دستور المصريين وثورة ٢٥ يناير.. بصقة مجرد مواطن في «الهلال»

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

الكاظمون الغيظ منكم، الصابرون حتى الصفحة الأخيرة من كتاب "مجرد مواطن، من الأوراق السرية لإنسان مصرى"، للكاتب الصحفى، محمد شمروخ، والصادر عن السلسلة الشهرية "كتاب الهلال" التى تصدرها مؤسسة "دار الهلال"، سيكون بإمكانهم الإحصاء، وتوجيه السؤال للمسئولين عن نشر الكتاب.

لكن فى البداية دعونا نتذكر، ونُعلم من لا يعرف قيمة دار الهلال: فهى تُعد من أقدم المؤسسات الثقافية الصحفية المصرية والعربية، أسسها جورجى زيدان عام 1892، بينما تعد مجلة "الهلال" من أقدم المجلات العربية الشهرية، فقد صدر عددها الأول عام 1892، وفى بضع سنوات أضحت من أوسع المجلات انتشارا، مما جعل أهم الأدباء والمفكرين يتسابقون للنشر فيها، وحين توسعت الدار وراحت تنشر كتبا وروايات اشتد التسابق، الغالبية العظمى من كتاب العربية فى كل أقطارها وفى العالم استمد جانبا مهما من ثقافته ومعرفته من كتب ومطبوعات حملت اسم "الهلال"، كان القراء فى المدن العربية ينتظرونها بشغف بالغ، الكتاب الذى يحمل "الهلال" كان مضمون التوزيع، تنوعت إصداراتها، وتخصص بعضها: حواء، سمير، ميكى، طبيبك الخاص، بعضها توقف عن الصدور، وأكمل البعض حتى الآن، أما "كتاب الهلال"، و"روايات الهلال" فقد كانت الأكثر أهمية وتأثيرا، خلال مسيرتها الطويلة رأس مجلس الإدارة والمجلات والسلاسل أسماء كبيرة ومؤثرة، وكان النشر فيها حلما للكثيرين أيا كانت شهرتهم، وكانت قوائم انتظار النشر تطول أحيانا لسنوات، نعم كان أدباء كبار ينتظرون سنوات لينشروا رواية أو كتابا فى "الهلال"، خاصة من خارج مصر.

أي دار نشر، وأية مطبوعة تستمد قيمتها من مصادر عدة، ربما يكون فى مقدمتها: العمر، الشخصيات التى نشرت فيها، الشخصيات التى عملت بها، التأثير الذى أحدثته، التجديد الذى أدخلته على عالم الصحافة والنشر، تعدد مستويات القراء، ونوعيتهم، بكل المقاييس العلمية: دار الهلال اسم وقيمة كبرى لدى المصريين والناطقين بالعربية فى كل بقاع الأرض.

سنتجاوز- للأسف - عن معايير كثيرة، فالأخطاء المطبعية باتت تحتاج لمجهود هائل لمعرفة الوجه الصحيح للكلمة، كما سنتجاوز عن الأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية، ولن نستغرق فى توثيق المعلومات والتواريخ، ويمكن أن نتساهل مع الكم الكبير جدا من الألفاظ غير اللائقة، سنتوقف أمام نقطتين فقط: 

كمقدمة للنقطة الأولى لنقرأ الجملة الافتتاحية، وفقرة من وثيقة الدستور التى أقرها المصريون وارتضوها لتحكم حياتهم:

هذا دستورنا...

"وجاهدنا نحن المصريين للحاق بركب التقدم، وقدمنا الشهداء والتضحيات، فى العديد من الهبات والانتفاضات والثورات، حتى انتصر جيشنا الوطنى للإرادة الشعبية الجارفة فى ثورة (25 يناير- 30 يونيو) التى دعت إلى العيش بحرية وكرامة إنسانية تحت ظلال العدالة الاجتماعية، واستعادت للوطن إرادته المستقلة".

والآن فلنقرأ ما كتب فى "مجرد مواطن، من الأوراق السرية لإنسان مصرى":

"وما لى لا أحطم صنما؟!

نعم وصفت الثورة بأنها عاهرة!

أقولها وأنا أمعن فى الجدية فها أنا قد أفلحت فى تحطيم صنم قديم بدأت طقوس عبادته دون أن أشعر بأننى من عبيده السذج وهو صنم "الثورة"... تحولت ثورة 25 يناير إلى وثن سجد له الملايين بداية من شباب المتهوسين من عبدة الشيطان..".

هذه لسيت الكلمات الوحيدة فى الكتاب التى تهين الحدث الذى قبل المصريون بأن يصفوه كما سبق أن قرأت، هناك ما هو أشد وأقصى وأكثر إيغالا فى الإهانة المتعمدة.

النقطة الثانية عنونها الكاتب: "شفيق والسيسى وزغلول، صراع السيمون فيميه والفول"، وهذه فقرتها الأولى: "فى عصر يوم الأربعاء التاسع والعشرين من نوفمبر 2017 فاجأ الفريق أحمد شفيق الذى كان يقيم فى دولة الإمارات العربية المتحدة، الناس يإذاعته بيانا باعتزامه التقدم للترشيح للمنافسة على منصب رئيس جمهورية مصر العربية، وفى فقرة ثانية نقرأ: "ماذا دهاك يا شفيق.. هل ظننت أن الذين كرهوا السيسى سيقفون بجوارك عندما تعلن ترشحك كيدا فيه؟!"، ويخلص الكاتب إلى: "سامحنى ثانية.. فسواء ترشح السيسى أم لم يترشح وسواء ذهبت أم لم أذهب إلى صندوق الوهم الديمقراطى، فلن أضع سن قلمى على اسم مرسح لمحارب لاذ بالفرار ولكن قد أعطى عذرى الآن لرب أسرة- مالهمش بعده إلا الكريم- قد هرب بجلده من أجلهم خوفا من مواجهة مصير أسود من "قعر نطال الفول".، و"نُطّال" بالمحكية المصرية- خاصة فى الصعيد- هو: "القِدْر الذي يُصنع فيه الطعام وخاصة الحبوب: مثل الفول والعدس".

الآن نسأل، ونبدأ من النقطة الأخيرة، وليتذكر الكاظمون الغيظ، والصابرون الذين أتموا قراءة الكتاب أن الغالبية العظمى من فصول الكتاب قد سبق أن نُشرت فى عدد من الجرائد، خاصة الأهرام، التى يعمل بها الكاتب، وكما هو واضح موضوع "شفيق والسيسى" مكتوب بعد واقعة بيان الترشح وقبل بيان الانسحاب، وقد نُشر فى موقع إلكترونى بتاريخ 3 ديسمبر، والسؤال: متى تقدم الكاتب الصحفى، محمد شمروخ لسلسلة "كتاب الهلال" بكتابه، ومتى ومن أجاز نشره، وما الذى يدعو المؤسسة إلى هذا التعجل، قد يكون ما حدث أن الكاتب أضاف هذا الفصل إلى الكتاب مؤخرا، وأنه لدى "الهلال" من فترة، وهنا يعاد صياغة السؤال عن الإضافة.

وأخيرا من هى اللجنة التى أجازت مثل هذا البصقة التى طالت دستور المصريين وثورة 25 يناير أولا؟ وعلى القراء إحصاء من طالت غيرهما. 

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على