومبادراتها الإقليمية والدولية والعالمية تؤكد توجهها في هذا الاتجاه استثمارا لهذا التنوع في المنطق الديني والإنساني الذي نعتقد أنه عامل محفز على التعارف والتعايش.

تلى الافتتاح جلسات تحدث فيها الشيخ حمزة يوسف هانسن نائب رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، والقس بيشوب افرام تيندورو، والحاخام ديفيد روزن مدير معهد علاقات الأديان الدولي، والأنبا انجيلوس أسقف لندن، والقس كريس سايبل، الحاخام إيريك يافي، وماغي الصديقي، والدكتورة أماني لوبيس عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وآخرين.

وقال الدكتور حمزة يوسف هانسن نائب رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، نحن نسعى إلى ثقافة السلم والتسامح وتعزيز السلم المجتمعي، ولكن لب المشكلة يتمثل بسلوك بعض رجال الدين، فهؤلاء هم الذين يشحنون بسطاء الناس بالكراهية. لذلك يتعين على هذا الملتقى أن ينشط لحث ممثلي الديانات على الانخراط بالسلم.

وتوقف الدكتور هانس عند بعض المداخلات، فلاحظ أنه عندما يتقاتل المسلمون مع بعضهم البعض، فلا ينظر إلى نزاعهم بأنه إسلامي أو الإسلام باعثه، ولكن عندما يحصل نزاع مع الأقليات للأسف يجري تصويره وكأنه عنف إسلامي علما أن النزاع في الحالين ليس إسلامياً، وإنما هو تخلف وتطرف. والتاريخ يشهد تعايش المسيحيون واليهود في الحواضر الإسلامية بأمان واستقرار لقرون عدة في الماضي، والنماذج أكثر من أن تُعد أو تحصى.

وتحدث القس بيشوب افرام تيندورو عن النزاع في الفلبين بين جبهة مورو الإسلامية والحكومة، مؤكداً أن النزاع هناك ليس دينياً وإنما هناك في الواقع مظلوميات، وأنه تحاور مع الجبهة فقالوا له: أنتم أخذت أرضنا بالقوة وجعلتموها فلبينية، فكان ردي أننا لم نُسأل كمجمع كنسي في هذه المسألة، وليس لنا خيار، وإنما نحن معكم في البحث عن حقوقكم. ولكن أحيانا تكون العقبات كبيرة لأن السياسة تدفع بالنزاع، إلى غياب أصل المشكلة، وهذا ما يتعين على الطرفين معرفته.

كما تحدث الحاخام ديفيد روزن مدير علاقات الأديان الدولي فقال "عندما لا نكون مخلصين للآخرين نرى بهم بشراً، أما إذا كنا محبين ومؤمنين بأهمية الآخر فسوف نراهم ملائكة. مشدداً على أن معظم النزاعات تبدأ من سوء الفهم. لذلك نحن مطالبون بالحوار مع المختلفين، فهو السبيل الوحيد للتفاهم. وهذا تدعو له اليهودية كما الإسلام، حيث ينص القرآن على أن الله جعل الناس "قبائل وشعوباً لتعارفوا". وهذا ما يسعى إليه الشيخ عبدالله بن بيه، ولذلك أنا متحمس لهذا التحالف الذي يدعو إليه.

أما الأنبا انجيلوس أسقف لندنف ثمن مؤتمر واشنطن عالياً، معتبراً أنه يعبر عن الحالة الإنسانية والأخلاقية، التي أرادها الله للبشر. ولاحظ أن الحقوق والحريات التي نعمل من أجلها هي في الأساس حقوق الله أو قانون الله، ولذلك عندما نطالب بها كمثلين للأديان، فهي مهمة إنسانية نبيلة، تقتضي أن نتعاون من أجلها. وأكد أننا جميعاً نواجه مشكلات مع الذين يتصرفون بكراهية أو بعنف أو بتطرف، وأن الطريق الوحيد للخلاص من هذ السلوك الشائن هو الحوار.

بدوره القس كريس سايبل، أكد أنه التقى الشيخ ابن بيه مرات عدة، وأنه في كل مرة يجد نفسه مع الشيخ، و"كأن صوت الله هو الذي يجمعنا". وأضاف "ما أريد أن أقوله، أن المرء عندما يعتزم فتح قلبه للآخر، فسيجد منه المثل، وحينها يكون التفاهم ممكنا. ما يعني أنه علينا أن نتذكر دائماً أن الأخوة في الله هي التي تجمعنا، فنحن جميعاً أبناء الله وعياله.

من ناحيته تحدث الحاخام إيريك يافي عن المشكلات في اليهودية، وبخاصة ما سماه ظاهرة عدم التسامح عن بعض المجموعات. مؤكداً أنه كان مكتئباً بسبب ذلك، ولكن حالما حضر وشارك بمؤتمر واشنطن زالت هذه الكآبة، لا بل يعتق أنه أخذ جرعة تفاؤل، تحفزه على العمل الحثيث من أجل التوصل إلى تحالف بين الأديان، وأن نتصدى معاً لكل الأصوات الشاذة. وأكد أن هذه المجموعة التي تلتقي اليوم مؤهلة للقيام بهذا التحالف الإنساني الجميل. كما أكد ضرورة أن تزول الأحقاد والكراهية المتراكمة عن الماضي حتى في حالة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني رغم قسوته، فالمؤكد هناك اسرائيليين وفلسطينيين يرغبون بالحوار والحل السلمي والتعايش بأمان. لذلك يتعين أن نقدم لهم هذا النموذج الرائع للتحالف بين الأديان.

وشدد أنه لن يقبل أن يقال إن الإسلام متطرف أو عنيف، وأنه سيتصدى للمتطرفين والغوغائيين اليهود بالدرجة الأولى، و"أقول لهم انظروا إلى إعلان مراكش، وأبحثو في غوغل لتتأكدوا كيف يدين المسلمون الإرهاب والعنف والكراهية".

ع إ ح/س.ي

بنا 1413 جمت 07/02/2018

شارك الخبر على