منارة ثقافية تعزز إرث الوطن ومكانته العالمية
about 1 month in الإتحاد
تستعد أبوظبي لاستقبال حدث ثقافي بارز في ديسمبر 2025، وهو افتتاح متحف زايد الوطني، الذي يجسد رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويحتفي بإرثه الخالد الذي يشكل حاضر دولة الإمارات ومستقبلها، في إضافة جديدة إلى المشهد الوطني والثقافي المزدهر في الإمارة. ويقع متحف زايد الوطني في قلب المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات بأبوظبي، وهو مصمم ليكون نصباً تذكارياً ورمزاً لإرث القائد المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة.
ومما لا شك فيه أن افتتاح هذا المتحف سيعزز مكانة الإمارات الثقافية عالمياً، وسيرسخ التزامها بالحفاظ على هويتها الوطنية، فالمتحف بتصميمه المعماري الفريد والمكون من ست صالات عرض دائمة، ومحتواه الغني الذي يحكي دروساً من حياة الشيخ زايد وتاريخ الإمارات، سيكون بمثابة جسر يربط الأجيال الحالية والمستقبلية بتاريخها العريق، ويلهمها قيم الأصالة والانفتاح في الوقت نفسه.
وفي الواقع، فإن الثقافة الإماراتية تتسم بكونها مزيجاً غنياً من الهوية العربية والإسلامية، وتتجلى فيها قيم راسخة مثل التسامح والتماسك الأسري والتضامن الاجتماعي والكرم، ولطالما كانت هذه القيم هي الركيزة الأساسية للمجتمع الإماراتي، وقد حرصت القيادة الرشيدة، على صونها وتعزيزها عبر الأجيال، معتبرةً الثقافة والتعليم وجهين لعملة واحدة تسهم في بناء جيل واعٍ ومثقف.
وقد أولى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أهمية كبيرة للحفاظ على التقاليد والعادات الوطنية الأصيلة، وشجع على إقامة القرى التراثية، ودعم الحرف اليدوية التقليدية، لضمان ألا يندثر ماضي الإمارات في خضم التحديث، ويعد متحف زايد الدولي نفسه خير دليل على الالتزام بالحفاظ على التراث الوطني وقيمه المتجذرة.
ولا يخفى على أحد أن دولة الإمارات برزت كمركز حيوي للثقافة في منطقة الشرق الأوسط، مدفوعة برؤية طموحة واستثمارات كبيرة في هذا القطاع، فلم تعد الإمارات مجرد وجهة سياحية، بل أصبحت منارة تجذب المثقفين من جميع أنحاء العالم.
ويعد متحف اللوفر أبوظبي مثالاً ساطعاً على التزام الإمارات بالتميز الثقافي، حيث يهدف إلى سد الفجوة بين الفن الشرقي والغربي، وقد نجح في ترسيخ مكانة الإمارات دولة رائدة في المشهد الثقافي العالمي. ومن المتوقع أن يعزز متحف زايد الوطني هذه المكانة بشكل أكبر.
وفي السياق نفسه، تستضيف الإمارات عدداً كبيراً من المعارض والمهرجانات الثقافية التي تجذب اهتماماً عالمياً وتسهم في دعم الاقتصاد المحلي والسياحة، وتوفر هذه الفعاليات منصة للتبادل الثقافي والحوار بين المثقفين والجمهور من مختلف الخلفيات الحضارية.
وثمة العديد من الإحصائيات التي تعكس نجاح الإمارات في هذا المجال، حيث استقبلت أبوظبي 1.4 مليون زائر خلال الربع الأول من العام 2025، ما يعكس نمواً مستمراً في هذا القطاع، واستقبلت الإمارات أكثر من 28 مليون زائر دولي في عام 2023، ووفّر قطاع السياحة عام 2023 نحو 809 ألف فرصة عمل، وتؤكد هذه الأرقام على الدور المتنامي لدولة الإمارات كقوة ثقافية واقتصادية، وأن افتتاح متحف زايد الوطني سيضيف زخماً جديداً في هذا الصدد، وسيعزز مكانة الإمارات وجهة ثقافية عالمية رائدة.
ولا شك أن متحف زايد الوطني سيوفر منصة للتأمل في الرحلة التي قطعتها دولة الإمارات، مستلهمة رؤية القائد المؤسس، وسيعزز القوة الناعمة للدولة، فهو أداة قوية للدبلوماسية الثقافية، حيث سيعرض المتحف قصة التسامح والانفتاح والتعايش التي تميز الإمارات؛ ما سيعزز جسور التفاهم بين الثقافات، وصورة الإمارات كدولة تحترم التنوع وتؤمن بالحوار. وبالإضافة إلى عرض التراث الوطني، سيوفر المتحف منصة للمبدعين من دولة الإمارات لعرض أعمالهم والتفاعل مع مبدعين من جميع أنحاء العالم؛ ما من شأنه إثراء المشهد الثقافي المحلي، وتعزيز مكانة الإمارات كمركز للإبداع الفني.
إن متحف زايد الوطني ليس مجرد مبنى يضم مقتنيات؛ إنه رمز حي لطموحات دولة الإمارات ورؤيتها لمستقبلها، التي تجمع في نسيج متكامل بين الأصالة والمعاصرة، وتحتفي بالتراث الوطني والقيم الأصيلة مع الانفتاح في الوقت نفسه على العالم بمختلف ثقافاته.