حافة الوقت
شهران فى الإتحاد
بعض الروايات تشدك بقوة، ويأخذك السرد بعيداً، تدخل في عوالم، تحتاج إلى أن تتوقف وتعيد قراءة النص بعناية. رواية (الرابح يبقى وحيداً) للكاتب البرازيلي باولو كويلو، تأسر وتشد القارئ على الرغم من أحداثها الكثيرة والمتشعبة. الأحداث تدور على هامش مهرجان سينمائي شهير (مهرجان كان)، ولكن الجميل في الرواية، أنها تأخذ مقطعاً من هذا الحدث، ومن الرواية نكتشف سلطة المال والشهرة وعالم الفن الخفي، وأيضاً عواقب كثيرة لأصحاب الشهرة، وما يدور حولها من أنشطة أخرى، وأحداثاً بعضها موجع ومؤلم وعجيب. استوقفتني قدرة الكاتب الروائية في تقديم شخصية محورية ارتكزت عليها الرواية، وأخذ دور البطل لهذا العمل، وهو «إيغور»، ذلك الروسي الذي يأتي من خلفية بعيدة، ربما مزقت دواخله حروب وأحداث أفغانستان. ومن تلك الظروف الصعبة الماضية إلى المقدرة المالية الكبيرة التي أصبح عليها. تهجره زوجته المتعلقة بالسينما وانشغالها بالمهرجانات والمؤتمرات الكبيرة، وعلى الخصوص في «كان»، فيقرر أن يتعقب أثرها. أحداث ومواقف كثيرة تجري في طريقه فيستخدم كل خبرته القاتلة في إزاحة شخوص ليس لهم ذنب في شيء غير الصدف أو الحظوظ العاثرة التي وضعتهم في طريقه. من هذا الحدث يقتنص الروائي باولو كويلو روايته (الرابح يبقى وحيداً)، وعمله الطويل هذا الذي يحتاج إلى الصبر والتركيز، يقوم على أحداث كثيرة تحدث في المهرجانات السينمائية، وعلى الخصوص في مهرجان (كان). على هامش هذا الحدث يأتي الباحثون عن الفرص والمستغلون لهذه التجمعات الفنية الكبيرة، وعلى الخصوص السيدات، والتواجد حول هذا الفعاليات غالباً ما يخلق فرصاً أخرى ليس لها علاقة بالفن أو السينما. من هنا يقدم الكاتب روايته، يحضر «إيغور» للمهرجان ليسترد حب زوجته التي تحضر دائماً هذه المهرجانات، والتي تظهر فيها الكثير من النساء، الباحثات فقط عن أضواء التصوير والشهرة، وبعضهن يحضرن لكسب مادي من زبائن المهرجان حتى لو بطرق غير شريفة. الجميل في كتابات باولو كويلو، ومن خلال ما قرأت له، أنه في أعماله الروائية يوظف أحداثاً قد تبدو صغيرة لدينا، ولكن في عين وقلم الكاتب ملفتة وكبيرة. في هذه الرواية أيضاً يدخل في خط سير العمل/ الرواية، ذلك المهتم بالحياكة وصرعات الموضة وحضوره الدائم للمهرجان واسمه (حميد حسين)، والذي يسنده إرثه ومقدرته المادية، وقد يبدو غريباً أنه لم يجد مهنة أخرى تتناسب مع قسوة الصحراء وطبيعة البيئة التي جاء منها، إنما أخذه عالم الأزياء وحب الموضة. هذه الأحداث القوية في الحياة اليومية تصنع مواقف وحياة جديدة، وظروفاً قد تخالف ما هو كائن في رتم الأيام التي يكيف فيها الفرد حياته.