توقيع اتفاقية تعاون بين جامعة الروح القدس والمدرسة الوطنية العليا للفنون وتقنيات المسرح في حضور السفير الفرنسي

أكثر من ٦ سنوات فى تيار

وقّعت جامعة الروح القدس – الكسليك- قسم الفنون المسرحية في كلية الموسيقى، ممثلة برئيسها الأب البروفسور جورج حبيقة اتفاقية تعاون مع المدرسة الوطنية العليا للفنون وتقنيات المسرح الفرنسية  ENSATT، ممثلة برئيسها الدكتور تييري باريانت، لمدة خمس سنوات، خلال حفل حضره السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه، عميد كلية الموسيقى في جامعة الروح القدس الأب الدكتور بديع الحاج، رئيسة قسم الفنون المسرحية في كلية الموسيقى الدكتورة لينا جبران، إضافة إلى أعضاء مجلس الجامعة والمخرج نبيل الأظن مدير شركة La Barraca، الشريكة في هذا المشروع. 
تنصّ هذه الاتفاقية على تبادل الأساتذة والطلاب بين الطرفين وتسهيل النشاطات المشتركة وتحديداً تبادل الأساتذة بهدف تنظيم مؤتمر حول الاتجاهات المسرحية الغربية الجديدة في القرن الواحد والعشرين ومشاركة المدرسة الوطنية العليا للفنون وتقنيات المسرح في مؤتمر عن الكتابة الدرامية في لبنان والبلدان العربية.
وتجدر الإشارة إلى أنّ المدرسة الوطنية العليا للفنون وتقنيات المسرح ENSATT هي المدرسة الرسمية الوحيدة في فرنسا التي تُعنى بالمسرح وهي تحت وصاية وزارة التعليم العالي والبحث والابتكار الفرنسية. وتستقبل سنوياً مئات الطلاب والمتدربين في التعليم الأساسي والدراسات العليا، إضافةً إلى عدد من الطلاب الأجانب وطلاب برنامج التبادل الأوروبي إيراسموس.
باريانت
بداية، تحدث باريانت معتبراً أنّ "الفنون هي إحدى عناصر الدبلوماسية فيما يتمحور هدف المسرح والموسيقى والرقص حول نسج العلاقات بين الأشخاص وبناء جسور تربط بينهم. ويعكس لقاؤنا اليوم قيمة كبيرة لأننا نجتمع على طاولة واحدة وكل منّا يأتي من خلفية مختلفة وثقافة مغايرة وديانة أخرى، إلاّ أنّنا نتواصل بلغة مشتركة فسقطت الاختلافات والمسافات بشتى أشكالها. وأكثر ما لفتني هو تشابه الطلاب اللبنانيين والفرنسيين من حيث اندفاعهم وطاقتهم وحماستهم". كما شكر الجامعة على دعمها لهذه الخطوة وتوظيف إمكاناتها لتوفير الأرضية المناسبة لتنفيذ هذا المشروع.
 
الأب حبيقة
ألقى رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة كلمة، توجّه في مستهلها إلى السفير الفرنسي بالقول: "تغمرنا فرحة كبيرة باستقبال شخصية دبلوماسية مرموقة مثلكم، ونرحب بكم في جامعة الروح القدس وحضوركم اليوم ما هو إلاّ ترجمة صريحة لاهتمامكم بهذا الصرح التربوي العريق في لبنان الذي يولي أهمية كبيرة للثقافة والفرنكوفونية التي نرتبط بها ارتباطاً وثيقاً ليس من الناحية الوجدانية فحسب بل لأننا مقتنعون بقيمها وأهميتها وقدرتها على إنقاذ التعددية الثقافية واللغوية في العالم وتلافي اعتقال العقول والنفوس في أحادية ثقافية ولغوية خانقة. إن علاقتنا مع فرنسا قديمة العهد، تعود إلى القرن الثاني عشر. من هنا تشبثنا العنيد بالفرنكوفونية وحرصنا على أن تكون مثمرة ومنفتحة ومتفاعلة وديناميكية... نظرا للقيم الإنسانية العظيمة التي تحضنها. 
 
وأضاف: "نجتمع اليوم لنوقّع اتفاقية تعاون مع المدرسة الوطنية العليا للفنون وتقنيات المسرح ENSATT المعروفة باسم "مدرسة الشارع الأبيض". ونقدّم دعمنا الكامل لهذا التعاون مع مدرسة لها باع طويل في تعليم المسرح والفنون في فرنسا. والجدير ذكره أنّ هذا المشروع وُلد في العام 1941 تحت الاحتلال الألماني، وهذا الأمر جميل ومثقل بالمعاني لأنّه يجسد بشكل بليغ كيف يمكن أن نقاوم عبثية الحرب والعنف عبر التسلّح بالفنون، وخاصة بالفن المسرحي".
 
ثم أثنى على "دور كلية الموسيقى في جامعة الروح القدس التي كانت منبتاً لتعليم الموسيقى العربية في الشرق الأوسط. إذ عملت منذ تأسيسها على إعادة إحياء التقليد الموسيقي الشرقي ولاسيما السرياني، وهي لا تزال حتى اليوم تعمل على إنجاز هذه الرسالة بشكل ملتزم ومبدع. كما وتُعتبر جامعة الروح القدس إحدى أكبر وأقدم جامعات لبنان وتتميّز بكونها مساحة مميزة للتعايش والتبادل والمشاركة بين مختلف الفئات العطشى إلى المعرفة والعلم".
 
بعد ذلك، انتقل للحديث عن "التعاون المميز والفاعل والمباشر بين الجامعة وأهم المؤسسات التعليمية الفرنسية. فعندما شغلتُ منصب نائب رئيس الجامعة للعلاقات الدولية، عملتُ على هذا الموضوع ونتج عن ذلك إبرام أكثر من 40 اتفاقية مع أهم الجامعات الفرنسية. وإنّ هذه المبادرة اليوم من شأنها تعميق العلاقات الثنائية أكثر فأكثر. ولا يمكن إغفال النظر عن دور فرنسا التي لا تتردد أبدا في أخذ المبادرة للذود عن لبنان ودعمه بلا كلل ولا ملل. لبنان هو مشروع للإنسانية جمعاء، هو مرجع عالمي للدول المتعددة ثقافياً ودينياً وحضارياً، كما وصفه البابا القديس يوحنا بولس الثاني. وبفضل العولمة، تهاوت الحدود بين دول العالم واضمحلت، وباتت التعددية قاعدة التلاقي البديهي في جميع أمم العالم. نعم إنّه الاختلاط والتداخل والتلاقح، في كل شيء بدون استثناء، حتى في المعرفة حيث يسقط التقسيم والتجزئة والحدود المغلقة وتبرز جسور التواصل والاتصال والمسارات المشتركة".
 
وختم بالقول: "لبنان هو أقدم بلد في ما خص التعددية لأنّه يعيش فيها ومنها منذ القرن السابع مع الفتح العربي حتى يومنا هذا. المسيحي والمسلم على حد سواء، يولد تلقائيا منذ ذلك التاريخ في حضن التنوع ومساحات التعددية والتمايز وحق الاختلاف. لذلك أصبحنا خبراء في إدارة التناقضات اليومية وحل النزاعات. ومع نشوء الأزمة الأخيرة في لبنان المتمثلة باستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، رأينا كيف تدخلت فرنسا على الفور، بدون استئذان أحد وبدون الطلب إليها، فقط انطلاقا من مسؤولياتها التاريخية تجاه بلد الأرز الذي يرمز بشكل بليغ إلى الإنسانية المتصالحة مع ذاتها في الغيرية وتآلف الاختلاف".
 
السفير فوشيه
وألقى السفير فوشيه كلمة أعرب فيها عن سروره لزيارة الجامعة واكتشاف حرمها الأخضر الصديق للبيئة. كما أثنى على الجهود التي يبذلها رئيس الجامعة بهدف الحفاظ على اللغة الفرنسية والفرنكوفونية في القطاع الجامعي اللبناني، لاسيما وأنّ الأب حبيقة هو رمز مميّز لنجاح التعاون الجامعي اللبناني- الفرنسي مؤكداً حرص السفارة الفرنسية على التعاون المستمر مع الجامعة. 
 
واعتبر السفير الفرنسي أنّ "توقيع اتفاقية التعاون هذه تشكّل خطوة تقدمية جديدة باتجاه تطوير العلاقات بين الجامعة وفرنسا وإغناء للاتفاقات المُبرمة أصلاً، فهناك 79 اتفاقاً بين الجامعة ومؤسسات جامعية فرنسية الأمر الذي يجعل من جامعة الروح القدس أحد شركائنا الجامعيين الأوائل في لبنان. ولابدّ من التذكير بأنّ التعاون بين الجامعات والمؤسسات التعليمية والبحثية بين البلدين هي قديمة العهد ومتشعبة. وتعدّ فرنسا البلد الأول الذي يستقبل طلاباً لبنانيين بمعدل 5000 طالباً سنوياً. إذ ترحّب فرنسا باستقبال هؤلاء الطلاب إيماناً منها بالغنى الذي يمثلونه لجهة التنوّع الثقافي والانفتاح على العالم ومواجهة الأفكار السائدة. وفي المقابل، تستقبل جامعة الروح القدس عشرات الطلاب الفرنسيين لمتابعة دروسهم الجامعية فيها. وبات التبادل الطلابي يحظى بأهمية وشعبية واسعة بين طلاب اليوم. وكان برنامج إيراسموس+ (ERASMUS+) الذي تدعمه فرنسا منذ 30 عاماً، قد طرح التبادل الطلابي كشرط أساسي للنجاح الأكاديمي وتوظيف المتخرجين".
 
وخلص إلى القول: "إنّ تنوّع مدارس الفنون وفرادتها هي إحدى مظاهر غنى النظام والتاريخ الفرنسي في حين باتت فرنسا مرجعاً دولياً في مجال الفنون والثقافة. ونسعى إلى تغذية هذا التميّز المبدع وتطويره ليس في الفنون المسرحية فحسب بل في الهندسة المعمارية والموضة والتصميم والفنون البصرية والسينما أيضاً... ويمكن تحقيق ذلك عبر هذا التعاون والتبادل انطلاقاً من رؤيتنا المشتركة الآيلة إلى خدمة الطلاب وتسهيل الوصول إلى الفنون والثقافة وذلك بمساعدة نخبة من المؤسسات التعليمية التي تقدّم مجموعة متنوعة من البرامج التعليمية والتدريبية". 
 

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على