ازدواجية بريطانيا.. تعترف بإرهاب قطر وتنتفض ضد دول المقاطعة

over 7 years in التحرير

دخلت بريطانيا على خط الأزمة الواقعة بين دول المقاطعة وقطر، وذلك في مسعى منها لإنهاء الخلافات المستمرة منذ ما يقرب من 7 أشهر وإعادة الدوحة إلى الحضن الخليجي مجددًا.

بالأمس، وقع 15 نائبًا بالبرلمان البريطاني عريضة يطالبون بموجبها حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي بالضغط لإنهاء المقاطعة بشكل فوري، وحث (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر) على الاستجابة للوساطة الكويتية لحل الأزمة.

استجواب وتقييم

لم تكن تلك المرة الأولى التي تسعى بريطانيا لاحتواء الأزمة، حيث تقدم اللورد نورمان وارنر عضو مجلس اللوردات البريطاني في نهاية يناير الماضي بطلب لمناقشة الحكومة البريطانية حقوق المواطنين القطريين جراء المقاطعة العربية.

ووجه "وارنر" استجوابًا إلى ممثل الحكومة في المجلس، اللورد أحمد الوزير، يسأل فيه الحكومة البريطانية عما إذا كانت هناك أية مناقشات تمت بين الحكومة البريطانية والسلطات في السعودية والإمارات والبحرين بشأن المقاطعة، ومدى تأثيرها، خاصة بعد شكاوى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان القطرية.

وتساءل اللورد وارنر عن حجم التقييم الذي قامت به الحكومة البريطانية وتحديد مدى خطورة المقاطعة على الشعب القطري؟

 

وفي رده على الاستجواب أوضح اللورد أحمد، أنه لم يتم إثارة هذه القضايا بشكل أساسي خلال المناقشات الجارية، داعيًا دول المقاطعة إلى تخفيف حدة الموقف الحالي، ورفع القيود المفروضة على المواطنين والتي تؤثر على حياتهم اليومية بشكل مباشر.

وأشار إلى أن المملكة المتحدة تُشجع جميع الدول على احترام الالتزامات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، مضيفًا أن السفارات البريطانية في العالم تحافظ على إقامة حوار مشترك مع المسؤولين والقادة، خاصة حول موضوعات من بينها (ملف حقوق الإنسان).

انتهاكات جسيمة

يبدو أن نواب بريطانيا حشدوا طاقتهم لنصرة قطر، حيث وثق نواب من مجلسي اللوردات والعموم في البرلمان البريطاني في تقرير مفصل خلال سبتمبر الماضي، المتضررين من المقاطعة العربية.

وأشاروا إلى أن التقرير يتضمن شهاداتهم حول خروقات صارخة للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومطالبتهم بضرورة التحرك بقوة لإنهاء المقاطعة عن قطر في القريب العاجل، وفقًا لجريدة "القدس العربي".

عام التميز

ذكرت صحيفة "الشرق" القطرية أن العلاقات بين قطر وبريطانيا شهدت حضورا ملحوظا خلال عام 2017، حيث اتسم بأنه عام التميز في قوة العلاقات القطرية البريطانية على المستويين السياسي والاقتصادي، خاصة بعد المقاطعة العربية منذ 5 من يونيو الماضي.

وأثبتت التجربة أن البريطانيين على المستوى السياسي يتعاملون مع قطر كحليف استراتيجي، وهو ما كان واضحًا من خلال التحركات الدبلوماسية والبرلمانية التي قام بها وزراء وبرلمانيون بريطانيون لإنهاء المقاطعة، حيث قام وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون بزيارة إلى قطر والسعودية والكويت خلال الأشهر الماضية في محاولة حثيثة لإنهاء الأزمة بالطرق الدبلوماسية.

وقف التصعيد

وأكد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، أن المقاطعة العربية لقطر غير مرحب بها، داعيا السعودية وحلفاءها إلى إنهائه.

وأعرب "جونسون" عقب محادثات مع نظيره الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح عن أمل بلاده بوقف التصعيد في الأزمة القائمة، مستبعدًا إمكانية التصعيد العسكري بين قطر والدول المقاطعة.

وتابع: "ما يريده الشعب القطري إنهاء الأزمة، وتحقيق تقدم نحو معالجة تمويل الإرهاب في المنطقة"، معربًا عن دعمه لدور الكويت كوسيط في الأزمة.

وتوقع جونسون إمكانية إحراز تقدم في جهود تخفيف التوتر بين قطر والدول العربية المقاطعة، إلا أنه استبعد التوصل إلى حل على الفور.

ملاذ الإخوان

يأتي الموقف البريطاني الرافض للمقاطعة، رغم وجود اعتراف من قبل بعض المؤسسات والأشخاص التي تؤكد دعم قطر للإرهاب.

الخبير البريطاني في مكافحة الإرهاب الكولونيل تيم كولينز أكد أن قطر استقبلت قيادات في جماعة الإخوان الإرهابية بعد هروبهم من دولهم.

وأضاف "كولينز" أن النظام القطري كان ملاذًا للإرهابيين بسبب ملاحقتهم قانونيًا على خلفية المشاركة والتخطيط لأعمال إرهابية والترويج للأفكار المتشددة، وفقًا لـ"سكاي نيوز".

وأوضح خلال الجلسة التي عقدت تحت عنوان "قطر وتركيا.. هل تدعمان أجندة الإخوان؟"، أن لقطر علاقات قوية مع المسؤولين الكبار في جماعة الإخوان، مؤكدًا أنه بعد هروب قادتهم من مصر، قدمت لهم الدوحة العون الكبير لترويج أفكارهم المتشددة.

تأييد الرباعي العربي

كشفت منظمة بريطانية، عن دعم قطر للإرهاب، وذلك عبر تمويل منظمات وجماعات إرهابية، بالإضافة إلى استضافة الدوحة للمطلوبين أمنيًا، وتجنيسهم وإبرازهم إعلاميًا من خلال قناة (الجزيرة)، والتي وصفها تقرير للمنظمة بمنبر للتحريض ونشر الكراهية.

وطالبت منظمة هنري جاكسون، في تقرير مُطول نشرته في ديسمبر الماضي الحكومة البريطانية بالضغط على قطر لوقف تمويل الإرهاب، مؤكدة أن علاقة الدوحة بالإرهاب وطيدة ومستمرة.

وأيدت المنظمة البريطانية مبررات الرباعي العربي لمقاطعة قطر، مشيرة إلى أن الدوحة اعتادت على استضافة المطلوبين في الدول الخليجية الأخرى، ومنحهم الجنسية وإبرازهم على شاشات التليفزيون، وهو ما يعتبر تشجيعًا للأفراد الذين ينشرون الكراهية ويعرضون الأمن الإقليمي للخطر.

ووفقًا لصحيفة "الشرق الأوسط"، أكد تقرير أعده كايل أورتون الباحث في مركز الاستجابة للتطرف والإرهاب في المنظمة، اتهامات الرباعي العربي لقطر، واصفا إياها بـ"الصحيحة".

واعتبرت المنظمة أن السجل القطري في حقوق الإنسان ينسف مبرراتها، وأن دعمها للمتطرفين في الداخل والخارج، يأتي من باب الدفاع عن حقوق الإنسان.

تناقض المواقف

جميع ما سبق أثبت مما لا شك فيه أن هناك تناقضا في الموقف البريطاني بشأن الأزمة الخليجية، ففي الوقت الذي تعترف فيه أطراف بريطانية بعيدة عن السلطة بدعم قطر للإرهاب نجد على الجانب الآخر رفض المملكة المتحدة، مقاطعة الدول الأربع للدوحة.

فيما تطرق الصحفي الأمريكي "توم سايكس" من خلال تقرير تحت عنوان "عقدة المؤسسة البريطانية مع قطر" نشر بموقع "الديلي بيست"، إلى سر العلاقة بين هاتين الدولتين، مؤكدا أنها علاقة غامضة تجمع الطرفين برعاية جماعة الإخوان الإرهابية، وتعمل على توظيف الإعلام والمال القطري لنفس الأهداف الغامضة في الشرق الأوسط.

وعرض التقرير الذي نشرته شبكة "إرم نيوز" توظيف بريطانيا للمال القطري، ليس فقط في تحريك قطاعات العقار والاستهلاك في اقتصاد المملكة المتحدة، وإنما في كون قطر تشكل بالنسبة لمتقاعدي الأجهزة والمؤسسات البريطانية مركز تشغيل فائق الرفاهية.

ويكشف التقرير أن بريطانيا نشأت على مبدأ البحث عن مصادر "كاش" خارجية ضخمة، وأخذت تدعم العقلية البريطانية العام الماضي، بدءًا من تشجيع شباب الطبقة الأرستقراطية للبحث عن "أرملة أمريكية وارثة" والزواج منها، إلا أن هذا المبدأ تغير فأصبحت "النخب البريطانية" تتجه لقطر للاحتفاظ بنمط الحياة التقليدي المرفه لهذه الطبقة.

ويرى ديفيد وتادي خبير الشؤون الخليجية في مركز وودرو ويلسون لشؤون الشرق الأوسط: "إذا كنت تريد أن تعرف لماذا لن تنضم بريطانيا إلى الدول المقاطعة لقطر لكي تتخلى عن سياستها المناوئة لبقية شركائها في مجلس التعاون؟.. يجب أن تشاهد كيف تجلس ملكة بريطانيا مع القطريين في سباق "رويال اسكوت"، حسب صحيفة ديلي بيست.

ورأت الصحيفة أن هذا المشهد نفسه يحكي جزءًا من العلاقة الغامضة القديمة بين النظام القطري وبين المؤسسة والأجهزة البريطانية، وهي العلاقة التي تحافظ عليها المملكة المتحدة.

Share it on