في يوم السرطان.. مرضى على قوائم انتظار الموت بمعهدي «ناصر والأورام»

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

أتعبهم مرض السرطان، ‏غيّر ملامحهم وأكل من أجسادهم وزاد من شعورهم بالعجز؛ عدم توفير العلاج اللازم لهم من أدوية باهظة الثمن وناقصة بشكل كبير على مدار العامين الماضيين، أبعدهم المرض عن أقرب الناس لهم لشهور وسنوات طويلة في طريق رحلة العلاج التي جعلتهم معزولين عنهم داخل غرفة طبية مُغلقة لا يفوح من بين جدرانها غير روائح الأدوية والمُسكِنات والمحاليل الطبية والحُقن الوريدية التي تنتزع أرواحهم عند كل جلسة علاج "كيماوي" أو إشعاع ذري، البعض منهم يتشبثون ببقايا الأمل في الشفاء والخلاص النهائي من الورم فترتسم الابتسامة على وجوههم، بينما يسكن الخوف كثير من الأهالي والمصابين عند سماع صدمة إصابتهم بالمرض، حينذاك يتملكهم شعور عام بالعجز والألم والمرارة.

طوابير طويلة وزحام على بوابات المعهد القومي للأورام التابع لجامعة القاهرة بمنطقة فم الخليج، الجميع ينتظرون دورهم للعلاج طبقًا لقوائم الانتظار التي طالت لتتخطى شهور، على أمل تلقي جلسات العلاج الإشعاعي والكيماوي داخل المعهد، كثير منهم حياتهم مهددة لعدم تلقي العلاج وحين يأتي دورهم تكون قد غادرت الحياة نتيجة تدهور حالتهم الصحية أثناء فترة الانتظار التي لا ترحم شابا أو شيخًا أو طفلًا أو امرأة، الجميع هناك غاضبون ويعانون من عناء الانتظار أكثر من معاناة ذويهم من آلام الأورام السرطانية.

على قوائم الانتظار

في الجوار كانت تجلس (ح.ر) مريضة ستينية تعاني من ورم سرطاني في نهاية المستطيل بالمخ داخل غرفة جانبية بمعهد الأورام من أجل تلقي جلسات العلاج الإشعاعي والكيماوي كما نصحها الأطباء قبل إجراء العملية الجراحية لاستئصال الورم السرطاني الذي تسبب في تدهور حالتها الصحية.

«مافيش مكان».. يقول أحد أبنائها إن هذه العبارة كثيرا ما سمعها المرضى المترددون على بوابات المعهد القومي للأورام وحالتهم تتأخر يومًا بعد الآخر وحين اتجهوا إلى المعهد القومي تم وضعهم على قوائم الانتظار من أجل تلقي الجلسات وذلك بعد شهرين على الأكثر وهي في حاجة عاجلة إلى 28 جلسة علاج ما يهدد حياتها بصورة بالغة.

وتابع: "هنا تتأخر حالتها الصحية بصورة كبيرة نتيجة تحويلهم من أماكن إلى أخرى دون أن يُفلح بروتوكول العلاج عندهم وعند إجراء التحاليل والأشعة والفحوصات الطبية اللازمة لهم لتشخيص الورم ومعرفة درجة قوته وانتشاره يزداد الوضع سوءًا ويتمكن الورم من أجسادهم الضعيفة، حيث ينتشر الورم في أماكن أخرى بالجسم وتزداد خطورة حالتهم، وتتراجع نسب الشفاء لديهم بنسبة كبيرة ويطرق الموت أبوابهم وتُصبح أيامهم معدودة في الحياة".

 تنص المادة رقم 18 من الدستور المصري على حق كل مواطن في الصحة وتلقي الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة وتُجرِم أي شكل من أشكال الامتناع عن تقديم العلاج لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة.

«نحن نستطيع.. أنا أستطيع»

شعار هذا العام الذي رفعته منظمة الصحة العالمية، لإحياء اليوم العالمي لمكافحة السرطان الذي يتوافق مع الرابع من فبراير كل عام كحدث عالمي للحد من الأورام السرطانية والذي اختارته منظمة الصحة العالمية كشعار للاحتفال هذا العام من أجل توجيه رسالة للعالم كله مصابين وغير مصابين بأنه يستطيع المساعدة ودعم محاربة المرض.

وبادر الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية بدءا من 2005 إلى دعوة وزارات الصحة، والأفراد، والمنظمات، والوكالات الحكومية وغير الحكومية حول العالم إلى الاتحاد في مكافحة مرض السرطان، ويوصي الخبراء والمختصون بضرورة نشر الوعي حول مرض السرطان وسبل الوقاية منه.

عدد كبير من الوفيات الناجمة عن الإصابة به يمكن الحد منها باتباع نظام حياة صحي ونظام غذائي سليم والابتعاد عن التدخين قدر المستطاع وعدم إهمال فحوصات الكشف المبكر عن السرطان.

يعتبر السرطان مجموعة من الأمراض التى تحدث من خلال نمو غير طبيعى للخلية التى يكون لديها القدرة على الاختراق والانتشار لأجزاء أخرى من الجسم، وليست كل الأورام سرطانية، بل إن هناك بعض الأورام الحميدة التى لا تنتشر فى باقى أجزاء الجسم.

مسببات المرض

«التدخين المسئول الرئيسى عن 22% من وفيات السرطان».. يقول الدكتور سامى رمزي، أستاذ جراحة الأورام بالمعهد القومي للأورام والذي أكد أنه عندما يبدأ السرطان فى الجسم، لا يكون له أى أعراض، فإن أعراضه تظهر فقط عندما يكون كتلا، وتكون علاماته قليلة ومحددة.

كما أن بعض أعراض السرطان تكون خادعة لأنها تتشابه مع مشكلات صحية أخرى ويمكن الوقاية من الكثير من السرطانات حسب رمزي بالمحافظة على وزن صحى وعدم تناول الكثير من اللحوم الحمراء، وكذلك تلقى اللقاحات المحددة لبعض الأمراض المعدية، بالإضافة إلى عدم التعرض الزائد لأشعة الشمس.

الفحص المبكر

تقدم أمانة المراكز الطبية المتخصصة التابعة لوزارة الصحة خدمات طبية متعددة في مجال الوقاية والكشف المبكر وعلاج الأورام في كافة المراكز الطبية التابعة للأمانة والتي تغطي المحافظات وعلى رأسها مركز أورام معهد ناصر والسلام بالقاهرة الكبرى وغيرها.

يقول الدكتور أحمد محي القاصد، رئيس أمانة المراكز الطبية بوزارة الصحة إن مراكز الأورام التابعة للأمانة تقدم كافة الخدمات الصحية والعلاجية على نفقة الدولة أو على نفقة التأمين الصحي لجميع فئات وشرائح المجتمع بجودة فائقة كخدمات الكشف المبكر لأورام الثدي بالمجان باستخدام جهاز الماموجرافي، والعيادات الخارجية التي تضم تخصصات الجراحة والباطنة والطوارئ.

كما تقدم المراكز خدمات العلاج الاشعاعي والعلاج الكيماوي بالإضافة إلى أنها تضم نخبة من الأطباء والأساتذة والاستشاريين في علاج وجراحة الأورام والمتميزين في هذا المجال. 

تكشف الإحصائيات الصادرة عن أمانة المراكز الطبية المتخصصة خلال العام الماضي أنه تم إجراء (112278) جلسة علاج إشعاعي و(146972) جلسة علاج كيماوي لمرضى الأورام في مختلف المراكز الطبية. 

وأكد القاصد أنه تم إمداد مراكز الأورام المنتشرة في المحافظات بالأجهزة الطبية المتقدمة وأجهزة الماموجرافي لفحص أورام الثدي والأشعة المقطعية وأجهزة الرنين المغناطيسي وقياس جرعات الإشعاع وذلك في طنطا ودمياط وميت غمر وأسوان بتكلفة (28) مليون جنيه. 

معهد ناصر 

أنشأ مركز الأورام على مساحة 1120 مترا مربعا وتم افتتاحه في الثالث من أكتوبر عام 1999 ويقدم المركز خدمات علاجية لجميع حالات الأورام سواء عن طريق العلاج الكيماوي أو العلاج الإشعاعي أو الجراحي كما يتكون مركز الأورام من ثلاثة أدوار تحتوي على وحدات «الجاما كاميرا، العلاج الاشعاعى، الأشعة التشخيصية» والعيادات الخارجية والعلاج الكيماوي والصيدلية الإكلينيكية.

كما يقدم المركز رعاية طبية لمرضى العلاج الكيماوى طبقا لمعايير الجودة والنظم الطبية العالمية من خلال بروتوكولات وإجراءات قياسية للوحدات المختلفة بمركز الأورام وتحتوى غرف العلاج الكيماوى لليوم الواحد على ثلاث غرف وعدد 30 سريرا.

الوقاية خير من العلاج

الدكتور هاني راشد، مدير عام معهد ناصر أوضح أن هناك مركزا متكاملا لعلاج الأورام داخل المعهد وتم العمل على برنامج شامل للوقاية من السرطان بدأت بثلاث ندوات لنقل الخبرات إلى جموع الأطباء والصيادلة ومعرفة الجديد في وسائل العلاج الحديثة في سرطان الرئة والبروستاتا والثدي.

وأضاف راشد في تصريحات خاصة لـ«التحرير» أن المعهد ينظم حملات دورية للكشف المبكر عن سرطان الثدي بين السيدات من خلال تخصيص سيارة مجهزة بالأجهزة اللازمة لإجراء الفحص الطبي اللازم والتي تستهدف ما يقرب من 45 - 50 سيدة يوميًا.

وأكد مدير المعهد أنه تم تزويد مركز الأورام بجهازين جديدين للعلاج الإشعاعي باسم «المعجل الخطي ثنائى وثلاثى الأبعاد» لتقديم جلسات العلاج الإشعاعي لكافة المرضى أحدهما جهاز جاما كاميرا للمسح الذري «جهاز إلكتروني يستخدم في التشخيص الطبي لتصوير توزيع المركبات الإشعاعية في الأنسجة بعد حقن المريض بها» وجهاز PET-CT «الأشعة المقطعية لفحص ومتابعة الأورام ومعرفة ما إذا كانت نشطة أم لا»، بالإضافة إلى جهاز «جاموجرافي» للفحص المبكر عن أورام الثدي.

يأتي ذلك من أجل القضاء على أزمة قوائم الانتظار بصورة نهائية، حيث لا يتواجد بالمعهد سوى جهازين للعلاج أحدهما قديم سوف يتم تكهينه خلال الأيام المقبلة، أما فيما يخص العلاج الكيماوي فإن المعهد يعمل على ذلك بشكل يومي لتوفير الجلسات للأطفال والكبار.

وهناك تعاون بين وزارة الصحة ومستشفيات أمانة المراكز الطبية المتخصصة واستضافة الخبراء بشكل منتظم يأتي ضمن برنامج الوزارة لاستضافة الخبراء الأجانب وذلك لتدريب الأطباء ورفع كفاءتهم مما يؤدي إلى تقديم خدمة طبية ذات جودة عالية لكافة المرضى.

في سبيل تنفيذ ذلك بدأت وزارة الصحة والسكان قبل عامين في تنفيذ برنامج الطيور المهاجرة داخل مراكز الأورام التابعة للأمانة العامة للمراكز الطبية المتخصصة التي تستقطب أساتذة الأورام والأطباء والعلماء المصريين المهاجرين والعاملين بالخارج وتدعمهم بتذاكر السفر والإقامات، لإلقاء محاضرات على أطباء المعهد القومي وغيرهم وتدريبهم على أحدث أنظمة العلاج لنقل خبراتهم العلمية إلى مصر.

خلال العام الماضي استقبل مركز أورام معهد ناصر نحو 54 ألفا و885 حالة أورام من بينها 27 ألف حالة للعلاج الكيماوي و690 حالة للعلاج الإشعاعي و11132 جلسة علاج إشعاعي.

  

قوائم انتظار العلاج

في المقابل أكد الدكتور محمد لطيف، عميد المعهد القومي للأورام أن ميزانية المعهد البالغة 50 مليون جنيه سنويًا، متدنية للغاية ولاتكفي إلا 3 أشهر فقط من العام، ويتم علاج المرضى من أموال التبرعات التي يقوم عليها المعهد خلال باقي شهور العام وكثيرا ما طالبنا بزيادة ميزانية المعهد، حيث نحتاج قرابة 200 مليون جنيه سنويا.

وأوضح لطيف لـ«التحرير» أن قوائم الانتظار داخل المعهد تصل في بعض الأحيان إلى 5 أشهر وتوقع زيادة الحالات التي سيتم اكتشاف إصابتها بالسرطان، خلال السنوات العشر القادمة إلى ثلاثة أضعافها، ما يرفع من معدلات الوفاة من 9% إلى 12% بحلول عام 2030.

وأضاف أن المعهد يقدم خدمات طبية متكاملة، موضحًا أن 90% من المرضى يحصلون على العلاج المجاني و10% من نصيب التأمين الصحي.

900 مليون جنيه للأورام

ومن جانبه أوضح الدكتور عماد كاظم رئيس المجالس الطبية المتخصصة بوزارة الصحة والسكان، أنه يجرى علاج 75% من مرضى الأورام فى مصر على نفقة الدولة.

وأضاف أن الوزارة تسعى إلى توفير كافة الأدوية الفعالة للمرضى، وأن العلاج على نفقة الدولة يبلغ أكثر من 900 مليون جنيه مخصصة لعلاج الأورام .

إحصائيات منظمة الصحة العالمية 

1. أكثر من 20 ألف شخص يموت بالسرطان يوميا

2. قدرت التكاليف المالية لعلاج السرطان بـ1.6 تريليون دولار أمريكى سنويا

3. 50 % هى نسبة خطورة نمو السرطانات للرجل على مدار حياته فى أمريكا

4. السرطان يتسبب فى عدد وفيات أكثر من مجموع ما يتسبب فيه الإيدز والسل والملاريا من وفيات

5. هناك أكثر من 100 نوع للسرطان، لأن كل عضو فى الجسم من الممكن أن يصاب به

6. أكثر من 2 مليون سرطان جلد يتم تشخيصه كل عام، والكثير منها يمكن الوقاية منه من خلال تحذيرات ضرورية مثل جماية الجلد من التعرض الزائد للشمس، والتوقف عن أجهزة اكتساب السمرة

7. الرجال الذين لم يتزوجوا أبدا يكونون عرضة للوفاة بالمرض بنسب عالية تصل إلى 35% أكثر من المتزوجين.

8. 77 % من الأشخاص الذين يتم تشخيص مرضهم بالسرطان يكونون في سن الـ55 عاما أو أكثر

9. التدخين المسئول الرئيسى عن 22% من وفيات السرطان

10. هناك 28 مليون ناجٍ من السرطان فى العالم

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على