احتفاء بحوار الحضارات.. 10يونيو منصة لتقارب قلوب الشعوب
2 months in الإتحاد
في العاشر من يونيو 2025، احتفل العالم باليوم الدولي الأول للحوار بين الحضارات، وقد أقيمت فعاليات متنوعة بهذه المناسبة في مقر الأمم المتحدة ومكاتبها ومنظماتها، وكذلك في العديد من الدول حول العالم، قبل هذا التاريخ وبعده.في التاسع من يونيو، وبمقر الأمم المتحدة بنيويورك، نُظمت فعاليات رئيسة عدة؛ احتفالاً بهذه المناسبة، شملت الندوة الحوارية التي نظمتها بعثات الصين ومصر وبيرو وإسبانيا وأوزبكستان لدى الأمم المتحدة، بالتعاون مع تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، حيث ناقش أكثر من 200 مشارك من دول عديدة «تعزيز التبادل الحضاري وتكثيف التضامن والتعاون الدولي» بشكل معمق. وتضمنت الفعاليات أيضاً معرضاً فنياً، ضمن سلسلة «التبادلات والاستفادة بين الحضارات»، وعروضاً موسيقية وفنية أبرزت تطلعات الشعوب إلى التفاهم والتناغم.في العاشر من يونيو الجاري، نظمت البعثة الدائمة للصين لدى لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ (ESCAP) فعالية احتفالية في بانكوك بتايلاند، حيث أتيحت للحاضرين فرصة التفاعل مع تنوع حضارات آسيا والمحيط الهادئ، جسّدت جمال التنوع الحضاري بأسلوب فني مؤثر. وفي مصر والكويت ورومانيا والدنمارك، شكلت الأنغام العذبة جسراً للتواصل بين قلوب الشعوب، وفي والمكسيك ونيجيريا، جسدت لقاءات ثقافية تتمحور حول الشاي حكمة الشرق في التنوع والوئام. هكذا احتفى العالم بهذا اليوم من خلال أشكال متعددة من الحوار الحضاري، تعكس الإجماع الدولي على أهمية الحوار الحضاري في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها العالم اليوم.تأتي هذه الاحتفالات تتويجاً لمبادرة الحضارة العالمية التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2023، والتي تدعو إلى احترام تنوع الحضارات والدفاع عن القيم المشتركة للإنسانية، وأهمية توارث وابتكار الحضارات، وتعزيز التبادلات والتعاون الثقافي والإنساني الدولي بشكل مشترك. في كوكبنا الذي يسكنه أكثر من ثمانية مليارات نسمة، ويضم أكثر من 2500 مجموعة عرقية وأكثر من 200 دولة ومنطقة، فإن التقاليد والتاريخ والظروف المختلفة أفرزت حضارات متنوعة. ما السبيل الأمثل للتعايش بين هذه الحضارات؟ الجواب هو أن الحضارات تزدهر بالتنوع، وتتقارب من خلال التبادل، وتتطور من خلال التعلم المتبادل.توجه مبادرة «الحضارة العالمية» نداء صادقاً للعالم لتعزيز التبادلات والحوار بين الحضارات، وتعزيز تقدم الحضارة الإنسانية من خلال التسامح والتعلم المتبادل، الأمر الذي يضفي قوة محركة معنوية لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. وقد حظيت هذه المبادرة بدعم واسع. في يونيو عام 2024، اعتمدت الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع قراراً اقترحته الصين بشأن تأسيس اليوم الدولي للحوار بين الحضارات. وقد شاركت 14 دولة في المجموعة الأساسية للقرار، ووقّعت عليه 83 دولة، من بينها دولة الإمارات العربية المتحدة، مما يثبت تماماً أن مبادرة الحضارة العالمية تتفق مع اتجاه العصر واحتياجاته.تلعب الصين، وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ودولة كبيرة مسؤولة، دوراً بارزاً في تعزيز التبادلات والتعلم المتبادل بين الحضارات العالمية، وتعزيز حماية السلام العالمي، والتنمية المشتركة من خلال الحوار بين الحضارات. وفيما يخص الدول العربية، عملت الصين من خلال «منتدى التعاون الصيني- العربي»، الذي تأسس في عام 2004، على تعزيز الحوار والتفاهم المتبادل مع الدول العربية. ويُعد المنتدى منصة مرنة ومنفتحة تشمل الصين و22 دولة عربية، ونموذجاً لتعاون الجنوب- الجنوب، ورمزاً لنهوض دول «الجنوب العالمي». وقد تم إطلاق العديد من الآليات المؤسسية مثل الحوار بين الحضارتين الصينية والعربية، والمنتدى الصيني- العربي للإصلاح والتنمية، ومؤتمر الصداقة الصينية- العربية، مما أسهم في تقوية التبادلات والاستفادة بين الحضارة الصينية والحضارة العربية، وربط قلوب الشعوب، ومواصلة خلق مستقبل أفضل.لقد أثبت اليوم الدولي للحوار بين الحضارات أنه منصة تعزز التنوع والاحترام، وتمنح العالم فرصة للبحث عن السلام والتنمية المشتركين. ومن هذا المنطلق، فإن تعزيز التفاهم المتبادل بين الشعوب لا يقتصر على المبادرات الحكومية فحسب، وإنما أيضاً يتجسد في التجارب الأكاديمية والتواصل الشعبي. وبصفتي أستاذاً في جامعة صينية مختصاً في الدراسات الدولية والإقليمية، شاركت في فعاليات للحوار الثقافي في الإمارات والسعودية ومصر وقطر وعُمان والمغرب، إضافة إلى عدد من الدول الأوروبية والأميركية. فقد عرضت خلال «أيام الشارقة التراثية» تجربة الصين في حماية تراثها الثقافي، وشاركت في ندوة «التعاون من أجل التنمية الثقافية في إطار التعاون بين بلدان الجنوب» بطرح تقرير حول التبادل الشبابي بين الصين والدول العربية، كما كرّمتني الحكومة الفلسطينية بجائزة وطنية للدبلوماسية الأكاديمية تقديراً لموقفي الداعم لقضية الشعب الفلسطيني العادلة. ومن خلال هذه التجارب، أدركت أن تعزيز الحوار بين الحضارات هو حجر الأساس لبناء مستقبل أكثر سلاماً وتعاوناً.وفي هذا السياق، أكد وزير خارجية الصين «وانغ يي»، في رسالة عبر الفيديو، ألقاها خلال فعالية بمناسبة الاحتفال باليوم الدولي الأول للحوار بين الحضارات، أن الصين تقترح تعزيز الحوار بين الحضارات عبر حماية الإنصاف، وتسهيل التبادلات، وتعزيز التقدم، داعياً لتكون «مدافعاً عن المساواة بين الحضارات، وممارساً للتبادل بين الحضارات، ومروجاً لتقدم الحضارات». ويُعد هذا اليوم الدولي بداية لمسيرة ممتدة نحو عالم أكثر فهماً وانفتاحاً وتضامناً، وتمثل هذه الدعوة التزاماً صينياً راسخاً بمواصلة قيادة الحوار العالمي بين الحضارات، وبناء عالم يسوده الاحترام المتبادل والتنمية المشتركة.*بروفيسور صيني