فُصَامُ رَفْضُ الفِطَامِ حَاجَةُ الشَّعْبِ وَالنُّخَبِ إِلَى الأَبِ

أكثر من ٦ سنوات فى الشروق

«ثورة» هي أم «انتفاضة»؟ سؤال خيض في أجوبته كثيرا وطويلا. وأزعم أنّ ما حدث حقيقة من 17ديسمبر هو «انتفاضة» دُشّنت بـ»اللّهب». ولكن منذ 14جانفي أمست افتراض «ثورة» بحكم «الهرب». هذا الواقع، أمّا الوقيعة ففي ركوب «ثورة نخب14» المدينيّة، المشكّلة بالكاد «هامش» ربع السّاعة الأخير، «انتفاضة شعب17» الآفاقيّة النّاسجة «متن» الثّلاثة أرباع أو يزيد. افتُقد «الأب» بـ»اللّهب» و»الهرب» وكان لا بدّ من تخليق آخر لحاجة نفسيّة موصولة بإرث ثقافيّ يستدعي «الأب» كـ»عكّاز» ارتكاز. وبُعيد 14جانفي تبيّنت الحاجة الشّعبيّة إلى «البطل»، لا فقط كـ»ضَحِيَّةٍ رِعْدِيدٍ» مفعول به تجسّد في البوعزيزيّ وإنّما كـ»فَاعِلٍ صِنْدِيدٍ». ومن الآباء المتوّجين أبطالا صُبح «الثّورة»: «الجنرال» و»القاضي». فخرج الجنرال رشيد عمّار عن وزارة الدّفاع خطيبا مؤكّدا في المتظاهرين أنّ الجيش حامي الثّورة وهو كقائد أركانه الضّامن فنزّلوه مرتبة «l'homme qui a dit non» للذي هرب وبالانحياز إلى الشّعب. وبالتّزامن تصدّر القاضي فرحات الرّاجحي مقاليد وزارة الدّاخليّة ولعزله قيادات وحلّه التّجمّع مُنح لقب «Mr propre» كصفة اعتباريّة مستمدّة من علامة تجاريّة جامعة «القوّة» إلى «النّظافة». ومع «الأبوين» كان الشّعور بطمأنينة قصيرة ليغيبا لا بقتل طالهم من أبنائهم وإنّما انتحارا. فوزير الدّاخليّة يرعب أبناءه بخروج إعلاميّ يعلمهم به فيخيّبهم فيه: «نَحْنَا هْرَبْنَا par miracle هَاوْ بَاشْ نْقُولْهَا وَاضْحَةْ أَنَا مَثَلاً الكَبُّوطْ مْتَاعِي وِالبُرْتَابِلْ مْتَاعِي سِرْقُوهُمْ». بطل يشوّه صورته بهروبه وسرقته ويعتبر نجاته «معجزة» ونحن الذين «أَبَّوْنَاه» ليحمينا! معجزة رافقت مخيال قائد الأركان، تاج وزارة الدّفاع، الذي أذهل أبناءه بإعلامهم أنّه ليس حاميهم كاعتقادهم فيه بل تونس كلّها محميّة بأوليائها: «نْقُولْهَا وِنْعَاوِدْهَا هَالأَرْضْ هَاذِي رَاهِي أَرْضْ سْخُونَةْ خُوذُونِي بْعَقْلِي إِيْ نْعَمْ فِيهَا أَوْلِيَاءْ صَالْحِينْ»! هكذا انتحر «الآباء» الجدد على صليب الإعلام وبقي الأبناء أيتاما على موائد اللّئام.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على