«أم الإمارات».. نهج إنساني يتجدد
٣ أشهر فى الإتحاد
من قلب يؤمن بالعطاء، ويدٍ امتدت دائماً بالخير، أعلنت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، «أم الإمارات»، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، عن تبرعها بوقف مبنى كامل تبلغ قيمته 172 مليون درهم، دعماً لحملة «وقف الحياة» في خطوة تعكس عمق التزامها الإنساني، وتجسد قولاً وفعلاً منظومة القيم التي طالما أرْسَتها دولة الإمارات.
ولم يكن ذلك غريباً عن سموها، فمنذ عقود اعتدنا على مبادراتها النبيلة التي لا تقتصر على حدود الوطن، بل تمتد شرقاً وغرباً. مواقفها تُجسّد ثقافة إماراتية أصيلة، رسّختها قيادتنا الرشيدة، وأكدتها سموها عند إعلان المكرمة حين قالت إن «دولة الإمارات، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، تفخر بقيمها ومبادئها المتفرّدة التي ترسّخت كثقافة مجتمعية يتبناها الأفراد والمؤسسات، لنعمل معاً من أجل تمكين الإنسان ونشر الخير في كل مكان».
إنّ «أم الإمارات» ليست فقط رمزاً وطنياً، بل هي نموذج عالمي في العطاء الإنساني. من دعم التعليم وتمكين المرأة، إلى مد يد العون لضحايا الكوارث واللاجئين في مختلف بقاع العالم، ثم دعم الريفيات في آسيا وأفريقيا ليس فقط بالمال، بل بوسائل تُحوِّلهن إلى نساء منتجات مستقلات.
وخلال جائحة كوفيد-19، كانت سموها في مقدمة الداعمين للقطاع الصحي، مقدمةً المعدات والمساندة للأسر المتضررة، رافعةً لواء التضامن في أحلك الظروف. وفي تقدير دولي مستحق، كرّمت الأمم المتحدة ومؤسسات عالمية عديدة سموها، تقديراً لدورها الريادي، وكان آخرها «وسام الجمهورية» الذي منحها إياه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كأول امرأة تنال هذا الوسام الرفيع، تأكيداً على القيمة العالمية لعطائها ومكانتها الإنسانية. حملة «وقف الحياة»، التي تنظمها هيئة أوقاف أبوظبي، تهدف إلى ترسيخ استدامة خدمات الرعاية الصحية للفئات الأكثر احتياجاً، انسجاماً مع شعار «عام المجتمع: يداً بيد»، وهي رؤية تنبع من نهج إماراتي يرى في التكافل حجر أساس للتنمية.
وفي هذا السياق، جاءت مكرمة سموها رافداً أساسياً في دعم هذه الأهداف النبيلة. كما أعلن سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس أمناء مؤسسة إرث زايد الإنساني، تخصيص 100 مليون درهم إضافية للحملة، تُوجّه خصيصاً لدعم أصحاب الهمم من مرضى الأمراض المزمنة، بما يعزز من شمولية العمل الإنساني الإماراتي، ويُعمّق أثره. واللافت أن الحملة، خلال أيام معدودة، جمعت أكثر من 400 مليون درهم، في مشهد يعكس رسوخ ثقافة العطاء في مجتمع الإمارات، ويؤكد أن ما زرعته القيادة في شعبها من قيم إنسانية قد أينعت وأثمرت. العطاء، كما يُجمع خبراء علم الاجتماع، لا ينعكس فقط على المستفيدين، بل يُعزّز التماسك المجتمعي، ويقوي أواصر المحبة والثقة، ويخلق شعوراً بالانتماء والمسؤولية المشتركة.
وتتجلى أهمية هذه القيم بوضوح في الأزمات، حين تظهر المبادرات الفردية والمؤسساتية كطوق نجاة حقيقي. ما تقوم به «أم الإمارات» من مبادرات، يرسّخ في الأجيال الجديدة ثقافة الوقف والعطاء، ليس كأعمال خيرية فحسب، بل أدوات تنموية مستدامة، تُسهم في تعزيز الاقتصاد، وتحقيق التنمية، وبناء مجتمع متراحم ومتماسك وآمن. في الختام، لا يمكن لمقالٍ مهما امتد أن يُوفي سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حقها، فمواقفها تفيض بالنبل والإنسانية، وتستحق أن تُروى وتُدرّس، وتبقى نبراساً للأجيال، في زمن نحن أحوج ما نكون فيه إلى القدوة والمثل. كل التقدير والامتنان لـ«أم الإمارات» في هذه الأيام المباركة، ودعاؤنا أن يديم الله عليها الصحة والعافية، ويبارك في مسيرتها الإنسانية المضيئة.