اعتنق الإسلام واختار اسم عمر إعجابًا بشخصية الفاروق.. من يكون كانوتي؟
over 7 years in التحرير
«أبرز لاعب مسلم في أوروبا.. خلقت مواقفه الجريئة في التصدي لكل ما يعادي الدين الإسلامي جدلًا كبيرًا داخل الساحرة المستديرة.. يعترف أن الدين في كل شيئ وأن الملاعب والجماهير خير مكان تعبر فيه عن إيمانك وحبك لله.. رفض أن يلعب مع ناديه بقميص يحمل (الصليب)، وأجبر إدارتها على منحه الحق في اللعب بقميص خاص به لا يحمل شعار غير دينه».. هكذا يكون النجم المالي فريدريك عمر كانوتي.
كانوتي من مواليد الثاني من سبتمبر 1977، بمدينة ليون الفرنسية، من أصول مالية، زوجته عي فاطمة ولديه طفلان إبراهيم وإيمان، بدأ مسيرته الرياضية مع فريق مدينته لأول مرة عام 1997، وشارك في أول مباراة رسمية في بطولة كأس إنترتوتو في مواجهة نادي أودرا فودزيسلاف البولندي، ولعب رفقة ليون لمدة 3 مواسم شارك خلالهم في 59 مباراة مسجلًا 12 هدفًا.
ظل كانوتي مع الفريق حتى عام 2000، ليبدأ بعد ذلك تجربة جديدة تمثلت بالانتقال إلى الدوري الإنجليزي، الذي كان يعتبر في ذلك الوقت البطولة الأقوى على المستوى الأوروبي، ليلتحق بفريق ويستهام يونايتد، ويمضي في صفوفه ثلاث سنوات، تألق خلالها بشكل كبير وكان الهداف الأول للفريق، حيث شارك في 84 مباراة مسجلًا 29 هدفًا، قبل أن ينتقل لجاره الأكثر عراقة توتنهام هوتسبيرز عام 2003.
ظل كانوتي في صفوف توتنهام حتى عام 2005، وطوال هذه الفترة كان حريصًا كل الحرص على القيام بواجباته الدينية، ولم يكن يترك أية مناسبة دينية في مساجد لندن إلا ويشارك فيها، وحرص على ربط علاقات وطيدة مع أبناء الجاليات العربية والإسلامية في لندن، حتى لاحقته الاتهامات في كل مكان، ونُعت مرارًا بأنه «إرهابي»، وكان مشجعو بعض الأندية يطلقون صافرات الاستهجان في اللحظة التي يلمس فيها الكرة، إلى أن وقعت الانفجارات الشهيرة في قطارات المترو بلندن صيف عام 2005، لتتزايد الضغوط عليه، وتصبح مسألة بقائه في توتنهام صعبة إن لم تكن مستحيلة، فقرر الرحيل عن بريطانيا تحت وطأة الضغوط، وانضم لفريق إشبيلية الإسباني، وسط إشاعات ترددت في ذلك الحين بأن نادي توتنهام طرده من صفوفه، أو طلب منه البحث عن فريق جديد، وهو ما أنكره اللاعب في وقت لاحق.
صيف 2005 كان نقطة تحوّل كبيرة في مسيرة كانوتي، حيث انضم إلى صفوف نادي أشبيلية مقابل 6.5 مليون يورو، واستطاع التأقلم بسرعة كبيرة مع فريقه الجديد فقاده خلال موسمه الأول لاحتلال المركز الخامس في الليجا، ليضمن له التأهل للمشاركة في بطولة كأس الاتحاد الأوروبي ومواجهة نادي مدلزبره الإنجليزي في النهائي، وكان صاحب الهدف الرابع ليختتم به أهداف المباراة بنتيجة (4-0) ويقود ناديه للتتويج بأول لقب أوروبي في تاريخه، وبذلك أعاد كانوتي فريق أشبيلية إلى منصة التتويج وهو الذي غاب عنها منذ سنة 1948، كما سجل في مرمى برشلونة عندما فاز أشبيلية بثلاثية نظيفة على النادي الكتالوني في مباراة كأس السوبر الأوروبي التي جرت في أغسطس 2006 بموناكو، وظل لأشهر عديدة متصدرا لقائمة هدافي الدوري، قبل أن تحرمه الإصابة من الاستمرار في ذلك ليتراجع إلى المركز الثاني بفارق هدف واحد، عن الهولندي رود فان نستلروي، هداف فريق ريال مدريد.
كان تتويج أشبيلية بكأس الاتحاد الأوروبي مجرد محطة أولى فقط لمسيرة حافلة للفريق خلال تواجد المالي عمر كانوتي بين أحضانه، حيث تمكّن الفريق في الموسم الموالي 2006-2007 من التتويج بكأس إسبانيا على حساب نادي خيتافي بفضل هدف المباراة الوحيد الذي سجله رغم من طرده قبل نهاية المباراة بدقيقتين.
كما ساهم في الحفاظ على لقب كأس الاتحاد الأوروبي للموسم الثاني على التوالي بعد الفوز في المباراة النهائية على نادي إسبانيول بركلات الترجيح (1/3) إثر انتهاء المباراة في الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 2-2 ، وقد ترك كانوتي، الذي بات يتصف برجل المباريات الكبيرة والحاسمة، بصمته على تلك المباراة بتسجيله الهدف الثاني لفريقه. وهو الذي كان أنهى مشاركاته في الليجا لذلك الموسم بسجل شخصي رائع بعدما تمكّن من تسجيل 21 هدفا وقاد أشبيلية لاحتلال المركز الثالث وتأهيله للمشاركة في رابطة أبطال أوروبا.
وقد رشّحته هذه الانجازات ليكون أفضل لاعب إفريقي لعام 2007، متوفقًا على اللاعب مايكل إيسيان، وديدييه دروغبا لاعبا تشيلسي آنذاك، لما قدمه في غضون 13 شهرًا فقط بعد انضمامه إلى نادي أشبيلية الذي غابت عنه الألقاب منذ عام 1948، هو إحرازه 4 ألقاب كبيرة وهي لقب بطولة كأس الاتحاد الأوروبي مرتين عامي 2006 و2007 وكأس السوبر الأوروبية وكأس أسبانيا. كما يعد اللاعب الوحيد الذي سجل أهدافا لأشبيلية في مبارياته الأربع الكبرى التي أحرز من خلالها ألقابه الأربعة الحديثة المذكورة.
هذه المسيرة الناجحة لكانوتي الذي أعاد من خلالها فريقه أشبيلية إلى الأضواء، جعلت أسهمه كلاعب تزيد في القارة العجوز، وتهافتت عليه كبرى الأندية لضمه إليها، على غرار أندية برشلونة الإسباني، وجوفنتوس الإيطالي، وآرسنال الإنجليزي، لكنه فضل الوفاء لناديه الذي عرف أحلى الأيام واللحظات معه طيلة 7 سنوات كاملة، لعب خلالهم 290 مباراة مسجًلا 136، وذلك حتى نهاية تعاقده معه في صيف 2012، حينما فضل الانضمام للعب في البطولة الصينية وتحديدًا إلى نادي بكين جوان الذي وقع معه على عقد لموسمين في شهر يوليو 2012، ولعب بألوانه 46 مباراة مسجلًا 13 هدفًا، حتى شهر نوفمبر 2013 ليقرر وضع حد لمشواره الكروي.
- مسيرته الدولية
كان كانوتي من اللاعبين الأفارقة القلائل من ذوي الجنسية المزدوجة، الذين فضلوا الانتساب إلى منتخبات بلادهم الأصلية بكل قناعة وحب في تمثيل ألوان بلاد الأجداد، وهو الذي كانت له فرصة اللعب للمنتخب الفرنسي الأول، لاسيما بعدما مثله في الفئات الصغرى لأقل من 21 سنة عندما كان ينشط في نادي ليون.
وكانت الصدفة أن أول مباراة لكانوتي مع منتخب نسور مالي بعد انضمامه الرسمي له، يبقى ملعب 5 جويلية الاولمبي شاهدا عليها، وذلك بمناسبة احتضانه المباراة الودية الدولية بين المنتخبين المالي والجزائري الذي كان يقوده يومها رابح سعدان استعدادًا لكأس أمم إفريقيا 2004 بتونس، وقد انتهت بفوز رفقاء كانوتي بثنائية نظيفة، كما كانت أول مشاركة له في كأس نهائيات أمم إفريقيا بتونس موفقة، إذ توّج هدافا للبطولة برصيد 4 أهداف سجلها في مرمى منتخبات كينيا (هدفان)، بوركينا فاسو وغينيا. مسهما بذلك في احتلال منتخب بلاده مالي المركز الرابع في البطولة.
وبقي كانوتي مدافعا عن ألوان بلاد الأجداد إلى نهاية دورة أنجولا لكأس أمم إفريقيا 2010 التي خرج منها نسور مالي من الدور الأول، الأمر الذي جعله يستعجل قرار الاعتزال اللعب دوليا عقب مشوار حافل مع منتخب مالي وصل عداده إلى التأشير على 38 مباراة دولية سجل خلالها 23 هدفًا.
- حياته الإسلامية
بدأ كانوتي في ممارسة شعائر الدين الإسلامي، وهو في العشرين من عمره، وعبر عن سعادته الكبيرة وفخره الشديد لانتمائه للدين الإسلامي، وأضاف في أحدى الحوارت الصحفية له: «اعتنقت الإسلام عام 1999 بعدما تذوقت حلاوته، ولم أعتنقه عن جهل، إنما بعد حب كبير وإيمان صادق، كنت أقرأ كثيراً عن تعاليم الإسلام، وقيمه الإنسانية، وأخلاقه الحميدة، لم أدخل الإسلام دون أن أفهمه؛ فقد اطلعت كثيرًا على مراجع عدة، وقرأت لكل الديانات وليس الإسلام فقط، حتى اقتنعت بالإسلام».
قرر اللاعب الإفريقي عقب اعتناقه الإسلام اختيار اسم «عمر»، نظرًا لإعجابه بشخصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه؛ كما أنه كان دائم التردد على الأراضي المقدسة، وقام بأداء العمرة أكثر من مرة، إلى جانب أداء فريضة الحج، كما تبنى العديد من المشاريع الخيرية في مالي، وخاصة تلك التي تهتم برعاية الأطفال، ليؤكد أنه خير سفير وممثل للإسلام في ساحات الملاعب بأخلاقه العالية، وإيمانه، وحرصه على إظهار سماحة الدين الإسلامي.
عُرف عن «عمر كانوتيه» التزامه الديني، منذ إعلان إسلامه وعلى سبيل ذلك، اتخذ مواقف عبرت عن حرصه الشديد على عدم فعل ما يغضب ربه، فرفض لبس قميص نادي إشبيلية، الذي عليه اسم راعي القميص وهي تروج لشركة ميسر وهي المحرمة في الدين الإسلامي. ولذلك قررت إدارة نادي إشبيلية السماح له بارتداء القميص من دون وجود اسم الراعي؛ مما حدا بشركة المراهنات للتبرع لصالح جمعية خيرية إسلامية؛ لإقناع كانوتيه بالعدول عن رأيه، حينها لم يعجب هذا التصرف بعض وسائل الإعلام الإسبانية، فشنت عليه هجوماً حاداً، متهمة إياه بالتزمت الديني، كما اعتبرت سجوده بعد تسجيل أي هدف بمنزلة رمز ديني، لا ينبغي أن يحدث في ملاعب كرة القدم، فساهم هذا الأمر بخلق حالة من الكراهية له بين جماهير النادي، وكان أن اشتبك مع أحد الصحافيين عقب مباراة جمعت فريقه إشبيليه مع ريال مدريد في إحدى مباريات الدوري، وسجل فيها هدفاً قاد به إشبيلية للفوز، فقد سأله الصحافي بتهكم لا يخلو من السخرية: «ماذا تعرف عن الدين الإسلامي الذي تعتنقه؟ وهل تعتبر سجودك بعد تسجيل الأهداف أمراً مقبولاً؟». فما كان منه سوى الرد بحدة قائلاً: «أنت صحافي جاهل، ولا تعرف شيئاً عن الإسلام»، ودخل بعد ذلك إلى غرفة تغيير الملابس دون أن يدلي بتصريحات أخرى، وقال عن هذه الواقعة: «عندما يسألك مغفل مثل هذا السؤال، فردك سيكون قاسياً حتماً، فهو لا يعرف الدين الإسلامي، وما يحمله من معانٍ سامية ورحمة، وفوق ذلك يسأل بتهكم وسخرية عن معرفتي بهذا الدين».
- «حلال» في أوروبا
آخر أعمال كانوتيه، إنشاء سلسلة مطاعم «حلال» في أكثر من دولة أوروبية، حيث إن جميع ما ستقدمه هذه السلسلة هي الأطعمة والمشروبات المباحة تبعاً للدين الإسلامي، وجاءت الفكرة بعد أن وجد تعصباً شديداً تجاه المسلمين في أوروبا، إضافة إلى المعاناة التي يعانونها في تلك الجزئية بالذات، خاصة أن معظم المطاعم في تلك الدول تعتمد على أسلوب كهربة الحيوانات والطيور، كما أن كثيرًا من الأطعمة يكون لحم الخنزير والخمور من ضمن مكوناتها.