الجيش هو المنتصر دائماً

ما يقرب من ٨ سنوات فى أخبار اليوم

 من ينتصر.. الشعب أم أردوغان؟.. لا هذا ولا ذاك

نعيش أياما اردوغانية شديدة العجب.. الرجل مُصر علي قيادة البلاد.. والجيش مُصر علي خلعه.. وهو مازال مُصرا علي حكم البلاد.. والكفاح من أجل البقاء «لائقة له جدا» لان غريزة حب البقاء في السلطة هي أقوي الغرائز في البشر بداية من بواب العمارة وصولا إلي بواب البلاد «أي الرئيس» واردوغان بدأ كعادة الحكام عادلا محبا للتغيير لدرجة اعجاب المحيطين به من الدول التي عاشت القهر وأصبح اردوغان فتي أحلام الدول المقهورة ولكن للكرسي أحكام وللكرسي أمراض لمن يجلس عليه كثيرا «ويريح» وللحكام أمراض اخري هي أمراض الحاشية وقد جربتها مصر بداية من محمد علي وصولا للرئيس السادات وأمراض الحاشية هي عدم الاستماع للشعب وتسليم الحاكم اذنيه للحاشية وهكذا ولكن في حالة اردوغان فهو لم يستمع إلا لنفسه والرجل يعتبر من أقوي من حكموا تركيا وقد حاورته منذ نحو ثلاثين عاما وكان في حواره شديد الذكاء «كما هو الآن» وشديد الوطنية ولكن الذي حدث انه اصيب بفساد حاشيته وحينما اكتشفها أصبح لا يثق في أحد وانقسمت تركيا النصف اردوغاني والنصف للجيش ومن يقول غير ذلك فهو واهم لان اردوغان باسمه الكامل «رجب طيب اردوغان» مازال له شعبية ليست قليلة وهي رصيد بأثر رجعي منذ بدايته والشعب التركي فيه صفات كثيرة من الشعب المصري فهو يرتبط عاطفيا بالحاكم ويصبح كأحد أفراد أسرته لهذا فإن هناك غالبية مازالت تؤمن بقيادة اردوغان وهي أغلبية غالبا لها مقدرة علي أن تغفر خطايا الحاكم الذي تحبه وحينما تكتشفه تثور وتنقلب وتنسي حبها القديم.

ولكن في حالة اردوغان أصبحت المشكلة في الجيش لأن الجيش هو القوة الأولي لدي الشعوب وبعدها تأتي القيادات الاخري وثورة أي جيش تسبق دائما «فوران الشعب» وتظل دائما هي القوة الدافعة ولان الجيش في تركيا ليس كله علي كلمة رجل واحد فإن جزءا كبيرا منه مازال علي ولاء لاردوغان وللتاريخ دائما كلمة حول وضع الحكام فالنهايات دائما لصالح الشعوب سواء كان معها الجيش أو كانت وحدها في الساحة ولكن لان الجيش اصلا من أبناء الشعب فيحدث الالتحام الطبيعي بينهما وينجح التغيير أو الانقلاب.

في حالة تركيا من الواضح انه لم يكن هناك إعداد شعبي وان اردوغان اعتمد علي طول البقاء كقدرة علي فعل أي شيء. واستطاع اردوغان ان يكسر الجيش إلي حد ما ولكن عنصر الوقت ليس في مصلحته لان الجيش التركي من الجيوش ذات الجيوب والقيادات القادرة علي إحداث ثغرات وتغيير مفاجئ.

لهذا ما يحدث في تركيا الآن ليس مشهد النهاية ولكن هناك «مشاهد» وليس مشهدا واحدا.. مشاهد قادمة أولا لان اردوغان مازال قويا وله جيوب وله قيادات وله ولاء بأثر رجعي وانتظروا ما يحدث في تركيا علي قوة اردوغان الخفية وقوة الشعب والجيش الظاهرة.

مصر وظاهرة وأنا مالي

كتبت من قبل عن ظاهرة «وأنا مالي وإحنا مالنا» وهي ظاهرة جديدة جدا علي مجتمعنا فنحن حينما كان يحدث حادث نشعر أنه لنا جميعا ونهب للنجدة أما الآن فقد تغير الناس ولا أدري لماذا؟ هل لأن «كل واحد شايل همه» أو لأن المجتمع «تفسخ» أو لان الأعداد الكبيرة لم تعد تسمح بالتدخل للنجدة؟

هناك أسباب كثيرة ولكن هذه الأسباب كانت موجودة ولم تكن جديدة علينا وهي الهموم الشخصية التي كانت تنكمش حينما يظهر الهم العام.

كنا في رمضان نقيم الموائد أمام البيوت وكنا ننزل لنأكل مع الفقراء والعابرين من المسافرين الذين يتوقفون عندنا لآذان المغرب وكان ابي رحمه الله حريصا جدا علي هذه الموائد وفي بلدتنا ميت رومي مركز دكرنس كان أمام بيتنا مقام من الطوب الأحمر البسيط لولي من أولياء الله اسمه الشيخ النبوي وكان الناس ينذرون له صواني الارز باللبن عند نجاح الأولاد أو شفاء المرضي ولا ادري هل مازال مقام «سيدي النبوي» كما هو ومازالت النذور بصواني الارز باللبن كما هي؟ لا أعتقد فإن كثيرا من العادات الريفية قد اختفت أو لا مع انتشار التعليم ثانيا مع الاعتقاد بأنها عادات لا تليق بالمثقفين أو المتعلمين مع انها عادات تراثية ولابد من التمسك بها لان غياب هذه العادات هي التي دعم ظاهرة «وأنا مالي» حيث ان هذه العادات هي رباط قوي حتي ان غيابها دعم تفكك المجتمع لان غالبا ما يجمع الناس هو التقاء الفكر والتقاء العاطفة وليس هناك شعب جعل من الموت تراثا اكثر من المصريين ذلك لآن أكبر بناء في بلادنا مقبرة هو الهرم ويتعجب السياح حينما يعلمون أن الاهرامات الثلاثة ما هي إلا مقابر لملوك وليست قصورا ملكية.

الوحيدة التي جعلت من مقبرتها متحفا مفتوحا هي الملكة حتشبسوت وقد حرصت علي نقش تاريخها واحلامها علي كل مقصورة من مقصورة معبدها العظيم الجميل وحتي رحلتها إلي بلاد «بنط» «الصومال الآن سجلتها علي جدران ذلك المعبد ذي البهاء والجمال والمتعدد الأدوار.

عاشق الآثار مصطفي وزيري

وقد قال لي ولدنا عالم الآثار مصطفي وزيري إن صاحب حتشبسوت وعشيقها رسم صورته في خلفية أحد جدران المعبد حتي لا يختفي من حياتها تماما ويظل معها حتي الموت.

وللحقيقة وللتاريخ فإن هذا المعبد ليس تحفة معمارية فقط ولكنه خزانة للتاريخ مرسوم وموثق واستطيع أن استمتع لشرح ابننا العالم مصطفي وزيري لمئات المرات ولا أمل سماعه لامرين: الأول حبي الشديد لتاريخ مصر القديمة ولاحساسي أننا نعيش تاريخا لم يعيشه أحد سوانا والثاني لقدرة مصطفي وزيري علي الشرح بعشق لتاريخ بلده وعشقه أيضا لتوصيله للعالم وليس انا فقط.

واعترف وأدين بالشكر لولدنا العالم مصطفي وزيري لانه أوصل لي تاريخ اجدادي بشكل جعلني احب التاريخ اكثر من الحاضر واتعجب من هذا الحاضر الضعيف الذي لا يليق بهذا التاريخ القوي العظيم.

إخناتون «وأنبياء لم تذكر»

أقرأ القرآن هذه الأيام قراءة متأنية ليس تبركا فقط ولكن تفهما وأحسست فعلا بمعني جملة «ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة».. ففي سورة المؤمنون في بدايتها تطور الجنين بكل التفاصيل في عام 1985 كتبت مجلة «الباري ماتش» - أعلي مجلات العالم توزيعا كتبت موضوعا مصورا عن تطور الجنين وقال انه لأول مرة فكتبت إليهم «سورة المؤمنون» وفيها تفصيل تطور الجنين «اقرأوها لتتعجبوا من الوصف الدقيق» فقد وصفت سورة المؤمنون تطور الجنين منذ أن كان قطعة من الطين إلي أن أصبح «بشرا سويا».

وهناك آية في القرآن معناها أن هناك «أنبياء لم تذكر» وأعتقد ان اخناتون أبوالتوحيد وقبل نزول الاديان اليهودية والمسيحية والإسلام بثلاثة آلاف عام والذي ترك الآلهة في الغرب والذين نصبهم قدماء المصريين علي كل شيء إله وجاء إلي الشرق وأعلن أنه ليس هناك كل هذه الألهة وأنه إله واحد فأعتقد أن اخناتون أول الموحدين واعتقد أيضا أنه يدخل في الآية الكريمة «ومنهم من لم نقصص عليك»

مصر أم الدنيا والدين

وقد كتبت من قبل يوميات تحت هذا العنوان واكرره ثانيا لمن لم يقرأه فمصر أم الدنيا تاريخيا بما فيها من أثار تحكي العلوم والفنون والانتصارات علي جدرانها كما تحكي عن الطب والهندسة والعلوم والزراعة والصناعة. وأم الدين منذ توحيد أخناتون وهناك كتابات أدبية وشعر وقصة.. هناك ايضا علي جدران احد المعابد أدوات الجراحة وقد شاهدها أطباء الجراحة وتعجبوا لأنها كما الأدوات التي تستعمل في العمليات الجراحية للأن.

وقد حضرت تشريح احدي المومياوات لامرأة ماتت في عملية جراحية وكان في قاع الرحم قطعة من الفخار وقال لي احد أطباء امراض النساء والولادة بعد تعجبي من وجود قطعة الفخار فقالوا لي ان هذه عملية يوضع مكانها الآن قطع من مكونات العظام البشرية.

وهكذا وليست احساسي بالتفوق علي العالم ولكن احقاق للحق واخراج لوثائق مصر القديمة لمن لا يسافرون إلي تاريخهم ويسافرون الي المنتجعات.

خذوا أولادكم إلي تاريخهم

لم أجد أسرة تحزم حقائبها للسفر إلي التاريخ أبدا وانما الجميع يستعدون للمصيف حتي لو كانوا «عملوا جمعية من اجل السفر الي المصيف» لماذا لا تعملوا جمعية للسفر الي الأقصر؟ انه السفر الي التاريخ ذلك التاريخ العظيم الذي يتصل بالحاضر ولا ينفصل عنه علي الاطلاق.

لقد سافرت الي الأقصرأول مرة وأنا في الثانوية العامة حيث كان هناك قرار بأن يدفع كل طالب جنيها ويسافر في رحلة الي الأقصر وكنا نقيم في قصر السلطانة ملك.

وكانت رحلة في غاية الأهمية حيث شاهدنا الآثار لأول مرة احسسنا بأننا لابد أن نكون علي مستوي هؤلاء الاجداد العظام وحينما شاهدنا مقبرة توت عنخ آمون التي اكتشفت عام ١٩٢٢ وكانت آخر الاكتشافات وقتها كانت مبهرة وقد اكتشفها عالم الآثار هاورد كارتر وكان يبحث عن مقبرة أخري ولكه فوجئ بها أقرب الي الارض وقد مات الملك الطفل قبل اعداد مقبرة عميقة مثل مقبرة رمسيس السادس الشديدة العمق حتي نصل الي تابوت الملك ولكنه كان قد سرق أما مقبرة توت عنخ آمون فلم يتنبه لها اللصوص لهذا لم تتم سرقتها ويقال هذه الأيام ان خلف جدار المقبرة مقبرة نفرتيتي التي لم تكتشف بعد ولعل هذا الاكتشاف سوف يكشف حقائق تاريخية جديدة.

ان تاريخ مصر مازال مدفونا اما تحت رمال الاقصر وما حولها او خلف جدران المقابر.

لعل رحلة الأقصر التي سافرناها منذ ستين عاما حينما كنت «في الشهادة التوجيهية» أي الثانوية العامة الآن لعل هذه الرحلة هي التي جعلتني الي الآن اشعر بالفخر واتمني ان تعود مصر قادرة علي كتابة هذا التاريخ العظيم ان هذه الرحلات ليست للترفيه ولكنها للاطلال علي تاريخ مصر ليس من خلال المعابد العظيمة البناء ولكن من خلال التأمل في هؤلاء الذين صنعوا هذا التاريخ ومنقوش علي الجدران دون توقيع هؤلاء الفنانين العظام وهؤلاءالذين أقاموا هذه الصروح وتلك الابنية التي يجئ الناس من جميع انحاء العالم لرؤيتها كل ذلك بلا توقيع كان المصريون القدماء يقدمون فنا دون عائد مادي او عائد معنوي العائد الوحيد هو ما يعود عليهم وهم يقدمون هذا الفن المنفرد والذي لا يمكن تقليده والذي لم يكن فنا فقط ولكنه كان كتابا مفتوحا للتاريخ.. كتابا يجيء الناس من انحاء العالم ليقرأوه أمامهم بلغة يفهمها الجميع فهي لغة الفن تلك اللغة العالمية ولكنها في مصر القديمة كانت رسائل للعالم بكل ايامه ومستقبله رسائل شامخة واقفة بأعمدة وتماثيل وعليها كتابات هيروغليفية يترجمها اولادنا الذين درسوا لغة الاجواد بحب للمعرفة وبعمق للتاريخ ان الاقصر. مازالت الي الآن تحوي اسرارا تحتاج من يكتشفها وكذلك معابد ادفو واسنا ولعل ادوات الجراحة علي جدران معبد اسنا أو ادفو  لا اذكر لعلها تعطينا فكرة تجعلنا نشعر بالعظمة والفخر لهؤلاء الذين ماتوا ومازالوا يعيشون بما تركوا.. ولعلهم يقولون بما تركوا للذين يعيشون وهم اموات ولكن يرزقون.

إلي وزيري التعليم والآثار

لماذا لا تعود رحلات الثانوية العامة بالقطار وبأجر لايزيد علي ثلاثين جنيها بقدرة الأهالي علي دفعها او بقدرة المدرسة علي دفعها للمتفوقين ولماذا لايخصص وزيرا التعليم والآثار ميزانية لسفر طلاب الثانوية  العامة الي الاقصر لمشاهدة تاريخ بلادهم ليعطيهم  دفعة قوية لبدء حياة للاحفاد تليق بهؤلاء الاجداد.

ان الانفاق في بلادنا يحتاج الي مخطط

إلي الرئيس السيسي

حبك لمصر لا ينتهي في تواصل لحب ابنائها أطلب منك اعادة رحلة قطار الطلبة الي الاقصر طلبة الثانوية العامة حيث يشاهدون في بداية حياتهم آثار الأجداد.

لقد كانت هذه الرحلة مقررة علينا منذ سنين عاما فهل يعود الحلم؟ وانت قادر علي تحقيق الاحلام.. رعاك الله.

شارك الخبر على