السب والشتم رذيلة مذمومة

ما يقرب من ٨ سنوات فى الشروق

قال الله تعالى في كتابه العزيز مخاطبا هارُون ومُوسَى عليهما السلام: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[طه:44]. قال ابنُ كثيرٍ رحمه الله تعالى: «هذه الآيةُ فيها عِبرةٌ عظيمةٌ، وهو: أن فِرعَون في غايةِ العُتُوِّ والاستِكبار، ومُوسَى صَفوَةُ الله من خلقِه إذ ذاك، ومع هذا أُمِر ألا يُخاطِبَ فِرعَون إلا بالمُلاطَفَة واللِّين». ولم يأمره بالاغلاظ له في القول او سبه او شتمه فالسباب لقاح الفتنة والفرقة والسِّبابُ لا يرُدُّ شارِدًا، ولا يجذِبُ مُعانِدًا، وإنما يزرَعُ ضغائِنَ وأحقادًا، ويزيدُ المُخالِفَ إصرارًا وعِنادًا. ومن أقذَعَ مُخالِفَه، ورمَاه بالفُحش، وأساءَ القولَ فيه، وشاتَمَه بالكلامِ القَبيح، فقد زادَ الطِّينَ بِلَّة، والمرضَ عِلَّة. وصاحبُ الخُلُق الدَّنِيء، واللِّسانِ البَذِيء، الطَّعَّانُ في الأعراض، الوقَّاعُ في الخلقِ، القذَّافُ للبُرَآء، الوثَّابُ على العباد، عيَّابُ المُغتاب، الذي لا يفُوهُ إلا بالفُحشِ والسِّباب لا يكونُ مُصلِحًا ولا ناصِحًا ولا مُعلِّمًا. وليس المُؤمنُ بالطعَّان، ولا اللَّعَّان، ولا الفاحِشِ، ولا البَذِيء. وما كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سبَّابًا، ولا فحَّاشًا، ولا لعَّانًا، وقال: «إني لم أُبعَث لعَّانًا، وإنما بُعِثتُ رحمة». وسِبابُ المُسلم فُسوقٌ، والمُستبَّان شيطانان يتهاتَرَان ويتكاذَبان. عن جابرِ بن سُليمٍ رضي الله عنه، أنه قال لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم: اعهَد إليَّ، قال: «لا تسُبَّنَّ أحدًا». قال: فما سبَبتُ بعدَه حُرًّا ولا عبدًا، ولا بعيرًا ولا شاةً. وقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «وإن امرُؤٌ شتَمَك وعيَّرَك بما يعلَمُ فيك، فلا تُعيِّره بما تعلَمُ فيه، فإنما وَبالُ ذلك عليه» [أخرجه أبو داود]. والاسلام طلب ممن قام بمثل هذه الافعال الشنيعة ان يتوب الى الله مما كتَبَت يدَاه، ويمحو سبَّه وأذَاه، ويتذكَّر قولَ خالقِه ومولاه: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}[الإسراء:53]. ولقد نهَى الله تعالى المُؤمنين عن سبِّ آلهةِ المُشرِكين، لئلا يكونُ سبُّها سببًا لسبِّ الله تعالى، وسبُّ آلهتهم يزيدُهم كُفرًا وتصلُّبًا ونفُورًا، فعادَ سبُّها مُنافِيًا لمُراد الله تعالى من الدعوةِ والرسالةِ، قال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}[الأنعام:108]. فلا يجب على المسلم ان يأخذ الناس بالغِلظةِ والشدَّة، والطَّعنِ واللَّعنِ والسِّبابِ، فيحملهم على النُّفُور عن الحقِّ والسنَّةِ والفضيلَةِ، بل لا بد من توضيح الحقَّ بالحُجَّة والبُرهان، والدَّليلِ والبُيان، بحكمةٍ ورِفق وبصيرةٍ .

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على