اليمن.. بوادر انقسام والسعودية والإمارات تدفعان نحو التهدئة

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

شهد اليمن مؤخرًا أزمة سياسية كبيرة، بعد احتدام الصراع بين قوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور وقوات "حراك الجنوب" المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، التي نجحت في السيطرة على أجزاء واسعة من عدن، قبل أن تتوصل المملكة العربية السعودية إلى اتفاق بتحقيق التوازن وإنهاء الخلافات.

مبادرة التحالف

وفي محاولة لوقف القتال بين الجيش اليمني والانفصاليين، قام التحالف خلال الساعات الماضية بمحاولات لحل الأزمة، وأعلن وفد من "التحالف العربي" عن إطلاق مبادرة لوقف الاقتتال.

وأعلن التحالف التزام الأطراف اليمنية في عدن ببيان قيادة التحالف وعودة الهدوء إلى المدينة مجددًا، مؤكدًا: "هدفنا الآن هو ضمان أمن اليمن واستقراره وتجنب الفوضى، ونهدف إلى حل الخلافات بين الفرقاء من أبناء الشعب اليمني والحفاظ على كيان الدولة اليمني".

وأوضح أن السعودية والإمارات هدفهما واحد ورؤيتهما مشتركة وهدفهما أمن اليمن واستقراره، متابعًا: "نقود جهود المصالحة بين الأطراف اليمنية إيمانا بأهمية أمن اليمن واستقراره والحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والدولي".

 

وشملت مبادرة التحالف على النقاط التالية:

- منح بعض الوقت للرئاسة اليمنية لتغيير حكومة أحمد بن دغر ومتابعة التحالف لعملية تعيين الحكومة الجديدة، على أن تكون حكومة كفاءات وتنشغل بالجانب الخدمي والمعيشي فقط بعيدًا عن المكايدات السياسية والابتعاد عن أي ممارسات أو تصريحات مستفزة لشعب الجنوب.

- سماح المجلس الانتقالي الجنوبي للحكومة بتأدية مهامه حتى الإعلان عن الحكومة الجديدة في أقرب وقت ممكن بالتشاور مع اللجنة الثلاثية.

- تعيين قيادة من الحزام الأمني لمعسكرات الحرس واستبعاد الإخواني مهران القباطي والقيادات السابقة لتلك المعسكرات، حيث تعمل القيادة الجديدة على تسلم تلك المعسكرات وعودة قوات المقاومة الجنوبية إلى مواقعها.

- العمل على نقل هذه الألوية إلى خارج عدن وفق خطة زمنية، لعدم حاجة المدينة لهذه الثكنات العسكرية وإشراف التحالف العربي على ذلك.

ترحيب حكومي

من جانبها رحبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر عن التحالف الذي دعا جميع المكونات السياسية والاجتماعية اليمنية للتهدئة وضبط النفس والتمسك بلغة الحوار الهادئ، وتوجيه دفة العمل المشترك مع التحالف، لاستكمال تحرير الأراضي اليمنية كافة من سيطرة الحوثيين الموالين لإيران.

 

ونقلت صحيفة "المدينة" السعودية عن المتحدث الرسمي باسم الحكومة راجح بادي، قوله: إن "هذا الموقف والدعوة من قيادة تحالف دعم الشرعية، هو ما تؤكده الحكومة مرارًا من أهمية عدم انحراف بوصلة المعركة المصيرية للشرعية والتحالف العربي في مواجهة المشروع الإيراني الخطير، إلى صراع داخلي يشق الصف الوطني ويخدم أذناب إيران وأدواتها ممثلة بميليشيا الحوثي الانقلابية".

 

وأكد أن موجبات المرحلة الراهنة وفي ظل الانتصارات الكبيرة التي يحققها الجيش الوطني بدعم من التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، لاستكمال إنهاء الانقلاب وتطبيع الأوضاع في المحافظات المحررة، تستوجب على بعض المغامرين والمقامرين الكف عن المراهنة على أجندات خاسرة تتعارض كليا مع أهداف وغايات الحكومة الشرعية والتحالف العربي، والقرارات الأممية والدولية المؤكدة على دعم أمن واستقرار وحدة اليمن.

حلفاء الأمس أعداء اليوم

ما الذي جعل جنود هادي ومقاتلي قوات المقاومة الذين حاربوا حتى الأمس القريب كتفا إلى كتف ضد المتمردين الحوثيين، يرفعون أسلحتهم بعضهم ضد بعض؟

تساؤل طرحه أليكسي كوبريانوف، في صحيفة "إزفستيا" خلال مقال له تحت عنوان "تشعب اليمن".

وأشار الكاتب إلى أن السعودية تلعب دورًا مزدوجًا، فهي تدعم الرئيس هادي، الذي يدافع عن يمن موحد، وفي المقابل تدرب مقاتلي "الحراك الجنوبي"، مدركة أن الجبهة الجنوبية ستنهار بأكملها من دونهم، وحتى وقت قريب، تمكنت الرياض من تحقيق التوازن بينهما.

لكن الآن، على ما يبدو، انهار التوازن الدقيق، علاوة على ذلك، لوحظ الانقسام في الائتلاف نفسه، الذي ساعد (هادي) على العودة إلى السلطة.

وأكد "كوبريانوف": "إذا لم تتفق الحركة الجنوبية وهادي، فسينهار الائتلاف المناهض للحوثيين، والحرب الأهلية في اليمن ستتحول من نزاع بين طرفين إلى حرب جماعية".

 

مصالح شخصية

من جانبه شن النائب الأول لمدير أمن عدن علي الذيب الكازمي هجومًا لاذعًا على قيادة المجلس الانتقالي، متهمًا إياه بـ"خداع الشهداء وأهاليهم"، معتبرًا أن معركة عدن الأخيرة لا شأن للجنوب بها، وأنها كانت لمصالح شخصية، وانتهت باتصال هاتفي، فيما لا تزال الحكومة في المعاشيق ولا يمكن الاقتراب منها".

ووصف ما حدث بـ"المسرحية الهزيلة"، وأن أولئك الذين افتعلوا المعركة "عقولهم جوفاء"، يرفعون شعارات الجنوب ظاهرًا، وباطنًا يسرقون ويعبئون الجيوب.

كان القيادي في الحراك الجنوبي، فادي باعوم، قد وجّه انتقادات حادة إلى المجلس الانتقالي، واصفًا مواقفه بـ"المتناقضة"، وقال: "هم مع شرعية هادي، ولكنهم ضد حكومته، وسيطردونها فيُطرد بن دغر الحضرمي ويبقى طارق في عدن".

وأضاف: "هم من حرر عدن من الشماليين ثم سلموها للشرعية، ثم حرروا المعسكرات من الشرعية ثم سلموها للسلفيين، وهم ضد وجود أي قوة شمالية في عدن، ولكنهم سيحمون ويدعمون طارق عفاش وحرسه الجمهوري، وهم مع قيام دولة جنوبية ولكنهم سيحررون صنعاء أولاً، وهم أيضًا مع التحالف لإعادة الشرعية ولكنهم يريدون دولة جنوبية".

حرب أهلية

وتعليقًا على التطورات الأخيرة، وجه الكاتب والمتابع للشأن اليمني أبو بكر عبد الله في مقال نشر بصحيفة "الثورة" اليمنية، اتهامات للسعودية والإمارات "قطبي التحالف" الذي يحارب الحوثيين، بتأجيج الأزمة في اليمن.

أما الكاتب عبد المنعم إبراهيم فعلق قائلًا خلال صحيفة "أخبار الخليج" البحرينية، بالقول: إن "اليمن بدا كما لو كان سيدخل في حرب أهلية جديدة.. لكن ساحتها هذه المرة هي مدينة عدن التي تعتبر العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية برئاسة هادي.. حيث سيطر الانفصاليون في جنوب اليمن على مقر الحكومة بعد مواجهات عسكرية مع القوات الموالية للسلطة الشرعية، وقتل فيها 15 شخصًا على الأقل، واتهم رئيس الوزراء أحمد بن دغر الانفصاليين بقيادة انقلاب في عدن، داعيًا التحالف العربي، وخصوصًا السعودية والإمارات، إلى التدخل لإنقاذ الوضع في المدينة".

وتساءل الكاتب إن كانت السعودية والإمارات ستتمكنان من "نزع فتيل الحرب"؟ ليجيب قائلًا: "يجب ألا ينشغل الحلفاء بحروب أهلية جديدة في الجنوب".

ويبقى التساؤل.. هل تنجح مبادرة التحالف العربي في إنهاء المواجهات في عدن وإعادة التوازن بين القوات الحكومية والانفصاليين أم سيدخل اليمن في حرب أهلية متعددة الجبهات؟

شارك الخبر على