عدّى النهار.. وفتاة إيبانيما

2 months in الإتحاد

عدّى النهار.. قصيدة غنائية لعبد الرحمن الأبنودي وألحان الموسيقار بليغ حمدي وغناها عبدالحليم حافظ، بعد هزيمة حرب 1967، وتنحي جمال عبدالناصر، وكان ساعتها عبدالرحمن الأبنودي في شقة عبدالحليم حافظ مع الناقد الفني مفيد فوزي والكاتب الساخر أحمد رجب ومجدي العمروسي المنتج الفني وصديق عبدالحليم ومدير أعماله، وسمعوا خطاب التنحي وإعلان النكسة، فخرجوا إلى الشارع في سيارة عبدالحليم وسط مظاهرات عمت القاهرة، وبعدها بأيام طلب عبدالحليم من عبدالرحمن عمل قصيدة تخرج الناس والبلد وعموم الوطن العربي المنهار بفعل تلك الهزيمة القاسية، فأخرج عبدالرحمن الأبنودي تلك القصيدة من جيبه وأعطاها عبدالحليم الذي سكت بعد قراءتها، وطلب من بليغ أن يحضر فوراً، ولما حضر بليغ وقرأ القصيدة بكى بحرقة، فولدت أغنية عدى النهار ساعتها، وغناها عبدالحليم لأول مرة في مسرح «ألبرت هول» في لندن، الآن حين تحضر تلك الأغنية تحضر بكل شجنها ونشيجها وتداعياتها.كثيرة هي الأغاني التي صاغت الوجدان، وخلقت من نفسها ومكان حدوثها أسطورة لها تناقلتها الأجيال، ودارت بشأنها المحاورات والكتب والأفلام السينمائية، تذكرت مثل تلك الأغاني التي صارت رمزاً لبعض المدن والأماكن، والتي خلدها الشعر والموسيقى في عمل لا ينتهي مع جيل، حينما عرجت إلى مطعم ومقهى «Garota de Ipanema» أو «فتاة من إيبانيما» التي ظهرت كأغنية في عام 1962.قصة هذه الأغنية وكيف ولدت في ظهيرة يوم غير عادي في مدينة «ريو دي جانيرو»، حيث اعتاد «جوبيم» وصديقه «فينيسيوس دي مورايس» وهما شاعر وموسيقيّ اعتادا الجلوس في مقهى ومشرب «فيلوسو» بالقرب من شاطئ إيبانيما في مدينة ريو دي جانيرو، وكانت هناك فتاة «هيلويزا بينهيرو»، مراهقة في السابعة عشرة من عمرها تمر يومياً بالقرب من ذلك المشرب مبهرة الرواد والجلوس بمشهدية جمالها وبراءتها الأنثوية وهي ذاهبة إلى الشاطئ، وأحياناً كانت تدخل ذاك المشرب لتشتري علبة سيجارا لأمها، كانت كلمات الإعجاب تنهال عليها، وربما هي استملحت تلك التعليقات والمجاملات كامرأة  تعدو نحو أنوثتها، وكان الصديقان يبدآن في القلق إذا ما تأخر مرورها، من هنا صاغا تلك الأغنية التي أشعلت المدينة لتنطلق إلى العالم، وتصبح واحدة من أشهر الأغاني والثانية من حيث التسجيل التي ظهرت عبر التاريخ، واستوحت فيما بعد في عدة أعمال فنية وأدبية، وأفلام سينمائية، وأصبح المكان مقصداً للسياح من مختلف العالم.اليوم في مدينة «ريو» هناك مطعم قديم قدم الأغنية، عمره 67 عاماً، يخلد كل شيء ارتبط بهذه الأغنية ومن مروا عليه من المشهورين. الجميل في الموضوع أن تلك الفتاة المراهقة التي بطشت بأفكار وإبداعات ذاك الشاعر وصديقه الموسيقي في ذاك المشرب، هي اليوم في عمرها الخريفي، لكنها ما زالت تتمتع بجمال لا يمكن للعين أن تخطئه، وقد صارت أيقونة لمدينة تحب الموسيقى والشعر والجمال والرقص والحياة الفرحة الملونة.

Share it on