«جمال رمسيس».. الأوروبي الذي حوله فطين عبد الوهاب إلى «لوسي ابن طنط فكيهة»
ما يقرب من ٩ سنوات فى التحرير
تحل اليوم، الخامس والعشرين من سبتمبر، ذكرى وفاة الفنان جمال رمسيس، والذي وفاته المنية، عام 2001، عن عمر يناهز 80 عامًا، في ولاية ألاباما الأمريكية، تاركاً خلفه شخصية حُفرت في الأذهان رغم قلة أدواره الفنية.
جمال رمسيس، الذي بدأ التمثيل عام 1959 في فيلم «إسماعيل يس في البوليس السري»، مشتركًا مع أخيه الفنان ميمو رمسيس، الذي قدم دور رئيس العصابة التي يحاول «إسماعيل» الهرب منها، وحاز الثنائي منذ ظهورهما على لقب «شريري السينما» بسبب ظهورهما في هذا الدور رغم أنه قُدم بشكل غير مماثل للشر الذي اعتادت الأفلام المصرية على تقديمه.
أهم أدوار الراحل على الإطلاق، تلك التي قدمها في فيلم «إشاعة حب»، عام 1960، حيث لا يزال الجمهور يتذكر شخصية «لوسي ابن طنط فكيهة»، والتي قدمها خلال الفيلم، وعلقت في أذهان الجميع.
فبينما تمارس الجميلة «سميحة»، التي تجسدها السندريلا سعاد حسني، مهامها المتمكنة في الدلع في أحضان والدها «عبد القادر النشاشجي»، الذي يُجسد دوره الراحل يوسف بك وهبي، يدخل شاب قصير القامة، نحيف على الطريقة الفرنسية، يرتدي قميص تبدو رسوماته أقرب إلى الفن السريالي، وخطواته راقصة غير مستقيمة، وشعره يتدلى نصفه على جبهته اليمنى، وتتعلق برقبته سلسلة غريبة، ويحمل في يده قبعة كتلك التي يلبسها «الكاو بوي» في أمريكا اللاتينية، ويقول بلغة فرنسية غير متماسكة: «بونجور أونكل».
«مين دي ياسميحة؟ صاحبتك؟»، يوجه عبد القادر النشاشجي، سؤاله مستنكرًا إلى ابنته «سميحة»، فترد بحماس: «دي؟ إيه ده يا بابا؟ مش عارف لوسي؟»، فيُمعن «عبد القادر» النظر ثانية، في حين يقف هذا أو هذه يمضغ «لبانة» ويتمايل، فيستطرد «عبد القادر»: «مين دي يا بنتي؟ أنا مشفتهاش قبل كده»، فتُخبره «سميحة»: «جرالك إيه يا بابا؟ ده ولد»، فتنزل الصاعقة على رأس «عبد القادر»، فيرد الأخير بصوته الجهور: «لا يا بنتي، ده ولد! قولي كلام غير ده، بسم الله الرحمن الرحيم»، وهنا تكمل «سميحة» بطاقة التعارف: «ده لوسي ابن طنط فكيهة».
هذا المشهد الكوميدي الخفيف كان واحدًا من أجمل مشاهد السينما التي قدمها المخرج فطين عبد الوهاب في فيلم «إشاعة حب»، ورغم أن المشهد يؤديه فنانون بقيمة سعاد حسني ويوسف وهبي، إلا أن النجم هنا هو «لوسي ابن طنط فكيهة»، الشخصية التي ما زالت تستحوذ على إعجاب الملايين.
«جمال» لم يصدق نفسه حين اختاره المخرج فطين عبد الوهاب، ليقوم بدور الفتى المستهتر الذي ينافس عمر الشريف على قلب سعاد حسني في «إشاعة حب»، مع نجوم زمنه أمثال يوسف وهبي وهند رستم وعبد المنعم إبراهيم، ليكون «لوسي ابن طنط فكيهة».
«لوسي»، كشخصية حيرت كثيرًا فطين عبد الوهاب، ولم يجد من يصلح للدور من فناني الصف الثاني، فهمس إليه أحدهم لاختيار جمال رمسيس، والذي سبق أن أسند إليه هو وأخيه «ميمو» دورين صغيرين في فيلمه الأخير مع إسماعيل يس، وبالفعل اقتنع المخرج القدير بـ«رمسيس الأوروبي الأصل»، الذي يُجيد الغناء والرقص بلغات مختلفة.
اجتهد «رمسيس» في تلك الشخصية بجدارة واقتدار، وافتعل بعض الحركات والإفيهات التي أصبحت فيما بعد أيقونة للولد «الدلوع» الذي يعتمد على أموال أسرته لكي يتفرغ هو لمغازلة النساء وتعلم أحدث الرقصات.
موهبة جمال رمسيس أصبحت بعد ذلك محل اهتمام المنتجين والمخرجين، ولكن مع ذلك لا يتعد رصيده السينمائي الفيلمين «إشاعة حب» و«إسماعيل يس بوليس سري» حيث هاجر هو وشقيقه ميمو رمسيس إلى الولايات المتحدة في نفس عام عرض الفيلم وتحقيقه النجاح في دور العرض السينمائي.
جمال رمسيس هو ابن المخرج رمسيس نجيب، له أخ واحد هو «ميمو»، ولد في 20 يناير عام 1921 بحى شبرا لأم إيطالية، بعد وفاة والدهما، طلب خالهما، الذي يعيش في أمريكا، أن يعيشوا معه، ويُقال بأنهما شاركا هناك في أدوار صغيرة بالتليفزيون الأمريكي، وفي 1959 عاد «جمال وشقيقه» لمصر وشاركا سويًا في أول عمل فني هو فيلم «إسماعيل ياسين في البوليس السري».
في العام التالي، اشترك «ميمو» في فيلم «ملاك وشيطان»، حيث قدّم دور «أبو شفه»، الذي يخطف الطفلة ويعطيها لرشدي أباظة، فيما قدّم «جمال» دور «لوسي»، وقبل عرض الفيلمين توفى خالهما فسافرا إلى أمريكا لإدارة أعماله ولم يعودا لمصر من وقتها، حيث لم يقدم أيًا منهما إلا دورين فقط في مشوارهما الفني.
وكانت بعض الأقاويل أثيرت بشأن جمال رمسيس، وقيل في الثمانينيات أنه الشخصية الحقيقية لرجل المخابرات، رأفت الهجان، خاصةً أن الشخصية التي قدمها الفنان محمود عبد العزيز في أحد المسلسلات الشهيرة اتضح أنها شاركت في أدوار تمثيلية قليلة قبل أن تسافر ضمن برنامج مخابراتي، كما أن «تسريحة الشعر» التي ظهر بها «عبدالعزيز» في الفيلم كانت أشبه لما ظهر به جمال رمسيس في «لوسي»، لكن تلك الأقاويل لم تثبت صحتها خاصة، ووفقًا لما ذكره موقع «الأهرام»، فإن المخابرات المصرية أفرجت فيما بعد عن شخصية رأفت الهجان الحقيقية والتي لم تكن جمال رمسيس من قريب أو بعيد.