رجال قابوس حققوا الوعد.. وعلى صهيل الخيل كرّموا

أكثر من ٦ سنوات فى الشبيبة

سالم الحبسيأعاد المنتخب الوطني في خليجي 23 بالكويت صياغة المشهد الكروي الداخلي والخليجي ليس لأنه رفع «الكأس الخليجية الثانية» بل لأنه قدّم نفسه بشكل جديد وجمع جماهيره بعد أن تناثروا هنا وهناك في السنوات السابقة ليجتمعوا مجددا على حب الأحمر.مشاهد عديدة وكثيرة حدثت في المشاركة المشرّفة الأخيرة في خليجي 23 أعادت اللحمة الكروية العُمانية إداريا وفنيا وإعلاميا وجماهيريا شكّلت في النهاية «فرحة وطن» عاشها الملايين وساندها مئات الآلاف من الجماهير التي زحفت جوا وبرا وبحرا خلف منتخبهم الذي لم يخذلهم بل حقق حلمهم للفوز بالكأس الثانية.«الشبيبة» وثّقت هذه المشاهد بالصوت والصورة والكلمة، وكانت «الشبيبة» حاضرة بل شاهدة على عصر الإنجاز الخليجي الجديد لتوثّق كل لحظة بلحظة بل وكانت السبّاقة في نقل الحدث وتفاصيله وما وراءه من أخبار كعادتها المهنيّة.المشهد الأول..غادر المنتخب من مطار سلاح الجو بطائرة خاصة يوم 19 ديسمبر 2017م. كانت البعثة تتبادل النظرات بوجوه تحمل ثقل المسؤولية كاملة «مسؤولية وطن»، هناك من هو متفائل وهناك من يحسب حسابات أخرى، واختلفت النظارات بين متفائل ومنتظر للأحداث. وسبق السفر «لقاء سري» مغلق بين الشيخ سالم الوهيبي رئيس الاتحاد العُماني لكرة القدم وبين الجهاز الفني للمنتخب بقيادة الهولندي فيربيك، الحديث فيه كان واضحا ومركزا بأن كأس الخليج بطولة لا ترحم وفيها ما فيها من ردود فعل وتختلف عن أي بطولة أخرى.البعثة العُمانية تعاملت مع الحدث بحنكة وباقتدار وغلّفتها روح الفريق الواحد: المشاركة بعنوان «أنتوا أبطالنا» في حملة خُطط لها في ساعات من أجل تحفيز الكل ليقف وراء المنتخب، ونجحت الحملة باقتدار؛ وخير دليل ارتفاع الروح المعنوية عند اللاعبين وزحف الجمهور وتعامل الإعلام من أجل هدف واحد وهو فرحة وطن.المشهد الثاني..رغم خسارة المنتخب لمباراته الأولى أمام منتخب الإمارات الشقيق في حفل الافتتاح إلا أن الجميع كان مبتهجا بالعرض الفني الجميل الذي قدّمه المنتخب. وفعلا عاد الأحمر من الإنقاذ وتفوّق على المنتخب الكويتي بهـدف لأحمد كانو وبدأ يدخل دائرة الترشيحات وإن كانت على خجل ولكنه رفع حجم الترشيحات بعد تخطيه لمنتخب السعودية بهدفين للشلهوب العُماني ليتصدر المنتخب الوطني مجموعته ويتصدر المشهد الخليجي إلا قليلا. ومن الطبيعـــي فهناك منتخبات أخرى ما زالت في الطريق وهنا بدأت الحكاية والرواية..هل يفعلها الأحمر ويسير نحو النهائي أم إن هناك كلاما ثانيا يمكن أن يُقال في النصف النهائي الذي سنقابل فيه منتخب البحرين الشقيق.. ومع أيام الراحة الأربعة هبت نسائم التفاؤل بشكل كبير وبدأت الروح المعنوية ترتفع إلى سقف أكبر مع طموحات بلا حدود. وكانت الجماهير العُمانية حاضرة بقوة في كل شبر من أرض السلام والمحبة، تقدِّم رسالة عظيمة بأن «خليجينا واحد».. لذلك كانت الجماهير هي الرقم واحد.المشهد الثالث..تخطى منتخبنا الوطني منتخب البحرين بهدف من «نيران صديقة» لكن هدف حسم بطاقة التأهل للنهائي بعد مباراة صعبة أصعب من المباريات الثلاث الماضية إلا أن قلب المنتخب كان قويا فتجاوز طموحات المنتخب البحريني ليعيش الأحمر ليلة الانتصار وتغني الجماهير «شعاره سيفين والخنجر عُمانية» الأغنية التي بثتها ورددتها كل القنوات الفضائية الخليجية وكل مواقع التواصل الاجتماعي وأثير الإذاعات وكتبتها الصحف الخليجية.كل هذا الضجيج مَن حول المنتخب إلا أن الجهاز الفني والإداري لم يكن يفكر ويخطط سوى في هدوء شديد.. أحداث كثيرة حاول البعض إثارتها إلا أنها كانت بعيدة كل البعد عن نجوم منتخبنا الذين كانوا ينامون بعين قريرة.وعندما يظهر العم فيربيك ونجومه في المؤتمرات الصحفية كانوا يقدّمون دروسا في التحدث والهدوء واحترام المنافسين، ورسالتهم كانت واضحة لا تحتاج إلى تفسيرات فكانوا ناجحين خارج الملعب قبل داخل الملعب.المشهد الرابع..نجح الاتحاد العُماني لكرة القدم أن يشرك الجميع في المهمة الوطنية كل حسب تخصصه.. فجلس الوهيبي ورفاقه مع الجيش الإعلامي العُماني المنظم وجلس تارة مع الموج الأحمر العاشق للمنتخب.. وجلس مع كتيبة كانو وهو أمر يُحسب لهم في إدارة الأمور مع دعم كامل لوجستي للسفارة العُمانية التي احتفت بالبعثة منذ اليوم الأول بوجود سعادة د.عدنان الأنصاري الذي كان وراء كل حركات وسكنات المنتخب والجمهور والإعلام بهدوء شديد جدا.مرّت على البعثة العُمانية عاصفة «قضية الميكروفون» وتعاملوا معها بحكمة، ومرّت على البعثة العُمانية «قضية الاحتجاج» وتعاملوا معها بهدوء وروية دون التأثير أو التأثر، ومرّت على البعثة «قضية سقوط الجماهير» وتعاملوا معها بحكمة وروية، ومرّت على البعثة العُمانية قضية «الغرف المغلقة» وتعاملوا معها بحكمة قابوس.المشهد الخامس..بدأت طبول النصر تُقرع ومعها طبول الإعلام من كل حدب وصوب إلا أن المعسكر العُماني كان منضبطا بإيقاع العمل الجماعي.. لتأتي لحظة النهائي التي لم تشكل ضغوطات علينا بل كانت محفّزا قويا.فالترشيحات ذهبت برياحها للمنتخب الإماراتي الشقيق وهذا خفف عبئا كبيرا على منتخبنا الذي لعب بهدوء وبتنظيم عالي الدقة.كل السيطرة والتفوّق لنجوم منتخبنا الذين هزوا ثقة منتخب الإمارات المدجج بالنجوم.. فوقهم كانت الجماهير العُمانية حاضرة بقوة مع شعار جديد «أسود رجال قابوس» جماهير قطعت 1700 كيلومتر وارتفعت فوق 30 ألف قدم لم يمنعها عشقها برا ولا جوا وبحثت عن السبل لتكون كل الطرق تؤدي إلى الكويت.جاءت الدقيقة «89» التي اعتقدنا فيها انتهاء الحلم الكبير بضربة جزاء «فيها وفيها» كادت تطيح بأحلامنا. الوحيد الذي كان على يقين بأن الحلم ما زال على الأرض هو فايز الرشيدي الذي وصفه المعلق خليل البلوشي بأنه «عباس بن فرناس» والذي تصدى لأشهر لاعب في المنتخب الإماراتي «عموري» بل أشهر لاعب في القارة الآسيوية.هنا عادت الحياة من جديد لكل عُماني وغيرهم ممن كانوا وراء المنتخب، وساعتها أيقن الجميع بأن الكأس خيرتها فاختارت المنتخب العُماني ليحقق فايز الرشيدي «سوبرمان الخليج» البطولة في تصديه لتسديدة عموري الأخيرة ويحرز منتخبنا الهدف الخامس من مسلسل ركلات الجزاء.المشهد السادس..تحوّلت المدرّجات إلى فرح عارم وسكن وتسمّر البشر في كل عُمان أمام شاشات التلفزيون لتشاهد التتويج المستحق لـ«منتخب السلاطين» فلم يعد الأحمر يكفيهم لذلك أطلقوا عليه منتخب السلاطين وما أدراك بمنتخب السلاطين الذي عاد بطائرة خاصة وخُصص له موكب رسمي وأغلقت له الشوارع ودخل مجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر تترقبه الجماهير لأكثر من أربعين ألفا في الملعب والملايين أمام الشاشات ليدخلوا أبطالا مناصرين على عربات تقودها الخيول في مشهد بطولي عظيم.المشهد السابع..لم يكن فقط مشهد الاستقبال عظيما فقط بل كان الكرم في التكريم عظيما كعادة جلالة السلطان المعظم راعي الشباب الأول الذي أغدق على نجوم منتخبنا بل وقدم وساما عاليا للشيخ سالم الوهيبي رئيس الاتحاد وللمدرب الهولندي فيربيك ليكون وساما في صدور الجميع.كأس الخليج الذي حققه منتخب السلاطين ضرب أكثر من عصفور بكأس واحدة فقد وعد رئيس الاتحاد بإعادة المنتخب الواجهة ونفّذ وعده بعد عام، وفتح الاحتراف أبوابه لنجوم المنتخب من كل حدب وصوب، وعادت الجماهير العاشقة للمنتخب، وعاد الإعلام العُماني كتلة وطنية واحدة، وصفق الجميع للاتحاد الكروي الذي عمل بصمت وهدوء، بل وكان نجومنا الأبرز في المشهد الخليجي بتتويج كانو كأفضل لاعب، جائزة كانت لكل نجومنا.هذه قصة ألف ليلة وليلة عشناها قبل كأس الخليج بأشهر وكنا شاهدين عليها خلال كأس الخليج.. وتركنا أثرا عظيما في وطن النهار بل نجحنا في أن نجعل كل الخليجيين والعرب يشجعون ويقفون معنا.للحلقة بقية..

شارك الخبر على