المسؤولية المجتمعية ركيزة أساسية للتنمية المستدامة

19 days in الإتحاد

تشكّل المسؤولية المجتمعية في دولة الإمارات العربية المتحدة رافداً أساسياً لدعم عملية التنمية المستدامة التي تشهدها الإمارات في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حيث أكد سموه أكثر من مرة أن توفير متطلبات الأمن والأمان وتعزيز آليات وقاية المجتمع، مسؤولية مشتركة بين كل الجهات والأفراد، وأن كل أفراد المجتمع مساهمون فاعلون في دعم وإبراز القيم الحضارية عبر دعمهم وتلاحمهم مع مؤسساتنا الوطنية ومبادراتها المجتمعية.
وتجدر الإشارة في البداية إلى أن المسؤولية المجتمعية تعني أن يسهم الأفراد في تحسين مجتمعاتهم من خلال المشاركة في الأنشطة التطوعية، والمساهمة في دعم القضايا الاجتماعية، والحفاظ على البيئة، وتحقيق العدالة والمساواة، وبالنسبة للشركات، فإن المسؤولية المجتمعية تعني التأثير الإيجابي على المجتمع، ويشمل ذلك تقديم الدعم للأنشطة المجتمعية، واستخدام الموارد بشكل مستدام، وضمان بيئة عمل عادلة وآمنة، والمساهمة في تحسين حياة الأفراد عبر مبادرات اجتماعية وبيئية.
وتحرص دولة الإمارات على تعزيز المسؤولية المجتمعية من أجل مواصلة حشد الجهود لتحقيق التطلعات والأهداف الوطنية الكبرى، ولعل إعلان مبادرة عام المجتمع 2025، تحت شعار«يداً بيد» يؤكد أن إحدى أولويات العمل الوطني تتمثل في ترسيخ المسؤولية المشتركة وبناء مجتمع قوي ومتماسك وقادر على مواجهة تحديات المستقبل، وتحقيق طموحات الوطن، ذلك أن المجتمع القوي والمتماسك والمستقر يعني وطناً قادراً على تحقيق طموحاته وتمكين الأجيال المقبلة.
وفي الواقع، فإن المسؤولية المجتمعية في دولة الإمارات هي بالأساس توجه استراتيجي، يتمثل في تكامل الأنشطة الاجتماعية مع أهداف الأفراد أو المؤسسات بطريقة تحسن من نوعية الحياة، وتسهم في تعزيز التنمية المستدامة. وتشمل العديد من المجالات، ومن أبرزها: البيئة، والهدف هنا يتمثل في الحد من التلوث واستخدام الموارد بشكل مستدام، والاقتصاد، من أجل دعم النمو الاقتصادي المستدام وخلق فرص العمل، والتعليم، بهدف تحسين جودة التعليم، والصحة، من أجل العمل على تعزيز الصحة العامة، سواء من خلال التوعية أو عبر تقديم خدمات طبيّة مجانيّة أو مخفّضة، والعدالة الاجتماعية، بهدف ترسيخ قيم المساواة في المجتمع، بما في ذلك محاربة التمييز وتوفير فرص للجميع.
وقد كان لرسوخ المسؤولية المجتمعية في دولة الإمارات، العديد من النتائج الإيجابية، ومنها على سبيل المثال تعزيز التلاحم المجتمعي بين أفراد المجتمع، وتحفيز الابتكار في مجال الحلول المجتمعية، ورفع مستوى الوعي والمسؤولية لدى الأفراد والشركات على حد سواء، وتقليل الأعباء الملقاة على كاهل الحكومة، وتعزيز الصورة الإيجابية للمؤسسات والدولة بشكل عام على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وتبذل دولة الإمارات جهوداً كبيرة في مجال دعم المسؤولية المجتمعية، انطلاقاً من رؤيتها الإنسانية والتنموية، ومن ذلك: التشريعات والمبادرات الحكومية، مثل مبادرتي عام التسامح (2019) وعام الاستدامة (2023) اللتين ركزتا على تعزيز قيم مجتمعية وإنسانية مهمة، مع ربطها بالمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات والأفراد، وتأسيس هيئات تدعم المسؤولية المجتمعية، مثل مؤسسة الإمارات، وهيئة الهلال الأحمر، ومؤسسة زايد للأعمال الخيرية وغيرها، ودعم دور القطاع الخاص في مجال المسؤولية المجتمعية، من خلال العديد من الآليات مثل إطلاق مبادرات تكريم لأفضل الشركات والمؤسسات في هذا المجال، وترسيخ العمل التطوعي عبر تأسيس منصات للتطوع وبرنامج الخدمة الوطنية المجتمعية، وتنظيم حملات توعية صحية، وبيئية، وإنسانية بمشاركة الأفراد والمؤسسات.
تُشكّل المسؤولية المجتمعية في دولة الإمارات محوراً أساسياً في مسيرة التنمية الشاملة، وتُعد جزءاً لا يتجزأ من رؤية الإمارات لتعزيز التنمية المستدامة، ودعم التلاحم المجتمعي، وترسيخ القيم الإنسانية.
وقد عملت المؤسسات المعنية على دمج المسؤولية المجتمعية ضمن الخطط الوطنية، على صعيدي القطاعين الحكومي والخاص، ولا شك أن رسوخ قيم المسؤولية المجتمعية في الإمارات قد أسهم في تحقيق التوازن المطلوب بين التقدم الاقتصادي وخدمة المجتمع، وهذه القيم تعكس التزام الإمارات بالريادة العالمية في مجال العمل الخيري، والمشاركة الفاعلة في القضايا الإنسانية، مما يعزز صورتها كدولة سبّاقة في دعم قيم الخير ومبادرات العطاء.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. 

Share it on