الروابط الأخوية بين الإمارات والسودان
٤ أشهر فى الإتحاد
تربط دولة الإمارات العربية المتحدة والسودان علاقة تاريخية وطيدة وهي قائمة إلى يومنا هذا، وستظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فالشعبان يكنّان لبعضهما البعض جل الاحترام والمحبة وهي حقائق لا تحتاج للمزايدة، ومن لا يحب السودان وشعبه؟! إنه سودان التاريخ والأصالة، هو أحد أعمدة الهوية العربية والأفريقية الضاربة في عمق تاريخ الأمة الإسلامية، ويمثل جزءاً مهماً من المخزون الاستراتيجي المستقبلي للأمة العربية في مختلف القطاعات، ناهيك عن الموقع الحيوي الذي يمثل صمّام أمان لعمق الأمن القومي العربي، دون أن ننسى الكفاءات والعقول السودانية المنتشرة في كل بقاع المعمورة. ومن جهة أخرى، تعد العلاقة الاستثنائية بين الشعبين علامةً فارقةً وضع حجر أساسها الأول المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي زرع في قلوب شعبه تقديراً ومودةً كبيرين للسودانيين، والذي كان يردد دائماً أن السودان منا ونحن منهم، ومن ليس له خير في أمته العربية ليس له خير في أهله، وهي مشاعر عميقة تسكن وجدان كل إماراتي.فقد لعبت الإمارات العربية المتحدة دوراً مهماً في دعم التنمية الاقتصادية في السودان، وعززت الاستثمارات الإماراتية قطاع البنية التحتية في السودان، مع التركيز بشكل خاص على مشاريع الطاقة المتجددة، كما هبّت الإمارات لنصرة الشعب السوداني في مختلف الأزمات والكوارث التي مرت على دولة السودان، كاستضافة ضيوف الدولة من السودانيين خلال أزمة كورونا، وفتح باب الزيارات لأهالي القاطنين في الدولة للم شملهم مع عوائلهم، واستضافة الآلاف في المدينة الإنسانية في العاصمة أبوظبي، بعد أن رفضت الدول استقبال العالقين منهم في مختلف دول العالم، لتسيّر الإمارات لهم أسطولاً جوياً لنقلهم للدولة بعد أن فرض حظر على الطيران بسبب أزمة كورونا، وهي مواقف شامخة وشجاعة كانت من منطلق الأخوّة بين الشعبين، لتؤكد دولة الإمارات دائماً وأبداً التزامها بالوقوف إلى جانب الشعب السوداني في وقت الأزمات.وعلى الصعيد السياسي، تعاونت الإمارات والسودان في قضايا الأمن الإقليمي، ويجمع البلدين مصلحة مشتركة في الحفاظ على الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر. ولأهمية العمل الإنساني في دولة الإمارات، فقد بلغت قيمة المساعدات الإماراتية للشعب السوداني ما بين 2014 و2025 أكثر من 3.5 مليار دولار أميركي، وقدمت الإمارات مساعدات إنسانية منذ اندلاع النزاع في السودان عام 2023 بقيمة 600.4 مليون دولار، من ضمنها 200 مليون دولار تعهدت بها دولة الإمارات من أجل شعب السودان في المؤتمر الإنساني رفيع المستوى الذي عقد في أديس أبابا 14 فبراير 2025، وداخل السودان تم توزيع 6388 طناً من المساعدات الغذائية لدعم المتضررين من النزاع لتلبية الاحتياجات العاجلة للاجئين السودانيين.أرسلت الإمارات 5032 طناً من إمدادات الغذاء والإغاثة إلى تشاد لدعم اللاجئين السودانيين المتضررين من النزاع، وفي أوغندا قدمت الإمارات 200 طن من المساعدات، بالإضافة إلى دعم مركز صحي و10 مرافق صحية، وحفر 3 آبار لضمان توفير الخدمات الأساسية للاجئين والمجتمعات المضيفة، كما أنشأت الإمارات 3 مستشفيات لتوفير الخدمات الطبية للاجئين في دول الجوار، إلى جانب دعم المنظمات الأممية، حيث قدمت دولة الإمارات 30 مليون دولار لدعم جهود وكالات الأمم المتحدة في مساعدة الدول المجاورة للسودان، وذلك ضمن التزامها بتخفيف تداعيات الأزمة الإنسانية في المنطقة، وخصصت الإمارات 70 مليون دولار لدعم منظمات الأمم المتحدة العاملة داخل السودان. وفي إطار دعمها للنساء المتضررات من الأزمة السودانية، أعلنت الإمارات تقديم 10.25 مليون دولار للأمم المتحدة، والجهود لا تتوقف وهي مستمرة من جميع الجوانب من خلال الدبلوماسية الإماراتية النشطة على عدة صُعُد، بغرض إنهاء القتال في السودان، كتعاونها مع الأشقاء والأصدقاء لإنهاء الأزمة السودانية دون رجعة، وهو ما يبين أن العلاقة بين الدولتين ستبقى مع من يأتي ومن يرحل، لتظل العلاقة الأخوية بين الشعبين أكبر من الخلافات العابرة.*كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات.