دستور الإمارات.. وثيقة ميلاد الدولة
٤ أشهر فى الإتحاد
آمنة الكتبي (دبي)
في قلب متحف الاتحاد في دبي، وأمام جدارية مذهبة، تتألق نسخة من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، موقَّعة من الآباء المؤسسين، شاهداً حياً على لحظة تاريخية فارقة، اجتمع فيها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه الحكام، طيب الله ثراهم، لتأسيس دولة موحدة، تنطلق منها مسيرة بناء وإنجازات لا تنتهي، ليشكل دستور دولة الإمارات حجر الأساس الذي بنيت عليه دعائم الاتحاد واستقراره ونهضته، حيث تظل هذه النسخة الدستورية حاضرة بتاريخها، لتذكر الأجيال أن الاتحاد مشروع وطني أسسته رؤية حكيمة وإرادة صادقة، ولا تزال قيم الآباء المؤسسين تضيء درب الإمارات في مسيرتها التنموية، وتشكل هذه القيم الركيزة الأساسية لمستقبل وطن يجسد قيم الوحدة، ويلهم الأجيال بالحفاظ على هذا الإرث الخالد.ففي 18 يوليو عام 1971، تعاهد حكام الإمارات على تشكيل الاتحاد، وتركز اهتمام الحكام المؤسسين على تطوير الشكل الإداري اللازم لتفعيل الاتحاد الجديد، وفي الثاني من ديسمبر عام 1971، اجتمع الحكام في دبي؛ لإعلان قيام الدولة الجديدة، واختيار المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه رئيساً، والمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، نائباً، فيما تم اختيار المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، رئيساً للوزراء.وبين أروقة متحف الاتحاد، يمكن للزائر أن يشاهد نسخة من الدستور موقَّعة من الحكام المؤسسين، وكذلك وثيقة الصداقة التاريخية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، التي وقَّع عليها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في يوم الإعلان عن اتحاد دولة الإمارات نفسه، كما يمكن لزائر المتحف التعرف على مراحل صياغة الوثيقة الدستورية والتوافق على بنودها التي أرست القواعد الأساسية للتنظيم السياسي والقانوني والاجتماعي للدولة الاتحادية.وحرص الآباء المؤسسون عند صياغة الدستور على تأكيد قيم العدالة والمساواة واحترام الحقوق والحريات العامة، مع ترسيخ مبدأ سيادة القانون، وضمان توزيع السلطات والفصل بينها، بما يعزز الاستقرار، ويحفظ الحقوق لجميع أبناء الوطن.ويحتضن المتحف سلسلة من الأجنحة والقاعات التفاعلية التي تقدم للزوار تجربة غنية ومتكاملة، حيث تعرض وثائق وصور ومجسمات توثق الاجتماعات التاريخية، ومقتنيات شخصية وصور نادرة للآباء المؤسسين، كما يقدم المتحف شروحاً تفصيلية تبرز كيف تناول الدستور مختلف المسائل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية، وحدد بوضوح اختصاصات السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في الدولة، وكذلك العلاقة بين الإمارات الأعضاء والسلطات الاتحادية، مع إيضاح مهام القوات المسلحة وقوات الأمن والشؤون المالية للاتحاد.وتتميز تجربة زائر متحف الاتحاد بأنها لا تقتصر على عرض وثيقة الدستور فقط، بل تمتد إلى سرد قصة قيام الاتحاد بكل تفاصيلها، بدءاً من التحديات التي واجهها المؤسسون، مروراً بمراحل التفاوض والحوار، وصولاً إلى اللحظة الفارقة التي توجت بتوقيع وثيقة الاتحاد وإقرار الدستور، ويشكل المتحف منصة تعليمية وثقافية تفاعلية تتيح للأجيال الناشئة فهم قيم الاتحاد وأهمية الالتزام بالدستور باعتباره المرجعية القانونية والسياسية التي تنظم شؤون الدولة وتحفظ مكتسباتها.ويتيح المتحف للزوار الاطلاع على بنود الدستور ومراحل تعديله، والتعرف على المبادئ التي رسخت أسس دولة الإمارات كدولة قانون ومؤسسات وحقوق، وتعد هذه المبادئ حجر الزاوية في استمرارية النهضة الشاملة التي تشهدها الدولة في جميع المجالات، ويجسد الدستور المعروض في متحف الاتحاد رمزاً حياً للوحدة والتماسك بين القيادة والشعب، ولروح التعاون التي شكّلت نقطة الانطلاق نحو مسيرة بناء دولة عصرية تحتل مكانة مرموقة على الصعيدين الإقليمي والدولي.